لقاحات كورونا تقف أمام اختبار جديد لقدراتها

تحول التنافس العالمي بين الدول الكبرى على إنتاج لقاح للحد من انتشار جائحة كورونا إلى تحالفات بين شركات تصنيع الأدوية لتطوير لقاحاتها حتى تكتسب المزيد من الفاعلية لمواجهة طفرة جديدة من متحورات هذا الفايروس، حيث انتشرت في الآونة الأخيرة تقارير وبلاغات تؤكد ظهور سلالتين جديدتين من كوفيد - 19.
واشنطن - أبدى الكثيرون بعودة الحديث عن وباء كورونا في العديد من الدول مع تسجيل ارتفاع في عدد الإصابات يستدعي اليقظة، مخاوف من أن تعجز اللقاحات المضادة للفايروس والمصرح باستخدامها عن توفير الحماية من “إي.جي.5” المتحور الجديد لكوفيد، والذي تُطلق عليه تسمية غير رسمية هي “إيريس”. إلا أن شركة فايزر الأميركية أفادت، الخميس، بأن لقاحها الذي قامت بتطويره وإدخال تعديلات عليه ضد كوفيد – 19، والذي تُجري تجارب لاختبار فعاليته في مواجهة النسخ المتحورة الناشئة، أظهر قدرة على تحييد المتحور “إيريس” خلال دراسة أجريت على الفئران.
وقامت فايزر جنبا إلى جنب مع شريكتها الألمانية “بيونتيك”، بالإضافة إلى شركتي “موديرنا” و”نوفافاكس” اللتين تعملان أيضا في صناعة لقاحات كوفيد – 19، بتطوير نسخ من لقاحاتها تستهدف المتحور الفرعي إكس.بي.بي 1.5. وأعلنت منظمة الصحة العالمية، مؤخرا، عن ظهور متحور فرعي جديد لكوفيد يسمى “إي.جي.5”، وحثت الدول على مراقبة الإصابات بهذا المتحور الذي ينتشر في مختلف أنحاء العالم.
وحذرت المنظمة من أن متحور “إي.جي.5” قد ينتشر على مستوى العالم ويسهم في زيادة حالات الإصابة بسبب خصائصه الوراثية وتقديرات معدل الانتشار، مصنفة هذا المتحور بأنه “مثير للاهتمام”. وأشارت إلى أنه تجب مراقبته عن كثب وبقدر أكبر من التركيز عن غيره بسبب الطفرات التي قد تجعله أكثر قدرة على الانتشار ونقل العدوى أو أكثر حدة من حيث الأعراض المرضية المصاحبة للإصابة.
وتعد المتحورة “إي.جي.5” الأكثر رصدا حاليًا لأنها قد تكون وراء عودة انتشار الوباء، فـ”إيريس” مشابه للمتحور الفرعي “إكس.بي.بي 1.5”، وعلاوة على ذلك فهو سلالة فرعية من المتحور أوميكرون الذي لا يزال مهيمنا. وبناء على توصية منظمة الصحة العالمية، تُعدُّ مجموعات الصيدلة فايزر/بايونتيك، وموديرنا ونوفافاكس لقاحات تستهدف سلالة “إكس.بي.بي” لمحاكاة متحورات الفايروس بشكل أفضل.
وتعزز هذه الشركات العالمية من جهودها داخل مختبراتها لتوفير اللقاحات المناسبة في الوقت المناسب، إذ إن تجارب معملية سابقة أظهرت فشل اللقاحات في الحماية من المتحور أوميكرون. ففي العام 2021 أفادت دراسة أجراها باحثون في مستشفى ماساتشوستس العام التابع لجامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بأن اللقاحات الثلاثة المضادة لفايروس كورونا والمصرح باستخدامها في الولايات المتحدة بدت أقل قدرة بشكل ملحوظ على توفير الحماية من المتحور أوميكرون، وذلك خلال تجارب معملية.
وهذا ما حفز شركات تصنيع الأدوية على العمل بجهود أكبر حتى تستعيد اللقاحات فاعليتها إلى حد بعيد عن طريق جرعة معززة، وهو ما تسعى الآن لإثباته رغم ضبابية الوضع بالنسبة إلى المتحور الجديد. ويعتبر أنطوان فلاهولت، مدير معهد الصحة العالمية في جامعة جنيف، أن “وضع الوباء ضبابي جدا في كل أنحاء العالم”، مضيفا “من الضروري أن تعيد السلطات الصحية نشر نظام صحي موثوق به لمراقبة كوفيد”، مطالبا خصوصا بإجراء تحاليل لمياه الصرف الصحي في أوروبا.
ويُنسب للمتحور “إي.جي.5” أكثر من 17 في المئة من حالات الإصابة بكوفيد – 19 في الولايات المتحدة، بحسب أحدث البيانات الحكومية. وفي الولايات المتحدة، زادت أعداد الحالات التي احتاجت إلى العلاج في المستشفيات بسبب كوفيد – 19 بأكثر من 40 في المئة عن المستويات المنخفضة التي سجلتها في يونيو، لكنها ما زالت أقل بأكثر من 90 في المئة من مستويات الذروة التي بلغتها خلال تفشي المتحور أوميكرون في يناير 2022.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، أُبلغ عن وجود إصابات في 51 دولة، بما في ذلك الصين وجمهورية كوريا الجنوبية واليابان وكندا وأستراليا وسنغافورة والمملكة المتحدة وفرنسا والبرتغال وإسبانيا. ويبقى التطعيم أساسيا، وحثت منظمة الصحة العالمية على “تكثيف الجهود لزيادة التطعيم”.
◙ وكالة الأمن الصحي البريطانية تعلن عن اكتشاف نوع جديد من فايروس كورونا يسمى "بي.إي.2.86"
وتعتزم العديد من البلدان بينها فرنسا تنفيذ حملات تطعيم تركز على الفئات الأكثر ضعفاً في الخريف، إلى جانب حملات ضد الأنفلونزا. ويشير الخبراء إلى أنه بالرغم من أن فاعلية اللقاحات المضادة لكوفيد تتآكل في مواجهة العدوى بمرور الوقت، إلا أنها ما زالت تعتبر وقائية جدا ضد الأشكال الخطيرة. وقالت ماريا فان كيركوف، رئيسة الفريق الفني لمرض كوفيد – 19 في منظمة الصحة العالمية، “لم نكتشف أي اختلاف في شدة ‘إي.جي.5’ مقارنة بالسلالات الأخرى المتحورة من أوميكرون والتي بدأت في الظهور منذ أواخر 2021”.
وكان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس أكد في وقت سابق خلال مؤتمر صحفي أنّ المنظمة لم تعد تعتبر الوباء حالة طوارئ صحية عالمية منذ بداية مايو، إلا أن “الفايروس مستمر في الانتشار في كل البلدان، ويستمر بالقتل والتبدل”. ففي الوقت الذي يبحث فيه الناس من مختلف أنحاء العالم عن أعراض متحور “إي.جي.5” وكيفية الوقاية منه، أعلنت وكالة الأمن الصحي البريطانية أنه تم اكتشاف نوع جديد من فايروس كورونا لديه قدرة كبيرة على التحور في البلاد.
وذكرت أنه تم تحديد طفرة “بي.إي.2.86” في المملكة المتحدة لدى شخص ليس له سجل سفر حديث، حسب وكالة الأنباء البريطانية “بي.أي.ميديا”. وتابعت أن هذا يعني أنه ربما يكون هناك بالفعل “انتقال كبير لحالات الإصابة المجتمعية” بين البريطانيين. وتردد أن المتحور بعيد جدا عن سلفه المحتمل “بي.إي.2.” الذي يعرف باسم “أوميكرون الشبح”. وتم اكتشاف السلالة لأول مرة في الدنمارك في الرابع والعشرين من يوليو الماضي، وتم اكتشاف حالة في الولايات المتحدة في وقت سابق هذا الشهر.
وأكدت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية، في الثامن عشر من أغسطس الحالي، أنها تتعقب سلالة جديدة من الفايروس المسبب لكوفيد – 19، تسمى "بي.إي.2.86". وأضافت "نصيحة مراكز مكافحة الأمراض لحماية أنفسكم من كوفيد - 19 تظل كما هي، وذلك ريثما نجمع المزيد من المعلومات حول (بي.إي.2.86)". وكانت منظمة الصحة العالمية قالت في وقت سابق على منصة إكس للتواصل الاجتماعي (تويتر سابقا) إنها صنفت “بي.إي.2.86” على أنه “متحور تحت المراقبة”، نظرا للعدد الكبير من الطفرات الذي يحمله.