لعب "ماله" يحول دون مغادرة البنات عتبات بيوتهن في رمضان

السبت 2017/06/24
بنات البادية يجدن في لعبة "ماله" متنفسا للتواصل بينهن

ماله، لعبة قديمة في المغرب، وجدت قبل أن تكون هناك لعب ميكانيكية أو إلكترونية، كانت بنات القرى النائية، في مناطق عبدة ودكالة والشياظمة، وبعد إنهائهن لمهامهن في البيت، ومساعدة أمهاتهن في إعداد وجبة الفطور الرمضاني، يخرجن أمام بيوتهن فيجلسن على عتبته يلعبن “ماله” لعبتهن المفضلة بعد لعبة “لا ماري” والقفز على الحبل، وغيرها من الألعاب الطفولية.

وحسب مصادر “العرب” في مدينة الجديدة، جنوب غرب مدينة الدار البيضاء، كانت “ماله”، لعبة شعبية يذكر الأجداد في المغرب أنها لعبة قديمة جدا، كانت الأمهات تشد بها بناتهن أمام البيوت حتى لا يغادرنها ويتهن بين دروب القرية، وفي ذلك خطر عليهن، فالفتاة في البادية المغربية، وحتى اليوم، لازلت تعرف بـ”الحاجبة”، أي لا تخرج وتغادر بيت والديها حتى خروجها إلى بيت زوجها، وطبعا هذا إن كانت لا تدرس في المدارس، عكس قرينتها في المدينة التي تخرج وتدخل متى تشاء دون تجاوز حدود المسؤولية وثقة والديها.

ولذلك كانت بنات البادية يجدن في لعبة “ماله” متنفسا للتواصل بينهن، فقد كنا نشاهدهن ونحن عائدون من السوق يلعبن ويتحدثن، بل ومرات نسمعهن يقهقهن إلى درجة التمايل. يصرح لنا عبدالغفور، تاجر البهائم بمنطقة حد السوالم في ضواحي الدار البيضاء، الذي عاصر وتابع اللعبة في منطقته منذ زمان، معلقا وهو يبتسم “وكم من مرة كنا نهرع، ونحن شباب في اتجاه دائرة البنات، حيث يلعبن “ماله”، ومنا من كان يجلس يريد تقليدهن ومحاكاتهن في اللعب لكنهن كن يهرعن داخل بيوتهن ويتركننا جالسين وحدنا في مكانهن”.

“ماله” اصطلاح عن الميل المتكرر بالجسد لالتقاط الحصى، وذلك بعد رفعه إلى أعلى ثم القبض عليه بخفة ولياقة دون تركه يسقط، أو تنفلت منه واحدة وتسقط في محيط دائرة اللعب، وهي لعبة تعتمد على التركيز ولياقة حركات اليد في القبض والتقاط الحصى.

لا تحتاج اللعبة سوى إلى خمس حصوات، يشرح عبدالغفور لـ”العرب”، أو لقطع من الحجارة الصغيرة المكسرة على المقاس، والمنحوتة بعناية لإزالة خشونتها الحادة حتى لا تؤثر سلبا على أيدي الفتيات وأصابعهن اللطيفة، ثم تجلس أربع بنات أو خمس، أو حتى اثنتين، في شكل دائري، ويرشحن التي تفتتح اللعب بينهن.

ويستمر اللعب والترفيه حتى تنادي إحدى الأمهات ابنتها للدخول لمساعدتها على ترتيب مائدة الإفطار، فيختل اللعب لبعض الوقت، ثم تعود الباقيات إلى التباري بينهن حتى يقترب موعد أذان المغرب، فتبدأ البنات في الانسلال والمغادرة واحدة تلو الأخرى، تاركات الحصى في ركن من أركان عتبة البيت الذي اجتمعن أمامه، إلى وقت لاحق.

21