لجنة الانتخابات الرئاسية في مصر تثير جدلا سياسيا وقانونيا

الخميس 2014/04/03
اختلافات سياسية وقانونية حول قرارات اللجنة العليا للانتخابات المصرية

القاهرةـ أثارت الإجراءات التي وضعتها اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بشأن العملية الانتخابية حالة من الجدل السياسي والقانوني، وسط خلافات بين خبراء القانون وفقهاء الدستور الذين انقسموا حول تلك الضوابط التي وضعتها اللجنة.

وبدأ العد التنازلي للخطوة الثانية والحاسمة في خارطة المشهد السياسي في مصر والمتمثلة في الانتخابات الرئاسية بعد الاستحقاق الدستوري وبدأ معها السباق نحو القصر الجمهوري بين عدة مرشحين لا يزال أبرزهم المشير عبدالفتاح السيسي وحمدين صباحي.

وقد تباينت وجهات نظر عدد من الخبراء القانونيين حول بعض البنود التي وضعتها اللجنة العليا للانتخابات والمنظمة للعملية الانتخابية المقررة أواخر الشهر الجاري، ففي وقت أكد بعضهم في حوارهم مع “العرب” أن جميع المواد التي تم تعديلها جاءت متوافقة مع الدستور الحالي للبلاد، جاءت آراء أخرى مخالفة لتلك التوجهات.

وينتظر الشعب المصري إجراء الانتخابات الرئاسية الجديدة إيذانا ببدء مرحلة جديدة من الاستحقاق السياسي والديمقراطي نهاية الفترة الانتقالية المتبقية، بعد سقوط حكم الإخوان المسلمين، غير أن جدل التشريعات والقوانين لا يزال يقف عقبة أمام الانتقال إلى المرحلة المرتقبة، فبعض بنود القانون الذي أدخلت عليه حزمة من التعديلات لم تكن مقنعة لبعض فقهاء القانون.


7 قرارات


أصدرت اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة المصرية قبل يوم واحد من فتح باب الترشح، 7 قرارات بشأن الضوابط والقواعد المنظمة للعملية الانتخابية، المقرر انطلاقها يومي 26 و27 مايو المقبل، وتضمنت تنظيم رقابة منظمات المجتمع المدني المصرية والأجنبية بعد الحصول على تصريح من اللجنة، حيث لا يعد التصريح سندا لمزاولة أي نشاط آخر في مصر، وتناولت القرارات قواعد تأييد المواطنين لراغبي الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وذلك في أحد مكاتب التوثيق بمصلحة الشهر العقاري، وإجراءات تصويت الوافدين خارج المحافظة التابعة لها محال إقامتهم.

المستشار عبدالوهاب عبدالرازق: الحديث عن أية عيوب أو سلبيات في قرارات اللجنة أصبح لا لزوم له لأنها قرارات تشريعية وقانونية

وقد حددت اللجنة أيضا 20 مليون جنيه كحد أقصى لإنفاق كل مرشح على حملته الانتخابية، و5 ملايين جنيه كحد أقصى في انتخابات الإعادة، فيما يتم تحديد الرموز الانتخابية وفق أسبقية تقديم طلب الترشح، ويسمح بالتصويت لأي مصري خارج مصر مادام اسمه مقيدا بقاعدة بيانات الناخبين، ويحمل بطاقة الرقم القومي أو جواز سفر ساري الصلاحية به الرقم القومي.

وقد تباينت وجهات النظر في أوساط القانونيين حول الإجراءات والقواعد التي وضعتها لجنة الانتخابات الرئاسية لتنظيم عملية تصويت الوافدين في غير محل إقامتهم في انتخابات رئاسة الجمهورية، وذلك لاشتراط تسجيل الناخب بياناته في مكاتب التوثيق لإبداء رغبته أولا وتحديد مواعيد ملزمة بذلك.

و قد أبدى عدد من الفقهاء ملاحظاتهم حول بنود اللجنة والتي لم تكن تخلو من بعض الملاحظات والانتقادات. في هذا الصدد قال أيمن سلامة، أستاذ القانون الدستوري، في حديثه مع “العرب”: "إن الإجراءات التي وضعتها لجنة الانتخابات الرئاسية متعددة المراحل وكثيرة نسبيا مقارنة بالقواعد التي وضعتها اللجنة العليا للانتخابات بشأن تصويت الوافدين في الاستفتاء على الدستور ولكنها أكثر حيطة للتثبت من شخصية الناخبين والتأكد من أن الناخب الوافد مقيد بالفعل بجداول الناخبين، وليس هناك ما يمنع من إدلائه بصوته كأن يكون محروما من مباشرة حقوقه السياسية، وهي ضمانة كاملة للتثبت من شخصية الناخب وعدم تكرار تصويته في أكثر من لجنة".

وأضاف : "لدينا من الآن وحتى إجراء عملية الاقتراع فترة طويلة يمكن استثمارها من خلال المواعيد والجدول الزمني المعلن من قبل لجنة الانتخابات الرئاسية، وهذه الإجراءات من المحتمل أن تؤدي إلى تناقص عدد الوافدين الذين سيجلون بياناتهم في مكاتب التوثيق للإدلاء بأصواتهم في لجان الوافدين، ولكن سيكون مرجع ذلك هو التضجر من الإجراءات وليس العزوف عن المشاركة في الانتخابات".

شخصيات مجهولة مرشحة للرئاسة
رغم الضوابط الجديدة التي وضعتها اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في مصر، لمنع غير الجادين وهواة الشهرة من التقدم لترشيح أنفسهم ، إلا أنه مع بدء فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، قام عدد من هؤلاء بسحب أوراق الترشيح.

فمعظم من تقدموا لسحب الأوراق، شخصيات مجهولة لا يعرف عنها الرأي العام المصري شيئاً ، وهناك شك كبير في استيفائها لشروط الترشح، ومنهم عادل عيد، وهو مدير مدرسة “على المعاش”، ويبلغ من العمر 76 عاما،.. وقال إنه جاء من الإسكندرية لسحب استمارة الترشح، رافضاً الإفصاح عن برنامجه الانتخابي ، "خشية أن يسطو عليه أحد المرشحين المنافسين".

كذلك صبري عبد العزيز خليل، مهندس بشركة جنوب الوادي القابضة للبترول، وأكد أنه سيخوض انتخابات الرئاسة باسم “صبري صدومة” لتخفيف الاسم عند شعبنا اللي معظمهم أمي”، مضيفًا أن هذه ليست المرة الأولى التي يتقدم فيها لانتخابات الرئاسة، حيث تقدم في انتخابات 2005 وحصل على 89 تصديقًا فى الشــهر العقـاري.

من جهته انتقد يحيى الجمل الفقيه الدستوري ونائب رئيس الوزراء المصري الأسبق، الآلية التي حددتها لجنة الانتخابات الرئاسية والخاصة بتنظيم تصويت الوافدين وأكد لـ “العرب” أن الإجراءات والقواعد معقدة لما تضمنته من إلزام الناخب بتسجيل رغبته وبياناته في مكاتب التوثيق “الشهر العقاري” أولا ثم التسجيل في اللجنة الخاصة بالوافدين، مما يشكل عقبات إدارية يجب تداركها ولابد أن تذلل.


مبلغ التأمين


وضعت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في إطار النقاط المنظمة للعملية الانتخابية التزام المرشح الرئاسي للانتخابات بدفع مبلغ 20 ألف جنيه مصري كمعلوم للتأمين وهو ما أثار بعض الانتقادات على حجم المبلغ، ولكن بعض الفقهاء كان لهم رأي مخالف تماما لكل تلك الانتقادات.

وعن موقفه من مبلغ التأمين أوضح المستشار القانوني والدستوري لرئيس الجمهورية علي عوض، لـ “العرب” أنه من السابق لأوانه الحديث عن أية نقاط جدلية في ما يخص قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية وقال: “إن القرارات التي أعلن عنها تأتي في سياق الدستور والقانون، لذلك من الصعب الحديث عن تعديلات على قرارات تأتي في هذا السياق، موضحا أن مبلغ التأمين الذي أصبح 20 ألف جنيه بدلأ من ألف فقط يأتي لخلق نوع من المسؤولية على المرشحين للقيام بواجبهم في ما يخص جدية الانتخابات والقضاء على أي نوع من عدم الجدية والمشاركة في إزالة الأضرار الناشئة عن عملية الدعاية في إطار الحفاظ على الشكل العام للدولة ومظهرها الخارجي بعد انتهاء عملية الانتخابات.

يحيى الجمل: الإجراءات والقواعد التي وضعتها اللجنة العليا للانتخابات معقدة

ورفض المستشار القانوني والدستوري لرئيس الجمهورية التعليق على مسألة الفترات الزمنية التي حددتها اللجنة العليا لتنسيق العملية الانتخابية وترتيبها، معتبرا أن موقعه كمستشار لرئيس الجمهورية يمنعه من التعليق على قرارات اللجنة، مطالبا المنظمات المدنية المنوط بها مراقبة العملية الانتخابية تحري الدقة والموضوعية والعمل وفق متطلبات الوطنية للحفاظ على الكيان.

وعن الهدف من بعض القرارات التي اعتبرتها قوى سياسية نوعا من التضييق عليها لصالح فصيل معين، مثل قرار اللجنة بجمع 25 ألف توقيع كشرط للترشح ومبلغ الـ20 ألف جنيه كـ “تأمين”.. قال المستشار عبدالوهاب عبدالرازق عضو اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية لـ”العرب” : "إن الحديث عن أية عيوب أو سلبيات في قرارات اللجنة أصبح لا لزوم له لأنها قرارات تشريعية وقانونية وفقا للدستور الذي أجمعت عليه غالبية الشعب المصري، وتأتي لضمان جدية الانتخابات وليس الهدف منها عرقلة أحد أو التضييق على فصيل لصالح آخر، لكنها جاءت بناء على دراسة حقيقية من أجل الخروج بالبلاد من المأزق الحالي وحتى يكون هناك مجال للحديث عن التنمية والنهوض بمستواها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي".

ويسعى المرشحون للرئاسة المصرية إلى جمع توكيلات تأييد لما لا يقل عن 25 ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب، وهو بند أقرته اللجنة العليا للانتخابات المصرية، وأوضح مجدي الجارحي نائب رئيس مجلس الدولة في هذا الشأن أن المرشح الذي لن يستطيع جمع التوكيلات المطلوبة خلال الـ20 يوما المحددة، الأولى به ألا يترشح من الأصل لأنه في هذه الحالة سيكون غير جدير بالترشح على خلفية عدم الجدية.

وقال الجارحي لـ”العرب” : إن شروط الترشح المتمثلة في 25 ألف توكيل والمبالغ المالية المخصصة للعملية الانتخابية بداية من مبلغ التأمين ومبلغ الدعاية الانتخابية جاءت لضمان الجدية وعدم الاستهتار".


المصريون بالخارج


عن وضع المصريين بالخارج وطريقة تصويت المغتربين، أوضح السفير بدر عبدالعاطي المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية لـ”العرب” : "أن قرارات اللجنة العليا للانتخابات في ما يخص المصريين المقيمين بالخارج قد تجاوزت الأخطاء التي تم الوقوع فيها في الانتخابات السابقة بما يضمن نجاحها وعدم الشكوى من أية انتقادات من الممكن أن تواجهها". وقال “عبدالعاطي” إن وزارة الخارجية المصرية قد انتهت من التجهيز للانتخابات وتوفير الأجهزة الإلكترونية الخاصة بعملية التصويت، مضيفا أنه لأول مرة سيصبح من حق كل المتواجدين بالخارج التصويت بالرقم القومي وهو ما لم يكن متاحا في الانتخابات السابقة التي كانت تشترط وجود الاسم في بيانات الناخبين.

جدير بالذكر أن القرارات العليا للانتخابات نصت على أن لكل مصري، يوجد خارج البلاد في اليوم الذي تجري فيه انتخابات رئيس الجمهورية، الحق في الإدلاء بصوته في الانتخابات، متى كان اسمه مقيدا بقاعدة بيانات الناخبين، ويحمل بطاقة رقم قومي، أو جواز سفر ساري الصلاحية متضمنا الرقم القومي.

6