لبنان يستعد لإطلاق برنامج معونات يكبح فقر مواطنيه

يسعى لبنان لكبح فقر مواطنيه نتيجة أزمة اقتصادية خانقة هوت بالليرة وفاقمت التضخم وقلصت بشكل كبير من المقدرة الشرائية، إلا أن هذه المساعي مشروطة ببرنامج إصلاحي يشترطه البنك الدولي ولا تزال الحكومة اللبنانية المعطلة تتفاوض بشأنه.
بيروت - يستعد لبنان لإطلاق حزمة معونات مالية شهرية بداية من شهر مارس المقبل، في مسعى لمساعدة مواطنيه، في وقت بات الفقر يطال أغلب السكان في ظل تسجيل التضخم مستويات غير مسبوقة، مع استمرار تدهور قيمة العملة المحلية مقابل الدولار على مدى عامين.
وقال وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار إن حكومته تقدم مساعدات مالية إلى 36 ألف عائلة، لكنها تسعى بالتعاون مع الجهات الدولية المانحة، لزيادة هذا العدد تدريجيا خلال الأشهر القليلة المقبلة لتصبح المساعدات تشمل 725 ألف عائلة.
ولفت حجار إلى “صعوبة الوضع الاجتماعي والمعيشي، في وقت أن الميزانية السنوية العامة لوزارة الشؤون الاجتماعية لم تُقر بعد”، كحال كافة الوزارات الأخرى في ظل تعليق جلسات الحكومة، بسبب خلافات حول التحقيقات بقضية انفجار مرفأ بيروت.

هيكتور حجار: الدفعة المالية الشهرية تتراوح بين 100 و145 دولارا
ورغم ذلك، يعمل الوزير بالتنسيق مع الجهات المانحة والأمم المتحدة لوضع خطة لمساعدة المواطنين الأكثر فقرا وذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى واللاجئين السوريين.
وتطمح الحكومة اللبنانية إلى سد حاجات السكان المعيشية، فيما تتوسع المعاناة الاجتماعية في بلد يعيش على وقع أزمة اقتصادية متفاقمة.
ويشكل ارتفاع الأسعار الهاجس المعيشي الأكبر عقب تقليص دعم استيراد السلع من قبل الحكومة، نتيجة نضوب احتياطي الدولار في البنك المركزي، وملامسته معدل الاحتياطي الإلزامي، إلى متوسط 15 مليار دولار، من 38 مليارا في 2019. وبحسب البنك الدولي، بلغت نسبة التضخم العام الجاري 130 في المئة، بينما كانت 84 في المئة في 2020.
ويعاني لبنان منذ أكثر من عامين أزمة اقتصادية حادة صنفها البنك الدولي من بين أشد 3 أزمات في العالم، أدت إلى انهيار مالي ومعيشي، وزادت من حدتها جائحة كورونا وانفجار ضخم وقع بمرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020.
ويرنو برنامج المعونات اللبنانية إلى تأمين مساعدات أيضا في مجال الطاقة والبيئة والتعليم لللاجئين السوريين المتواجدين في لبنان بالتعاون مع الدول المانحة.
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في لبنان نحو 1.5 مليون وفق تقديرات رسمية، بينما يبلغ عدد المسجلين منهم لدى مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة 900 ألف، يتوزعون على مخيمات عشوائية ومناطق سكنية أخرى.
ووفق تقديرات رسمية يتوزع اللاجئون السوريون على 251 بلدة، إلا أن وزير الشؤون الاجتماعية يتوقع أن يكون العدد أكبر بكثير من الأرقام الرسمية المسجلة.
واطلع حجار الذي زار الأسبوع الماضي مخيمات اللاجئين السوريين في البقاع (شرق)، وكان أول وزير يزور تلك المخيمات منذ بدء النزوح إلى لبنان، على أوضاعهم وعلى أوضاع المجتمعات اللبنانية التي تستضيفهم.
لبنان يعاني من أزمة اقتصادية حادة صنفها البنك الدولي من بين أشد 3 أزمات في العالم، أدت إلى انهيار مالي ومعيشي، وزادت من حدتها جائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت
ومنذ أحد عشر عاما يطبق لبنان برنامج “دعم الأسر الأكثر فقرا” تقدم عبره مساعدات مالية لـ36 ألف عائلة، كانت التقديمات المالية تدفع بالليرة اللبنانية، إلا أنه منذ تأليف الحكومة الحالية وعلى إثر هبوط العملة المحلية، أصبحت تدفع بالدولار. وقال حجار إن الدفعة المالية الشهرية لكل عائلة تتراوح بين 100 و145 دولارا بحسب حجم كل عائلة “الجهات الخارجية المانحة تساهم في تقديم الأموال اللازمة لذلك، وتقدر شهريا بنحو 4 ملايين دولار”.وأوضح أن “الهدف من الزيارة كان معرفة كيفية وضع أولويات المساعدات.. بدأنا عقد اجتماعات مع الدول المانحة لتأمين مساعدات في مجال الطاقة والبيئة والتعليم لتلك المناطق التي تستضيف اللاجئين”.
وكشف أن البرنامج ستتم مضاعفته بالأشهر الثلاثة المقبلة ليشمل 75 ألف عائلة بقيمة 12 مليون دولار شهريا.
وإضافة إلى دعم “الأكثر فقرا”، تسعى الحكومة لتقديم مساعدات مالية لـ150 ألف عائلة أخرى تحت برنامج “دعم شبكة الأمان” الذي تم تأمين الأموال اللازمة له بقرض من البنك الدولي قيمته 247 مليون دولار.
وفي السابع عشر من ديسمبر الجاري وقع الرئيس اللبناني ميشال عون قانونا صدق عليه البرلمان، يتيح عقد اتفاقية قرض مع البنك الدولي لتوفير الأموال اللازمة لهذا البرنامج من المساعدات.
ومن المقرر أن يبدأ دفع المساعدات المالية بحلول مارس المقبل، وتبلغ قيمة الدفعة الشهرية لكل عائلة حوالي 145 دولارا، فضلا عن مساعدة 87 ألف طالب من تلك العائلات ماليا ومن خلال دعم أقساطهم المدرسية.
ورغم مرور 6 أشهر على تصديق البرلمان على قانون آخر يتيح للحكومة منح المواطنين “بطاقة تمويلية”، فإن تنفيذه لم يبدأ، خصوصا أن الأموال المخصصة لتلك المساعدات غير مؤمنة بعد.
وبحسب حجار، ستستفيد من هذه البطاقة 500 ألف عائلة أي حوالي نصف عدد اللبنانيين المقيمين في البلاد، ممن فقدوا قدرتهم الشرائية على إثر الانهيار المالي.
ولفت إلى أن “الحكومة تجري حوارا مع البنك الدولي للحصول على قرض بهدف تأمين الأموال اللازمة لهذه المساعدات”.
وبيّن أن “البطاقة التمويلية” ستوفر مساعدات مالية شهرية بقيمة حوالي 126 دولارا لكل عائلة من العائلات الـ500 ألف التي سيتم اختيارها قريبا بناء على تقييم اقتصادي واجتماعي.
وبما أن الفراغ الحكومي خيّم على ثلاثة أرباع مدة هذا العام، غابت الحلول وتعمقت الأزمة، واصطف اللبنانيون في طوابير انتظار أمام محطات الوقود، وغرق السكان بالعتمة، وباتت أسعار السلع تحلق عاليا.
وكان البنك المركزي يدعم استيراد السلع الأساسية كالمحروقات والأدوية وغيرها، لكن منتصف العام بدأ الدعم يتراجع بعدما هبطت العملات الأجنبية لدى المركزي إلى حد الاحتياطي الإلزامي، 15 مليار دولار.
وقال الرئيس اللبناني في وقت سابق إن خروج لبنان من أزمته قد يستغرق من 6 إلى 7 سنوات، ما يشير إلى موجة التشاؤم باقتراب إيجاد حلول في ظل شلل حكومي نتيجة المناكفات السياسية والحسابات الانتخابية بين شركاء الحكم. وفي سبتمبر الماضي وبعد أيام قليلة على تشكيل حكومة نجيب ميقاتي عقب ثلاثة عشر شهرا من الفراغ الحكومي، أعلن ميقاتي أن حكومته باشرت بإعداد خطة التعافي المالي والاقتصادي آملا بإنجاز برنامج تعاون مع صندوق النقد.
وفي التاسع عشر من ديسمبر الجاري أعلن نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي أن اللجنة الوزارية المكلفة بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي اتفقت مع حاكم مصرف لبنان على أن حجم الخسائر المالية في لبنان بلغ 69 مليار دولار. وتوقع الشامي الوصول إلى اتفاق مبدئي مع الصندوق بين شهري يناير وفبراير المقبلين حول خطة للنهوض الاقتصادي تتضمن إعادة هيكلة القطاع المصرفي وسياسة الموازنة العامة.