لبنانيون يشاركون في "سمفونية الغروب"

بيروت - نظم المعهد الوطني العالي للموسيقى – الكونسرفتوار، بدعوة من رئيسته هبة القواس، حفلة موسيقية على كورنيش بيروت البحري بعنوان “أضواء المنارة، سمفونية الغروب”، شارك فيها أعضاء من الأوركسترا الفلهارمونيّة اللبنانية بإشراف العازفة الروسية أوليانا كيسليتسينا، في بادرة هادفة تسعى إلى إشراك جميع المواطنين في الحفلات السمفونيّة، وإيصال الموسيقى إلى أكبر شريحة من الناس، تحقيقًا للإستراتيجية الثقافية التي ينتهجها الكونسرفتوار.
وأشار بيان المعهد إلى أن هذه الحفلة هي الأخيرة في سياق الحفلات الختامية لموسم الأوركسترا الفلهارمونية، قبل أن تعاود أنشطتها الموسيقية في أيلول المقبل.
حضور كبير من المارة على الكورنيش البحري لبيروت، استوقفتهم الموسيقى الآتية من أوتار عازفي الأوركسترا وآلاتهم النفخية والإيقاعية، الذين اصطفوا على الكراسي المخصصة لهم في مشهد أوركسترالي فريد لحظة الغروب، حينما الشفق يرسم تبعثر ضوء الشمس في لوحة طبيعية موسيقية نادرة. تلك اللحظة الملهمة، التي حدثت في حين يعيش اللبنانيون ترقبا للحرب وخوفا من توسعها، أتت لتؤكد على جدوى الثقافة والموسيقى وتأثيرهما في إضافة بعض جرعات الأمل والإيجابية والفرح.
تضمنت كلمة رئيسة الكونسرفتوار هبه القواس العديد من الرسائل الإيجابية، وتحديدا إعلانها “أن الكونسرفتوار سيكون في كل مناطق لبنان لنشر الموسيقى: “نحن اليوم في هذه البقعة الجميلة من لبنان، على الكورنيش البحري، لنقول إن الموسيقى هي ابنة كل الأمكنة والأزمنة، فلا يحدها موقع ولا جغرافيا. ونحن هنا اليوم لنقول إن لبنان جميل جدا، ونحن نعكس هذا الجمال بالموسيقى والثقافة. من الضروري أن نلتقي في أماكن تذكرنا بحقيقتنا مثل هذا البحر المتوسط وزرقته، وهذا الكورنيش الذي يحتل مطارح عميقة في الذاكرة”.
مشهد آخر مواز بجماله رافق اللوحة الموسيقية في أثناء عزف الأوركسترا لبعض المقطوعات الساحرة، مشهد بائعي الورود من أطفال الكورنيش الذين تجمهروا بدافع الفضول ولبيع ورود يحملونها منذ الصباح. وفي لحظة مؤثرة، بات هؤلاء الأطفال جزءا من الجمهور المدعو إلى الحفلة، بجلوسهم أرضا قرب الكراسي المخصصة للدعوات الرسمية وجمهور الكونسرفتوار.
وبإصغاء لافت ومعبر رافقوا بأسماعهم ونظراتهم العازفين، منسجمين منذ المعزوفة الأولى “لا بورسل دل دستينو أوفرتيرا” للمؤلف الموسيقي الإيطالي جوزيبي فيردي، حتى مقطوعة تشايكوفسكي الختامية وما بينهما من معزوفات عالمية والتي قادتها بمهارة أوليانا العازفة الروسية المتألقة على أوتار كمانها، التي تراقصت مع إحدى أهم الروائع الموسيقية الكلاسيكية.
وبمهارة عالية، تمكنت العازفة في سرعة اللعب بقوس الكمان وانسيابية مترامية، من تظهير الجماليات الموسيقية وتقديمها بإبداع مكتمل ومتواصل خال من الافتعال، فنقلت السمع مع العازفين البارعين الذين جمعهم الانسجام الموسيقي والتناغم، إلى نشوة موسيقية عبر عنها الحضور بالتصفيق والإعجاب”.