لبنانية تساعد الأطفال على تخطي صدمة الانفجار بالدمى

الرسامة يولاند لبكي قررت تطريز مئة دمية لمئة طفلة عِشن تداعيات انفجار بيروت وحرصت على أن تكون كل دمية باسم كل فتاة تأذّت من هذا الحادث.
الأربعاء 2021/01/13
أكثر ما يفتقده أطفال لبنان ألعابهم

بيروت- قررت الرسامة اللبنانية يولاند لبكي أن تعيد للأطفال ألعابهم التي دمرها الانفجار الذي هزّ مرفأ بيروت في أغسطس الماضي، وذلك بصنع دمى مستلهمة من عالم الصور المتحركة.

وقالت لبكي البالغة من العمر 94 عاما، إنها تأثرت كثيرا بمشاهد الدمار، وإن كل تفكيرها كان منصبا على الأطفال وهي تتابع الأخبار عبر شاشات التلفزيون، حيث كانت بعيدة عن العاصمة حينها وهالها مشهد الناس وهم يركضون في كل مكان، والبعض منهم يحاول مد يد المساعدة.

وأضافت أنها لم تفكر طويلا، إذ أنها أجالت بصرها في ما حولها فوقعت عينها على دمية كانت تحتفظ بها في منزلها، وهو ما ألهمها فكرة الانطلاق في صنع دمى للأطفال لمساعدتهم على تجاوز صدمة الانفجار والرفع من معنوياتهم، معتبرة أن أكثر ما قد يفتقده الأطفال حتما سيكون ألعابهم.

تجربة مثيرة
تجربة مثيرة

وقررت لبكي تطريز مئة دمية لمئة طفلة عِشن تداعيات الانفجار. وحرصت على أن تكون كل دمية باسم كل فتاة تأذّت من هذا الانفجار.

وأكد أخصائيو علم النفس أن الأطفال يتعرضون مثل البالغين إلى مواقف أو تجارب حياتية مخيفة وخطرة مثل حوادث الطرقات والنزاعات المسلحة والتفجيرات والإصابات البليغة والجرائم، وكلها تؤدي إلى اضطرابات نفسية مختلفة نتيجة للصدمة مثل اضطرابات التفكير والسلوك والعواطف.

وتسبّب الانفجار بمقتل أكثر من 160 شخصا وإصابة أكثر من 6 آلاف آخرين وتشريد نحو 300 ألف من منازلهم، نحو مئة ألف منهم أطفال، وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” التي قالت إن الناجين “يعانون من صدمة نفسية”.

وبدأت الفنانة التسعينية في صنع الدمى ضمن مبادرة تهدف لصنع مئة دمية، على الرغم من أنه لم يسبق لها فعل ذلك، مؤكدة أن ما فعلته حتى الآن يعد مغامرة، إذ لم يسبق لها خوض هذه التجربة المثيرة.

ويولاند لبكي التي درست الأدب وتاريخ الفن في باريس، ثم درست في نيويورك بمدرسة الفنون البصرية، تختص في رسم المناظر الطبيعية. وقد شاركت في معارض كبرى من بينها مشاركتها بلوحة بعنوان “نظرة الرسامين 200 سنة” في معهد العالم العربي بباريس.

ورسمت لبكي في البداية شخصيات الدمى ثم قامت بتصميم فساتينها وخياطتها بنفسها، إلى جانب حشوها بالقطن، لكنها واجهت بعض الصعوبات أهمها الحصول على ملامح جميلة لوجوه الدمى التي تصنعها، إذ أنها كانت حريصة على ألّا تكون مخيفة.

وأوضحت “في البداية أطرز الوجوه مستعينة بآلة التطريز التي أملكها، وبعد ذلك أصنع الأرجل والذراعين وبقية الجسم، ثم أقوم بحشوها بالقطن، وتأتي بعد ذلك مرحلة خياطة وتفصيل الملابس”، مشيرة إلى أنها مع التقدم في العمل أصبحت تشعر أن ما تقوم به مسلّ للغاية كما لو أنها كانت تلعب.

وتلقت الفنانة التسعينية بعد الانطلاق في توزيع الدمى عددا من الصور لفتيات يلعبن بالدمى التي صنعتها.

وأعربت لبكي عن سعادتها قائلة “الآن يرسلون لي صور الفتيات اللواتي يحملن هذه الدمى. لا يمكن تخيل مدى سعادتي بهذه الصور”.

وخلّف انفجار ميناء بيروت في نفوس العديد من الفنانين جرحا كبيرا، وهو ما دفع البعض منهم سواء من داخل لبنان أو من خارجه إلى تسخير الفنون لإنقاذ مدينتهم وأهاليها، ومن بينهم المغني البريطاني ميكا المولود في لبنان وسلمى حايك وهبة طوجي.

24