لا يوجد مريضان بالسرطان متشابهان

الخلايا السرطانية الموجودة في المريض الواحد ليست ذاتها وتختلف من حيث هويتها البيولوجية.
الاثنين 2024/08/19
لكل مريض سرطان علاجه الخاص

قدم فريق من الباحثين اختراقا في مجال مرض السرطان يتمثل في أن المرض يختلف من مريض إلى آخر وأن العلاج يجب أن يكون مختلفا أيضا حتى ولو كان المريضان مصابين بنفس نوع السرطان. وأكد فريق البحث أن الخلايا السرطانية الموجودة في المريض الواحد ليست ذاتها وتختلف من حيث استجابتها للعلاج، لذلك يمكن أن يتلقى المريض ثلاثة أنواع من العلاج دفعة واحدة.

واشنطن - شارك الفريق العلمي الذي يرأسه البروفيسور فيليب سالم في أعمال المؤتمر الذي عقدته الجمعية الأميركية للأبحاث السرطانية في اليابان تحت عنوان “الجمعية الأميركية للأبحاث السرطانية، الاختراق”.

وقدم الفريق نتائج الأبحاث الجديدة في معالجة الأمراض السرطانية التي تعتبر اختراقا علميا، والتي كانت أجريت في مركز سالم للسرطان في مدينة هيوستن. واعتبرت هذه الأبحاث انقلابا على الفكر التقليدي لمعالجة الأمراض السرطانية، لأنها ارتكزت على فكرتين أساسيتين.

وقال سالم “إن أول فكرة هي ما تعلمناه في العشر سنوات الماضية أن الخلايا السرطانية الموجودة في المريض الواحد ليست ذاتها بل هي تختلف اختلافا جذريا بالنسبة إلى هويتها البيولوجية وبالنسبة إلى استجابتها للعلاج. بعض هذه الخلايا يستجيب للعلاج المناعي والبعض يستجيب للعلاج الكيميائي والبعض الآخر يستجيب للعلاج المستهدف. لذلك قررنا أن نعالج المريض منذ البداية بهذه العلاجات الثلاثة”.

وأضاف “أما الفكرة الثانية فإننا تعلمنا أيضا أن ليس هناك مريضان مصابان بالسرطان مصابين بنفس المرض السرطاني. كنا ولا نزال مثلا نعالج المئات من المرضى المصابين بسرطان الرئة بنفس البروتوكول ولكننا نعلم اليوم أن ليس هناك مريضان مصابان بنفس المرض إذ إن المرض يختلف من مريض إلى آخر. في الماضي كنا نشخص المرض بناء على التشخيص الميكروسكوبي وحده، أما اليوم فنحن نشخص المرض ليس فقط بناء على التشخيص الميركروسكوبي بل أيضا بناء على التشخيص البيولوجي الذي يحدد هوية المرض البيولوجية. لقد اكتشفنا أن الهوية البيولوجية قد تكون أهم من الهوية الميكروسكوبية وهي تختلف من مريض إلى مريض ولو كان هذا المريض مصابا بنفس المرض حسب التشخيص الميكروسكوبي”.

فيليب سالم: من الخطأ معالجة المئات من المرضى بالعلاج نفسه
فيليب سالم: من الخطأ معالجة المئات من المرضى بالعلاج نفسه

واعتبر سالم أن “من الخطأ معالجة المئات من المرضى بالعلاج نفسه، في إستراتيجيته كل مريض يأخذ علاجا يختلف عن العلاج الذي يأخذه مريض آخر. إن الفكر التقليدي لمعالجة الأمراض السرطانية بواسطة بروتوكول واحد هو شيء أصبح من الماضي وليس من المستقبل. إن المستقبل هو الإستراتيجية العلاجية التي طورناها بحيث إن العلاج يقاس على قياس الشخص المريض وقياس المرض السرطاني الذي يشكو منه. هذا بالطبع يعتبر انقلابا على الفكر التقليدي لمعالجة المرضى المصابين بالسرطان”.

وأضاف “لذلك وحسب هذه الإستراتيجية فكل مريض يعالج بالعلاجات الثلاثة: الكيمائي والمناعي والمستهدف. ولكن بروتوكول معالجة كل مريض يختلف عن بروتوكول المريض الآخر. في هذه الإستراتيجية ليس هناك مريضان يأخذان العلاج نفسه”.

وقدم فريق البروفيسور سالم نتائج الأبحاث التي قام بها، وعالج 58 مريضا ومعظمهم كانوا قد استهلكوا كل العلاجات التقليدية ولم يبق أمامهم سوى خيار الموت أو العلاج الملطف. ومن هؤلاء المرضى حصل 52 في المئة منهم على استجابة كاملة، وحصل الثلث منهم على استجابة جزئية. هذا يعني أن أكثر من 80 في المئة من المرضى استجابوا لهذه الإستراتيجية. بالطبع هذه النتائج تشكل اختراقا علميا. إذ إن الاستجابة الكاملة للعلاجات التقليدية هي أقل من 15 في المئة. إن الاستجابة الكاملة تعني زوال كل مظاهر المرض إلا أنها لا تعني الشفاء التام. أما الاستجابة الجزئية فتعني انكماش المرض أكثر من 50 في المئة من حجمه قبل العلاج. ومن أهم ما جاء في هذه الأبحاث أن 16 مريضا من هؤلاء المرضى كان قد طلب منهم في أعظم مراكز السرطان في الولايات المتحدة الأميركية أن يتحضروا للموت، ومن هؤلاء 9 مرضى استجابوا استجابة كاملة. وخمسة من هؤلاء يعيشون اليوم بعد 5 سنوات من البدء بالعلاج. وهنا يجب التشديد على أن المريض الذي يحصل على استجابة كاملة يصبح مرشحا للشفاء التام. إذ إن الشفاء التام لا يمكن الوصول إليه قبل الحصول على استجابة كاملة.

وللإشارة فقد تم نشر ملخص لهذه الأبحاث في ملحق خاص للمجلة العلمية “ذو جورنال أوف كلينيكل أونكولوجي”. وهذه المجلة تعتبر من أهم إن لم تكن أهم مجلة علمية للأبحاث السرطانية السريرية في الولايات المتحدة الأميركية. كما أن الجمعية الأميركية للأبحاث السرطانية هي أعلى منبر للأبحاث العلمية في هذه الأمراض.

ولفت سالم إلى أن “مسار المعرفة هو مسار تراكمي وها قد بنينا مدماكا كبيرا في هذا البناء. وقد فتحنا نافذة في هذا الحائط أمام المريض ليطل المريض على الحياة بدل أن يطل على الموت”، معتبرا أن “هذه الإستراتيجية التي طورت في مركز سالم للسرطان في مدينة هيوستن هي أهم علاج في يومنا هذا لمعالجة الأمراض السرطانية في مراحلها المتقدمة. وقد أعطيت هذه الإستراتيجية اسما خاصا بها ‘إي.سي تريبلاكس’. هذا الاسم يحدد هذه الإستراتيجية كما أنه يحدد الباحثين الذين طوروها في مركز سالم للسرطان في مدينة هيوستن”.

وختم “في هذه الإستراتيجية قد قدمنا أملا لهؤلاء المرضى الذين لم يكن لهم أمل. ويمكنني القول إن أهم ما تعلمته في 56 عاما التي قضيتها في معالجة الأمراض السرطانية أنه ليس هناك شيء مستحيل وأنه ليس هناك حائط مسدود. وتعلمت أيضا أنه يمكنك الوصول إلى مكان لم تكن تحلم به إذا أنت عملت أكثر من أقصى المستطاع وليس المستطاع فقط”.

ويشير السرطان إلى أي مرض ضمن عدد كبير من الأمراض التي تتميز بتطور خلايا شاذة تنقسم بطريقة لا يمكن السيطرة عليها ولديها القدرة على التسلل وتدمير أنسجة الجسم الطبيعية. وتكون للسرطان في الكثير من الأحيان القدرة على الانتشار في جميع أنحاء الجسم.

والسرطان هو السبب الرئيس الثاني للوفاة في العالم. لكن معدلات البقاء على قيد الحياة تتحسن لأنواع كثيرة من السرطان بفضل التحسينات التي تشهدها طرق الكشف عن السرطان وعلاجه والوقاية منه.

وتختلف العلامات والأعراض الناتجة عن السرطان تبعا للجزء المصاب من الجسم.

لكل مريض علاجه الخاص

وتتضمن بعض العلامات والأعراض العامة المرتبطة بالسرطان، ولكنها ليست خاصة به، ما يلي:

ـ الإرهاق.

ـ وجود كتلة أو منطقة سميكة يمكن الشعور بها تحت الجلد.

ـ تغيّرات في الوزن، ويشمل ذلك زيادة أو فقدان غير مقصود للوزن.

ـ تغيّرات في الجلد، مثل اصفراره أو اسمراره أو احمراره، أو الإصابة بتقرحات لا تلتئم، أو ظهور تغيّرات في الشامات الموجودة.

ـ تغيّرات في عادات التبرّز والتبوّل.

ـ سعال مستمر أو صعوبة في التنفس.

ـ صعوبة في البلع.

ـ بحَّة الصوت.

ـ عسر الهضم المستمر أو الشعور بالانزعاج بعد الأكل.

ـ ألم مستمر مجهول السبب في المفاصل أو العضلات.

ـ حمى أو تعرّق ليلي على نحو مستمر وبلا سبب معروف.

ـ نزيف أو كدمات بلا سبب معروف.

16