"لا تفسير" لملابسات وفاة الآلاف من العمال في قطر

منظمة العفو تطالب السلطات القطرية بالتحقيق في ظروف وفاة الآلاف من العمال المهاجرين بشكل مفاجئ وغير متوقّع.
الخميس 2021/08/26
اضطهاد منهجي وأوضاع متردية

الدوحة - طالبت منظمة العفو الدولية "أمنستي" الخميس قطر التي تستضيف العام المقبل بطولة كأس العالم لكرة القدم بالتحقيق في ملابسات وفاة العديد من العمّال المهاجرين، مؤكّدة حصول سلسلة وفيات ظلّت بلا تفسير، في ظل تجاهل السلطات القطرية للعديد من الدعوات الحقوقية المنادية بتحسين ظروف العمالة الوافدة التي تعاني من أوضاع متردية.

وغالبا ما توجّه المنظمات الحقوقية الدولية إلى الإمارة الخليجية الغنيّة بالغاز انتقادات بسبب الظروف التي يعمل فيها مئات الآلاف من العمّال، ولاسيما الآسيويين منهم، في مواقع بناء المنشآت الضخمة التي ستستضيف أحد أهمّ الأحداث الرياضية في العالم.

وتواترت التقارير الإعلامية والحقوقية الدولية بشأن الأوضاع المزرية لظروف عمل مئات الآلاف من العمال الأجانب في قطر وإقامتهم، بينما أوضاعهم المادية لا تسمح لهم بالتوقّف عن العمل تحت طائلة انقطاع رواتبهم وخسارة المورد الوحيد لعيشهم وعيش أسرهم في بلدانهم الأصلية.

وفي آخر تقرير بعنوان "في مقتبل العمر: تقاعس قطر عن التحقيق في حالات وفاة العمّال الأجانب والتعويض عنها وتفادي حدوثها"، قالت أمنستي إنّ هناك "أدلّة واضحة على تقاعس قطر المزمن عن تفادي حالات وفاة العمال الأجانب والتحقيق فيها والتعويض عنها".

وأوضحت المنظمة الحقوقية غير الحكومية أنّ تقريرها "يضع الآلاف من الوفيات التي لا تفسير لها في صفوف العمال الأجانب طيلة العقد الماضي في سياق مقلق جدا".

ولفت التقرير إلى أنّه "على مدى العقد الماضي، توفي الآلاف من العمال الأجانب بشكل مفاجئ وغير متوقّع في قطر، على الرّغم من اجتيازهم الفحوصات الطبية الإلزامية قبل السفر إلى البلد".

وأضاف أنّه "على الرّغم من الأدلّة الواضحة على أنّ الإجهاد الحراري قد شكّل مخاطر صحّية كبيرة للعمّال، إلا أنّه لا يزال من الصعب للغاية معرفة عدد الأشخاص الذين توفّوا نتيجة لظروف عملهم. وهذا لأنّ السلطات القطرية، في معظم الحالات، لا تحقّق في السبب الكامن وراء وفاتهم".

وأكدت أمنستي في تقريرها أنّه "بدلا من ذلك، يُذكر في شهادات الوفاة عادة أنّ الوفاة لـ'أسباب طبيعية' أو 'سكتة قلبية'، وهي أوصاف لا معنى لها تقريبا في إثبات الوفيات، وبالتالي لا يتمّ وصل الوفاة بظروف عملهم".

ولفتت إلى أنّه في نظام رعاية صحيّة جيّد التمويل كالنظام الصحّي القطري يجب أن يكون من الممكن تحديد سبب الوفاة في جميع الحالات باستثناء واحد في المئة، لكنّ هذه النسبة ترتفع في قطر في حالات العمال الأجانب إلى 70 في المئة وفقا لسجلات اطلعت عليها أمنستي في البلدان الأصليّة للمهاجرين.

وقالت أمنستي إنّها حلّلت 18 شهادة وفاة صدرت عن السلطات القطرية بين عامي 2017 و2021، بينها 15 شهادة استخدمت فيها مصطلحات غامضة بينها "قصور في القلب غير محدّد" و"فشل تنفّسي حادّ لأسباب طبيعية".

ونقلت المنظمة عن ديفيد بيلي، الاختصاصي في علم الأمراض وعضو "مجموعة العمل المعنية بشهادة الوفاة" في منظمة الصحة العالمية قوله إنّه "بشكل أساسي، فإنّ الجميع يموتون في النهاية بسبب فشل في الجهاز التنفّسي أو القلب. هذه العبارات لا معنى لها إن لم تُقرن بتفسير للسبب".

وطالبت أمنستي في تقريرها السلطات القطرية خصوصا "بإجراء تحقيق مستقلّ وشامل وشفّاف في جميع حالات وفاة العمّال الأجانب، وإنشاء آلية لتقديم تعويض كاف لأسر جميع العمال الأجانب المتوفّين الذين ربّما أسهمت أوضاع عملهم في وفاتهم".

وكانت الدوحة نفت معلومات أوردتها في فبراير صحيفة الغارديان البريطانية، ومفادها أنّ أكثر من 6500 عامل مهاجر لقوا حتفهم في قطر منذ 2010، العام الذي حصلت فيه الدولة الخليجية على شرف استضافة كأس العالم.

وأجرت الدوحة سلسلة من الإصلاحات على قوانين العمل، لكنّها ما زالت تتعرض لانتقادات من قبل منظمات حقوقية نظرا لسجلها في انتهاكات حقوق العمال، خاصة منذ بدء العمل على منشآت كأس العالم.