"لا تستنسخني آليّا".. تضاف إلى قائمة الوصايا قبل الوفاة

شركة "سومنيوم سبايس" تسعى لصناعة نسخاً افتراضية من المستخدمين خلال حياتهم بالاعتماد على الميتافيرس.
الاثنين 2023/06/12
هل يخفف الذكاء الاصطناعي ألم الفقد أم يزيده

أصبحت هناك شركات ناشئة تتيح لزبائنها إمكانية البقاء على اتصال افتراضي مع أشخاص فارقوا الحياة بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، في مجال لا يزال يلفه غموض كبير ويثير تساؤلات كثيرة.

دبلن - يفتح التطور الذي شهده الذكاء الاصطناعي الباب أمام إمكانية استنساخ نسخة رقمية لأي شخص بعد وفاته واستخدامها بعد ذلك سواء عبر منصات محادثة الذكاء الاصطناعي أو ما يسمى بالتزييف العميق، دون موافقة الشخص قبل وفاته.

وحذرت دراسة قانونية أعدتها كلية أستون للقانون في جامعة كوينز بلفاست وكلية القانون في جامعة نيوكاسل البريطانية من إمكانية استخدام ما يسمى بـ”الشبح الآلي” أو “جوست بوت” لإعادة تكوين شكل أو صوت أو حتى السمات الشخصية لأفراد ماتوا، سواء عبر تطبيقات محادثة الذكاء الاصطناعي أو الهولوغرام أو فيديوهات التزييف العميق.

وقال خبراء القانون إنه “في حين لا يُعتقد أن الشبح الآلي يمكن أن يسبب ضررا فعليا، فالمحتمل أنه يمكن أن يسبب ضغوطا عاطفية وأضرارا اقتصادية وخاصة بالنسبة إلى أحباء المتوفى وورثته”.

ويدعو الخبراء إلى إضافة بند “لا تستنسخني آليا” إلى الوصايا التي يكتبها الأشخاص قبل وفاتهم لكي يتأكد ورثتهم أنهم لن يتعرضوا للابتزاز من جانب أشخاص استطاعوا استنساخ صورة رقمية لقريبهم باستخدام الذكاء الاصطناعي.

إلى أي مدى يمكن القبول بوجود افتراضي لشخص محبوب متوفٍ يمكنه، بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي، قول أشياء لم يقلها قبل وفاته؟

وفي بداية أبريل الماضي أثار رائد الأعمال والمهندس براتيك ديساي ضجة من خلال دعوته الأشخاص إلى “البدء بالتقاط تسجيلات” بالصوت أو الفيديو “للوالدين وكبار السن والأقارب”، لافتاً إلى أنه اعتباراً من “نهاية هذا العام” سيكون ممكناً إنشاء شخصية افتراضية بتقنية التجسيد الرمزي (أفاتار) لشخص متوفى. وأوضح أنه يعمل على مشروع في هذا الاتجاه.

وأثارت الرسالة التي نُشرت على تويتر زوبعة من الانتقادات، ما دفعه بعد بضعة أيام إلى تأكيد أنه ليس “نابش قبور”. وقال “هذه مسألة شخصية للغاية وأنا أعتذر بصدق لأني أذيت أشخاصاً”.

ويوضح ستيفن سميث بشأن “ستوري فايل” أن هذا المجال “حساس أخلاقياً ونحن نتخذ احتياطات كبيرة”.

وتسعى شركة “سومنيوم سبايس” التي مقرها لندن، بالاعتماد على الميتافيرس، لأن تصنع نسخاً افتراضية من المستخدمين خلال حياتهم، سيكون لهم وجود خاص، من دون تدخل بشري، في هذا العالم الموازي بعد وفاتهم.

ويقر المدير العام للشركة أرتور سيشوف بأن هذه الخدمة “ليست موجهة للجميع بالطبع”، وذلك في مقطع فيديو نُشر على يوتيوب حول منتج الشركة المسمى “ليف فوريفر” (العيش الأبدي) الذي أعلنت أنه من المزمع إطلاقه في نهاية هذا العام. ويضيف “هل أريد أن ألتقي بجدي بواسطة الذكاء الاصطناعي؟ سيكون ذلك متاحاً لمن يريد ذلك”.

والسؤال الذي يُطرح هنا هو: إلى أي مدى يمكن القبول بوجود افتراضي لشخص محبوب متوفٍ يمكنه، بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي، قول أشياء لم يقلها قبل وفاته؟

دراسة قانونية حذرت من إمكانية استخدام ما يسمى بـ"الشبح الآلي" أو "جوست بوت" لإعادة تكوين شكل أو صوت أو حتى السمات الشخصية لأفراد ماتوا

ويقرّ جوزيف مورفي بأنّ “التحديات فلسفية وليست فنية”. ويقول “لا أعتقد أن المجتمع صار جاهزا اليوم. هناك خط لم نخطط لتجاوزه”.

ويوضح مدير خدمة “ري ميموري”، التي تضم بضع عشرات من المستخدمين، أن هذه التقنية “موجهة إلى فئة محددة، وليست قطاعاً للنمو”، مضيفاً “لا أتوقع أن يحقق ذلك نجاحاً كبيرا”.

وتعتبر كاندي كان، الأستاذة في جامعة بايلور التي تجري حالياً بحثاً في هذا الموضوع بكوريا الجنوبية، أن “التفاعل مع نسخة بالذكاء الاصطناعي لشخص من أجل عيش مرحلة الحداد يمكن أن يساعد (…) على المضي قدماً مع الحد الأدنى من الصدمات، لاسيما بمساعدة شخص محترف”.

وأجرت أستاذة علم النفس الطبي في جامعة جونسون أند ويلز ماري دياس مقابلات مع العديد من مرضاها الذين يعيشون مرحلة حداد، حول الاتصال الافتراضي مع ذويهم المتوفين. وتوضح أن “الإجابة الأكثر شيوعاً كانت: أنا لا أثق في الذكاء الاصطناعي، أخشى أن يقول شيئاً لن أتقبله”.

يذكر أنه قبل وقت طويل نسبيا من التطورات الأخيرة في مجال الذكاء الاصطناعي مثل ظهور منصة محادثة شات جي.بي.تي أطلق موقع ماي هيرتيدج في عام 2021 خدمة سماها “الحنين العميق إلى الماضي” وتسمح للمستخدمين بتحويل الصور الفوتوغرافية لأقاربهم الراحلين إلى صور متحركة.

ويرى الخبراء أن المواد الرقمية التي يتركها الأشخاص أثناء حياتهم وبخاصة على منصات التواصل الاجتماعي ستجعل من السهل استنساخ شخصياتهم رقميا بعد وفاتهم باستخدام الذكاء الاصطناعي، خاصة وأن القوانين الحالية لا تتعامل مع مثل هذه الممارسات.

18