لا تدخين على عجلة القيادة في تركيا

تواصل تركيا التقدم في خطتها لمكافحة التدخين، حيث أعلنت وزارة الصحة التركية عن نواياها في توسيع نطاق قانون حظر التدخين ليشمل وسائل النقل العمومي والسيارات الخاصة. وتندرج هذه الخطوة في إطار مساعي الحكومة للحد من استهلاك التبغ وتقليل أعداد المدخنين الأتراك الذين مازالت نسبتهم مرتفعة بالرغم من الإجراءات المتبعة من قبل الحكومة وبالرغم من الإحصائيات التي تقول إن هناك تراجعا في استهلاك التبغ.
الأربعاء 2017/08/23
التدخين أهم وسائل التسلية

أنقرة – أعلنت وزارة الصحة التركية مؤخرا أن هناك توجها حكوميا لوضع قانون يوسع نطاق حظر التدخين من الأماكن العامة ووسائل النقل العمومي ليشمل السيارات الخاصة وخصوصا أثناء القيادة.

وفي العام 2008 وضعت تركيا حيز التنفيذ قانونا يحظر التدخين في الأماكن العامة المغلقة وفي مواقع العمل، ويشمل هذا القانون وسائل النقل المشترك. وتقدر الخطية المالية المسلطة على المخالفين بحوالي 88 ليرة تركية أي ما يعادل 25 دولارا.

وأعلنت الوزارة أنه سيتم اعتماد شكل موحد بالنسبة إلى منتجات التبغ المنتجة في تركيا والمستوردة من الخارج عبر توحيد شكل ولون علبة المنتج ونمط العلامة التجارية، ونمط الخط وحجمه والعبارات والأرقام، كما سيتم إخفاء شعار أو رمز العلامة التجارية. ومنذ عام 2015 تُطبّق في تركيا العديد من القوانين المتعلقة بمنع التدخين وذلك ضمن برنامج وطني لمكافحة التدخين، حيث تباع جل منتجات التبغ في علب باللون الأسود ليكون شكلها أقل جاذبية بالنسبة إلى المستهلك.

ويعتبر التدخين من الآفات واسعة الانتشار في المجتمع التركي، حيث يقبل عليه مستهلكون من مختلف المستويات الاجتماعية ومن مختلف الأعمار.

وبلغت قيمة استهلاك التبغ عام 2015 في تركيا ما يناهز 125 مليارا، وبالرغم من مساعي الحكومة للحد من إدمان التبغ والحد من نسبة المدخنين عبر رفع أسعار منتجات التبغ، إلا أن أعداد المدخنين في تركيا مازالت مرتفعة بالرغم من تسجيلها لنوع من الانخفاض في السنوات الأخيرة. ويقبل الأتراك على التدخين كوسيلة للتسلية وإمضاء أوقات الفراغ.

ووفقا لبيانات هيئة تنظيم سوق التبغ والكحول في تركيا الصادرة في يونيو 2017، فقد أنفق المدخنون في تركيا أكثر من 185.5 مليار ليرة تركية (ما يعادل 53 مليار دولار) على التبغ والسجائر خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، مع تسجيل انخفاض تدريجي منذ وصول الاستهلاك إلى ذروته في العام 1999.

حظر التدخين في الأماكن المغلقة لعب دورا في تخفيض معدل الاستهلاك، حيث يحظر التدخين داخل المقاهي والمطاعم

وخلال الخمس سنوات الماضية كان متوسط الاستهلاك اليومي يتجاوز 131 مليون سيجارة في جميع أنحاء تركيا. ورغم انخفاض الاستهلاك المحلي العام، فإن المدخنين يفضلون بشكل متكرر السجائر المستوردة عن السجائر المحلية، حيث مثّل الإنتاج المحلي نسبة 42 بالمئة من السوق عام 2003 بينما وصل إلى 13.3 بالمئة فقط في العام الماضي، رغم أن تركيا تعد من كبار منتجي التبغ في العالم.

ويشير الخبراء إلى أن قرار حظر التدخين في الأماكن المغلقة لعب دورا أساسيا في تخفيض معدل الاستهلاك، حيث حظر هذا القانون التدخين داخل المقاهي والكافيتيريات والحانات ومقاهي النرجيلة والمطاعم وجميع الأماكن التابعة للمؤسسات والجمعيات وجميع المباني القانونية الخاصة والعامة. ووفقا لخبراء فإن العامل الرئيسي الآخر في انخفاض مبيعات السجائر هو زيادة الوعي العام بمخاطر التدخين غير المباشرة والتدخين بشكل عام.

ويرجحون أن إعلانات الوسائط العامة كانت فعالة أيضا في نشر رسائل التوعية الصحية. وبالرغم من ذلك، لا يزال حضور منتجات التبغ كبيرا في السوق التركية، حيث اشترى المدخنون 494.3 مليار سيجارة بين عامي 2012 و2016 تقدر قيمتها بأكثر من 185 مليار ليرة تركية، كما حققت شركات التبغ أكثر من 47 مليار ليرة تركية من عائدات مبيعات السجائر في العام الماضي لوحده.

وارتفعت مبيعات السجائر بنسبة 2.2 بالمئة عام 2016 مقارنة بالعام الذي سبقه، بينما ارتفعت إيرادات الشركات المنتجة لها بنسبة 20.9 بالمئة. وشهد إنتاج التبغ انخفاضا في تركيا لكن زادت وارداته من الخارج، حيث بلغت نسبة الإنتاج المحلي في عام 2003 42 بالمئة والباقي كان من نصيب التبغ المستورد، أما في العام 2016 فقد أنتجت الشركات المحلية 13.3 بالمئة فقط من التبغ وبلغت كمية الاستيراد 86.7 بالمئة.

المدخنون في تركيا أنفقوا أكثر من 53 مليار دولار على التبغ والسجائر خلال الأعوام الخمسة الأخيرة

وورد في آخر تقرير لمنظمة الصحة العالمية حول التبغ ومضاره، نشر في شهر يوليو الماضي، أن 8 بلدان من بينها تركيا تعد الأكثر تنفيذا لتدابير مكافحة التدخين على أرفع المستويات. وأوضحت المنظمة أن الدول الثماني هي تركيا والبرازيل وإيران ومدغشقر ومالطا وبنما وبريطانيا وأيرلندا الشمالية.

وتتمثل هذه التدابير التي وضعتها المنظمة لدفع الحكومات نحو مكافحة التدخين في القيام برصد تعاطي التبغ وسياسات الوقاية، وحماية الأشخاص من دخان التبغ، وتقديم المساعدة للإقلاع عن تعاطي التبغ، وتحذير الأشخاص من مخاطره وإنفاذ حظر إعلان التبغ والترويج له ورعايته، وزيادة الضرائب المفروضة عليه.

ويرى المؤيدون للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذين يعتبرونه قدوة ويضعون كل ما يقوم به في خانة القائد العظيم، أنه يعتبر من الشخصيات الرائدة في مجال مكافحة التدخين. وتقول صحف محلية إن أردوغان يكره التدخين ويحاربه ويجبر جميع من يقابلهم سواء في الشوارع أو الأسواق وحتى في المساجد على الإقلاع عنه، حيث يأخذ منهم تعهّدا مكتوبا بعدم العودة له مرفقا بتاريخ.

وتضيف أن حرب الرئيس التركي على التبغ تجاوزت حدود بلاده، وتذكر أنه أثناء حضوره قمة الناتو المنعقدة في مدينة وارسو، السنة الماضية، تحدث مع وزير خارجية بلغاريا حيث تبعه إلى المكان المخصص للمدخنين وطلب منه وعدا بالإقلاع عن التدخين.

وقالت تقارير تركية أخرى إن الرئيس أردوغان فاجأ مذيعة تركية شهيرة حاصلة على جائزة أفضل مذيعة تركية لعام 2016 تدعى نازلا تشيلك، وذلك أثناء تواجدها على متن طائرة رئاسية ضمن الفريق الصحافي المرافق له إلى باكستان لحضور القمة الـ13 لمنظمة التعاون الاقتصادي، في شهر فبرار الماضي، بطلبه منها الإقلاع عن التدخين، وطلب منها وعدا بالإقلاع عن التدخين حفاظا على صحتها ولم يكتفِ بالوعد بل طلب منها تعهدا مكتوبا، كتبت فيه “أنا أقلعت عن التدخين”، مرفقا بتاريخ اليوم مصححا باسمها ويحمل توقيعها.

12