لاعبون ومشجعون ينعمون بهواء منعش في مونديال قطر

تقنية تبريد الملاعب المفتوحة تثير الجدل حول الرياضة المستدامة.
السبت 2022/05/21
كراس مبردة

أثار الطقس الحار في قطر جدلا واسعا حول الظروف التي ستتم فيها بطولة العالم لكرة القدم، وما سيعانيه اللاعبون والمشجعون من مناخ لم يعتادوا عليه، لكن الدوحة ترد على هذا الجدل بتكييف الملاعب المفتوحة الأمر الذي سيتيح للجماهير والفرق الاستمتاع بهواء منعش ومعتدل حتى في عز الصيف.

الدوحة- يُعرف عن قطر طقسها الحار، لكنّ مشجعي كرة القدم قد يضطرون لارتداء سترات تقيهم البرد في الملاعب المزودة بأحدث أجهزة تكييف الهواء، خلال نهائيات كأس العالم لكرة القدم التي تستضيفها الإمارة الصحراوية الغنية بالغاز نهاية العام الحالي.

وتريد الدوحة من التقنية الجديدة لتبريد الملاعب المفتوحة أن تبرهن على أنه من الممكن أن يتم التحكم بدرجة الحرارة في الملعب والمدرجات خلال إقامة مباريات كرة القدم حتى في شهري يونيو ويوليو ممهدة بذلك الطريق ولأول مرة في التاريخ لإقامة حدث رياضي عالمي كهذا وفي ملعب مفتوح ومبرد في الهواء الطلق.

بالنسبة إلى مهندس نظام التكييف هذا، فإنّ تبريد الملاعب سيصبح بمثابة قاعدة ثابتة في الأحداث الرياضية الضخمة في المستقبل.

عمل سعود عبدالعزيز عبدالغني، المعروف باسم “دكتور كول”، لمدة 13 عاماً على نظام التبريد الذي يقول إنه يساعد اللاعبين على تجنّب الإصابة، والحفاظ على صحة العشب، وحتى التخلص من رائحة الجسم في الاستاد المزدحم.

◙ بطولة الدوحة ستلغي الحاجة إلى الرحلات الداخلية عبر الطائرات وسيؤدي نظام المترو الجديد إلى خفض كبير لمستوى الانبعاثات

وفي وقت سابق استعرض عبدالغني ، تقنية تبريد الملاعب بالتركيز على استاد خليفة ، بداية من التصميم واستخدام مراوح عملاقة، تضخ الهواء البارد، والذي بموجبه حصلت كلية الهندسة على براءة الاختراع، حيث كانت الحرارة 22 درجة مئوية داخل الاستاد وخارجه 42 درجة مئوية، في نهائي كأس الأمير في 19 مايو2017، وقدم شرحا لمحاكيات الهواء الميكانيكية أو ما يسمى في الهندسة الإلكترونية بأنفاق الهواء، وهي أماكن مغلقة بها تيارات هوائية تحاكي الطبيعة وتوضع في هذه الأنفاق مجسمات ثلاثية الأبعاد للملاعب الرياضية ومن ثم تحلل حركة الهواء الخارجي التي تدخل الملعب حسب تصميمه وأي المدرجات ستكون أكثر عرضة للهواء الخارجي بغية تركيز التكييف عليها.

ويمكن أن تصل الحرارة إلى 50 درجة مئوية خلال فصل الصيف في قطر، وطالب كثيرون في عالم كرة القدم بإقامة النهائيات في قطر في ديسمبر أو يناير بدلا من منتصف العام الذي تتجاوز فيه درجات الحرارة 40 درجة.

وتقرّر إقامة نهائيات كأس العالم هذا العام في بداية فصل الشتاء حين تستقر الحرارة عند نحو 25 درجة مئوية. وتبريد الملاعب ليس بالأمر الجديد، فملعب “سوبردوم”، موطن فريق نيو أورليانز ساينتس الأميركي لكرة القدم، يحتوي على 9 آلاف طن من مكيفات الهواء.

لكن “دكتور كول”، أستاذ الهندسة في جامعة قطر الذي ساعد أيضاً في صناعة نظام تبريد لسيارة فورد مونديو، طوّر نظاماً يقول منظمو كأس العالم إنه أكثر “استدامة” بنسبة 40 في المئة من التقنيات الحالية، علماً أن سبعة من ملاعب كأس العالم الثمانية مكيّفة الهواء.

في استاد الجنوب الذي يتسع لـ40 ألف متفرج وصمم على شكل مركب شراعي خشبي ويستضيف سبع مباريات بما في ذلك المباراة الأولى لفرنسا حاملة اللقب، روى عبدالغني كيف أقام هو وفريقه “فقاعة معزولة تماماً” بارتفاع مترين فوق أرضية الملعب وفوق المدرجات.

داخل الفقاعة، ستكون الحرارة 21 درجة مئوية، وسيخرج الهواء من زوايا الملعب ومن تحت المقاعد. وتحافظ المستشعرات حول الملعب على ثبات درجة الحرارة، وتضبط تدفقات الهواء بالنسبة إلى المقاعد في الظل وأخرى تحت الشمس.

◙ هناك مخاوف حيال الرسالة التي تقدّمها مسألة تكييف الهواء في الهواء الطلق

ويتم امتصاص الهواء المتصاعد داخل نظام تبريد الملعب، وتنظيفه بالمياه المحفوظة على درجة حرارة 7 مئوية ثم ضخه مرة أخرى.

وقال عبدالغني “سيحظى اللاعبون بأفضل تجربة في حياتهم”، مشيراً إلى أنّ الهواء البارد سيمنع الإصابات التي يتعرضون لها في درجات الحرارة والبرودة الشديدتين.

ويقوم المراقبون في الملعب بمتابعة مختلف المناطق وضبط تدفق نظام التكييف من غرفة التحكم.

وعلى الرغم من الملاعب المكيفة، أكدت قطر أن بطولة كأس العالم التي ستحتضنها لن تؤثر بشكل مفرط على المناخ، بل بالعكس سيكون التأثير الكربوني أقل من الدورات السابقة.

وقال ناصر الخاطر، المدير التنفيذي لكأس العالم قطر 2022، إن بطولة الدوحة ستلغي الحاجة إلى الرحلات الداخلية عبر الطائرات وأن نظام المترو الجديد سيؤدي إلى خفض كبير لمستوى الانبعاثات. وقال عبدالغني إن النظام يلبّي متطلبات الاستدامة حيث تُولَّد الطاقة من موقع عملاق للطاقة الشمسية في الصحراء خارج العاصمة الدوحة.

وسيكون هناك حاجة للتكييف في موعد المونديال، برغم انخفاض درجات الحرارة.

◙ تبريد الملاعب سيصبح بمثابة قاعدة ثابتة في الأحداث الرياضية الضخمة في المستقبل

وحسب عبدالغني، يولّد كل إنسان حرارة حاسوبين محمولين وسبعين غراماً من العرق في الساعة. وأعطى مثالاً عن استاد لوسيل حيث سيحضر 80 ألف متفرج المباراة النهائية المقرّرة في 18 ديسمبر “سيبقون هناك لمدة أربع ساعات، وهذا يعني الكثير من الماء. ولدي أيضاً حرارة 160 ألف حاسوب محمول في تلك المساحة. لذا يجب موازنة هذه الحرارة بصرف النظر عما إذا كان الشتاء، الصيف، الخريف أو الربيع”.

ورغم ذلك، لا يزال استخدام مكيّفات الهواء في الملاعب أمراً مثيراً للجدل. وحسب الرئيس التنفيذي للجمعية البريطانية للرياضة المستدامة راسل سيمور، فإنّه على الرغم من فعالية التكنولوجيا والطاقة المتجددة في قطر، هناك مخاوف حيال الرسالة التي تقدّمها مسألة تكييف الهواء في الهواء الطلق.

ففي الوقت الذي يتم فيه حضّ الناس على توفير الطاقة، “غالباً ما يفتح الناس في المكتب نوافذهم، فهم يريدون هواء منعشاً ولكن لديهم أيضا مكيف هواء، فتختلط الأمور وتبدأ المشاكل”.

وقال عبدالغني إنّه سيرحّب بالسماح لأي خبير بفحص النظام والتحقق من فعاليته، علماً أنّ هذه التكنولوجيا خالية من قيود براءات الاختراع. كما أنّه متأكّد من أنّ نهائيات كأس العالم في المستقبل، لا سيما في 2026 في الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، ستحتاج إلى نظام “دكتور كول”. وأوضح “في المستقبل، من أجل سلامة اللاعبين، ستكون الملاعب المكيّفة أكثر شيوعاً”.

18