كيف ينتهي كوفيد.. دعونا نتتبع ما سبقه من أوبئة للرد على السؤال

تشير الدلائل إلى أن أزمة كورونا على وشك الانتهاء، ورغم ذلك يحذر الخبراء من التهاون في التعامل معها ويؤكدون على أن الحذر مازال مطلوبا وأن الناس في العديد من البلدان يحتاجون إلى لقاحات وأدوية. هذا الوباء تسبب في وفاة ما يقارب المليون شخص في الولايات المت
نيويورك- بعد مرور عامين على انتشار جائحة كوفيد، شهد معظم العالم تحسنا كبيرا في حالات العدوى والاستشفاء ومعدلات الوفيات في الأسابيع الأخيرة، مما يشير إلى أن الأزمة تبدو على وشك الانتهاء. لكن كيف ستنتهي؟ قد تقدم الأوبئة السابقة إجابات على هذا السؤال.
لم تُدرس نهايات الأوبئة بدقة مثل بداياتها. وقالت إيريكا تشارترز من جامعة أكسفورد، والتي تدرس هذه النقطة، إن هناك مراحل متكررة يمكن أن تقدم دروسا للأشهر المقبلة. وتابعت “تعلمنا شيئا واحدا وهو أنها عملية طويلة وممتدة نحو أنواع مختلفة من النهايات التي قد لا تحدث جميعها في نفس الوقت.
وتتضمن ‘نهاية طبية’ عندما يتراجع المرض، و’نهاية سياسية’ عندما تتوقف إجراءات الوقاية الحكومية، و’نهاية اجتماعية’ عندما يطوي المجتمع الصفحة”. وتضاءل الوباء العالمي بنسق متباين في أجزاء مختلفة من العالم. لكن في الولايات المتحدة، على الأقل، يوجد سبب للاعتقاد بأن النهاية قريبة.
وانتهى تطعيم حوالي 65 في المئة من الأميركيين بشكل كامل، وتلقى حوالي 29 في المئة الجرعات المعززة. كما تراجعت الحالات منذ ما يقارب الشهرين حيث انخفض المتوسط اليومي في الولايات المتحدة بنحو 40 في المئة في الفترة الأخيرة.

وانخفضت الحالات التي استوجبت المكوث في المستشفيات بنسبة 30 في المئة تقريبا. وانتهى فرض القناع، حيث أن مسؤولي الصحة الفيدراليين توقفوا عن ارتدائها. وقال الرئيس جو بايدن إن الوقت قد حان لعودة الأشخاص إلى مكاتبهم والعديد من جوانب الحياة التي كانت قائمة قبل انتشار الوباء.
لكن هذا الوباء كان مليئا بالمفاجآت، حيث استمر لأكثر من عامين وتسبب في وفاة ما يقارب المليون شخص في الولايات المتحدة وأكثر من 6 ملايين شخص حول العالم. وكانت شدته مفاجئة، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن العديد من الناس استخلصوا الدرس الخطأ من جائحة الأنفلونزا (2009 – 2010) التي تبين أنها ليست خطرة كما كان يُخشى في البداية.
وقالت كريستين هيتمان الباحثة في ماريلاند والتي تعاونت مع تشارترز “شعرنا جميعا بالقلق ولكن لم يحدث شيء بعد ذلك (في عام 2009)، وأعتقد أن هذا هو ما كان متوقعا” عندما ظهر كوفيد – 19 لأول مرة. ومع ذلك، قدم بعض الخبراء عروضا عن الأوبئة السابقة التي قد توضح كيف يمكن أن تنتهي الجائحة.
الأنفلونزا
قبل الجائحة، كانت الأنفلونزا تعتبر العامل الوبائي الأكثر فتكا فقد قتلت 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم سنة 1918، منهم 675 ألفا في الولايات المتحدة وحدها، حسب تقديرات المؤرخين. وقتلت جائحة أنفلونزا أخرى سنة 1958 نحو 116 ألف أميركي، وقتلت أخرى 100 ألف سنة 1968.
وتسببت أنفلونزا جديدة في 2009 في حدوث جائحة أخرى، لكن تبين أنها لا تشكل خطورة خاصة على كبار السن الذين يواجهون احتمال الموت أكثر من غيرهم من الأنفلونزا ومضاعفاتها. وفي النهاية، سُجّلت أقل من 13 ألف حالة وفاة في الولايات المتحدة بسبب هذا الوباء.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية في أغسطس 2010 أن الأنفلونزا قد انتقلت إلى فترة ما بعد الجائحة، مع انتقال الحالات والأوبئة إلى الأنماط الموسمية المعتادة.
وفي كل حالة، تضاءلت الأوبئة مع مرور الوقت وبنى عامة السكان مناعة. وأصبحت الأنفلونزا موسمية في السنوات اللاحقة. ويقول الخبراء إن هذا النمط هو ما سيحدث على الأرجح مع فايروس كورونا.
وقال ماثيو فيراري مدير مركز ديناميات الأمراض المعدية في ولاية بنسلفانيا “لقد أصبح الأمر طبيعيا. يوجد نمط متموج منتظم عندما يُسجّل عدد أكبر من الحالات خلال فترة من السنة وعدد أقل في فترة أخرى. وسيبدو أقرب إلى الأنفلونزا الموسمية أو نزلات البرد”.
الإيدز
في 1981، أبلغ مسؤولو الصحة الأميركيون عن مجموعة من حالات الآفات السرطانية والالتهاب الرئوي لدى رجال مثليين في ولايتي كاليفورنيا ونيويورك. وبدأت المزيد والمزيد من الحالات في الظهور. وبحلول العام التالي، كان المسؤولون يطلقون على مرض الإيدز متلازمة النُّقص المناعي المكتسب.
وتوصل الباحثون لاحقا إلى أنه ناجم عن فايروس نقص المناعة البشرية الذي يضعف جهاز المناعة لدى الشخص عن طريق تدمير الخلايا التي تقاوم المرض والعدوى. وكان الإيدز يُعتبر لسنوات عقوبة إعدام مروعة. وأصبح في 1994 السبب الرئيسي لوفاة الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و44 عاما.
لكن العلاجات التي أصبحت متاحة في التسعينات حولته إلى حالة مزمنة يمكن لمعظم الأميركيين التحكم فيها. وتحول الاهتمام إلى أفريقيا وأجزاء أخرى من العالم، حيث لا يزال خارج السيطرة ويُشكل حالة طوارئ مستمرة.وقالت تشارترز إن الأوبئة لا تنتهي بمرض ينحسر بشكل موحد في جميع أنحاء العالم. و”ينتهي الوباء عامّة بالتحول إلى أوبئة (إقليمية) متعددة”.
في 2015، عانت البرازيل من تفشي عدوى فايروس زيكا، الذي انتشر عن طريق البعوض الذي تسبب في مرض خفيف فقط لدى معظم البالغين والأطفال. لكنه أصبح رعبا حيث ظهر أن العدوى أثناء الحمل يمكن أن تسبب عيبا خلقيا يؤثر على نمو الدماغ.
وبحلول أواخر ذلك العام، كان البعوض ينشر المرض في بلدان أميركا اللاتينية الأخرى. وفي 2016، أعلنت منظمة الصحة العالمية أنه أصبح حالة طوارئ دولية للصحة العامة، وأصبح تأثيره على الولايات المتحدة واضحا. وتلقت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تقارير عن 224 حالة انتقال زيكا عن طريق البعوض في الولايات المتحدة القارية وأكثر من 36 ألف حالة في الأراضي الأميركية. وكانت الغالبية العظمى في بورتوريكو.
لكن الأعداد انخفضت بشكل كبير في 2017 واختفت فعليا بعد فترة وجيزة، على الأقل في الولايات المتحدة. ويعتقد الخبراء أن الوباء مات بينما طور الناس المناعة. وقال الدكتور دينيس جاميسون المسؤول السابق في مركز السيطرة على الأمراض والذي كان قائدا رئيسيا في استجابات الوكالة لفايروس زيكا “لقد انتهى الأمر نوعا ما”، وانحسر الضغط من أجل توفير لقاح زيكا في الولايات المتحدة.
ومن المحتمل أن يكون زيكا مشكلة كامنة لسنوات ويمكن أن نشهد تفشي المرض مرة أخرى إذا تحور الفايروس أو إذا ظهرت أعداد أكبر من الشباب دون مناعة. وقال جاميسون، الذي يشغل الآن منصب رئيس قسم أمراض النساء والتوليد في كلية الطب بجامعة إيموري، إنه مع معظم الأوبئة “لا توجد نهاية أبدا”.
كوفيد – 19
◙ الأنفلونزا تعتبر العامل الوبائي الأكثر فتكا فقد قتلت 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم سنة 1918
أعلنت منظمة الصحة العالمية ومقرها جنيف أن كوفيد – 19 أصبح وباءً في الحادي عشر من مارس 2020، وستقرر متى سيشهد عدد كافٍ من البلدان انخفاضا كافيا في الحالات، أو على الأقل في أعداد القابعين في المستشفيات والوفيات، ليقول إن حالة الطوارئ الصحية الدولية قد انتهت.
ولم تعلن منظمة الصحة العالمية حتى الآن عن المستويات المستهدفة. لكن المسؤولين ردوا هذا الأسبوع على أسئلة حول النهاية المحتملة للوباء من خلال الإشارة إلى مقدار ما يجب إنجازه قبل أن يتمكن العالم من طيّ الصفحة.
وتتضاءل حالات الإصابة بكوفيد في الولايات المتحدة، وانخفضت على مستوى العالم في الأيام الأخيرة بنسبة 5 في المئة. لكن الحالات تتزايد في بعض الأماكن، بما في ذلك المملكة المتحدة ونيوزيلندا وهونغ كونغ.
وقالت الدكتورة كاريسا إتيان، مديرة منظمة الصحة للبلدان الأميركية، وهي جزء من منظمة الصحة العالمية، إن الناس في العديد من البلدان يحتاجون إلى لقاحات وأدوية.
وقالت إتيان خلال إفادة صحافية مع المراسلين إنه في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وحدها، لم يتلق أكثر من 248 مليون شخص جرعتهم الأولى من لقاح كوفيد. وإن البلدان ذات معدلات التطعيم المنخفضة ستشهد على الأرجح زيادات مستقبلية في الأمراض ودخول المستشفيات والوفيات.
وقال الدكتور سيرو أوغارتي، مدير قسم الطوارئ الصحية في إقليم الأميركتين التابع لمنظمة الصحة العالمية ومنظمة الصحة للبلدان الأميركية “لم نخرج بعد من هذا الوباء. وما زلنا في حاجة إلى التعامل معه بقدر كبير من الحذر”.