كيف يمكن تبني نظام غذائي صديق للبيئة دون الامتناع عن تناول اللحوم

يؤكد الخبراء أن صحة البشرية تعتمد على صحة الأرض، مشيرين إلى أن ربع الانبعاثات الكربونية تأتي من المزرعة إلى شوكة الطعام، ما يعني أن خفض استهلاك اللحوم بواقع النصف يعود على المناخ وصحة البشر بالفائدة. وأوضحوا أن من بين الآثار الضارة للزراعة الحديثة انبعاث الغازات المضرة بالبيئة من تربية الماشية وتآكل التربة.
برلين - عندما يتعلق الحديث بالاحتباس الحراري وبصمتنا الكربونية ربما نفكر، بضمير مذنب، في أحدث رحلة جوية لنا أو في شحنات طلباتنا الكثيرة عبر شبكة الإنترنت وجميع المواد البلاستيكية في سلة قمامتنا. ولكن الكثير من تأثيرنا البيئي ناجم عما نتناوله.
وقالت بريتا كلاين، المهندسة الزراعية بمكتب الزراعة والطعام الاتحادي في ألمانيا، “بناء على كيفية حساباتنا، يأتي ربع الانبعاثات الكربونية من المزرعة إلى شوكة الطعام”.
وأوضحت أن من بين الآثار الضارة للزراعة الحديثة انبعاث الغازات المضرة بالبيئة من تربية الماشية وتآكل التربة وفقدان التنوع البيئي، بالإضافة إلى تأثير معالجة الأغذية ونقلها.
وتقول كلاين “يجب أن يكون من الواضح للجميع أن صحة البشرية تعتمد على صحة الأرض”. وعلى الرغم من أن هذا يبدو تحذيرا، فإنها مقتنعة بأن الحظر التشريعي لم يحقق أي شيء، وأن النظام المستدام بيئيا ليست له علاقة بإنكار الذات. وأوضحت كلاين أن عاداتنا الغذائية متأصلة بعمق، مضيفة أننا لا نحب أن يتم إخطارنا بما يتعين علينا فعله، وخاصة من جانب الساسة.
من بين الآثار الضارة للزراعة الحديثة انبعاث الغازات المضرة بالبيئة من تربية الماشية وفقدان التنوع البيئي
وقالت “يتعين علينا أن نتوقف عن إبلاغ الأشخاص بأنهم يقومون بكل شيء بصورة خاطئة. فهم لا يتعين عليهم أن يتوقفوا عن تناول اللحوم؛ ذلك أن اللحوم العضوية التي تم إنتاجها بصورة مستدامة من منطقتك جيدة. ولكن بصورة عامة، نحن نحتفظ بعدد كبير جدا من الحيوانات”.
وأوضحت أن المشكلة تكمن في أن الأرض الصالحة للزراعة، التي كانت تستخدم لزراعة العلف، لا تتم زراعتها بالمحاصيل التي نحتاجها لتوفير الطعام للجميع على المدى الطويل.
وفي ألمانيا، على سبيل المثال، يتناول الشخص نحو كيلوغرام من اللحوم أسبوعيا، أي ضعف الكمية الموصى بها، بحسب الجمعية الألمانية للتغذية.
ومن ناحية أخرى خلص تقرير التغذية الذي أصدرته وزارة الأغذية والزراعة الألمانية لعام 2023 إلى أن استهلاك اللحوم يتناقص؛ فهناك 20 في المئة فقط من الأشخاص يتناولون اللحوم أو النقانق حاليا بشكل يومي، مقارنة بـ34 في المئة منذ ثمانية أعوام.
وتطرح خبيرة التغذية ميلاني كيرك ميتشل، مؤلفة كتاب الطبخ الذي يحمل عنوان “مذاق حماية المناخ جيد للغاية: اطبخ واستمتع وحافظ على البيئة”، أفكارا مشابهة لما جاءت به كلاين.
وقالت “الأمر لا يتعلق بالامتناع عن تناول اللحوم، وإنما يتعلق بالحد من استهلاكها وتناولها باعتدال”. وأضافت “اتباع نظام غذائي نباتي لا يعني أن يصبح الإنسان نباتيا، ولكن ببساطة زيادة حصة الخضروات في نظامك الغذائي”.
وأوضحت أننا إذا قمنا جميعا بخفض استهلاكنا للحوم بواقع النصف فسوف نكون بذلك قد قمنا بأمر جيد تجاه المناخ. ويمكن خفض الانبعاثات بنسبة 27 في المئة من خلال نظام غذائي مرن (نصف نباتي) و47 في المئة من خلال اتباع نظام غذائي كامل.
"نصيحتي الأولى للتسوق هي ليست التفكير في ما إذا كان المنتج موسميا أو خاليا من البلاستيك" وإنما "ما إذا كان يمكن للشخص أن يتناوله بأكمله"
وتوصي الخبيرتان بتعويض البروتين الناقص بسبب تناول لحوم أقل من خلال تناول البقوليات والمكسرات. ويحتوي كتاب كيرك ميتشل أكثر من 70 وصفة، تم تصنيفها وفقا للموسم، بحيث يمكن إعدادها باستخدام المنتجات التي يتيحها كل موسم.
وعلى سبيل المثال تنص وصفتها لطبخ كرات اللحم على استخدام المشروم بدلا من اللحم المفروم، حيث يتم تقطيعه على شكل مكعبات ويتم قليه حتى يصبح مقرمشا، بعد ذلك يتم خلطه باللحم والمكونات المعتادة الأخرى مثل البصل وفتات الخبز والخردل، وتشكيل كرات وقليها في الزيت. وتقول كيرك ميتشل “بالنسبة إليّ كرات اللحم هذه مذاقها أفضل”.
وإذا كنت تبحث عن بديل نباتي للكريمة من أجل شوربات الكريمة فيمكن مزج 50 غراما من الكاشو و50 غراما من زيت بذور اللفت و150 ملّيمترا من المياه ورشة ملح، بعد ذلك يتم مزج الخليط في الخلاط.
وتوصى كيرك ميتشل بإجراء التجارب عامة، وتقول “كيكة الشكولاتة التي أقوم بتحضيرها لا تحتوي على البيض أو أي مكون حيواني، ومذاقها طيب ورطبة بفضل الحبوب البيضاء المهروسة”.
كما تدافع المدونة ومؤلفة كتب الطبخ فيرينا هيرش، الخبيرة في الأنظمة الغذائية المستدامة، عن إدراج المزيد من الخضروات في الطعام. وأشارت إلى أن ثاني أكبر مخاوفها هو مخلفات الطعام، فقد نشأت في مزرعة عضوية وتعرف جيدا حجم العمل المبذول لإنتاج الطعام.
وتقول “نصيحتي الأولى للتسوق هي ليست التفكير في ما إذا كان المنتج موسميا أو خاليا من البلاستيك” وإنما “ما إذا كان يمكن للشخص أن يتناوله بأكمله”.