كيف يمكن التحكم في مستوى الكوليسترول دون أدوية

يوصي خبراء الصحة باتباع نظام غذائي نباتي غني بالألياف القابلة للذوبان، من أجل خفض نسب الكوليسترول الضار دون اللجوء إلى الدواء الذي من شأنه أن يحدث آثارا جانبية تشمل آلاما في العضلات ومشاكل في الكبد، واحتمالية الإصابة بداء السكري. كما يحثون على تجنب الدهون المشبعة، خاصة الموجودة في اللحوم الدهنية والمصنعة لأنها تتسبب في رفع مستوى الكوليسترول.
ميامي - بدأت جوليا كيم (64 عاما) التي تعمل كمتخصصة في مجال تكنولوجيا المعلومات في بوسطن، في تناول دواء مضاد للكوليسترول منذ أكثر من 30 عاما بسبب تاريخ أسرتها مع ارتفاع الكوليسترول.
وذكرت صحيفة ميامي هيرالد أن منذ ستة أشهر، شعرت كيم بالملل من تناول هذا الدواء وآثاره الجانبية، فقامت بالإقلاع عنه، وخلال ثلاثة أيام، اختفى ألم الظهر المزمن الذي كانت تشعر به منذ عقود. ولكونها عداءة متحمسة، فهي تشعر بالسعادة لعدم إحساسها بالألم، ولكنها في وضع حرج في ما يتعلق بكيفية التحكم في مستوى الكوليسترول.
وقالت كيم “أشعر بأنني أفضل مما كنت عليه خلال الـ30 عاما الماضية، لكن مستوى الكوليسترول لدي يرتفع”. وأضافت “لا أريد السيطرة على مستوى الكوليسترول من خلال الأدوية. كل دواء له آثار جانبية. أنا في حاجة إلى طريقة طبيعية للتعامل مع هذا الأمر”.
وكيم ليست الوحيدة في ذلك، فالكثيرون لا يريدون تناول عقاقير لخفض مستوى الكوليسترول، كما أن بعض الأشخاص لم يعودوا يتناولون هذه الأدوية. ويشار إلى أن عقار الستاتين فعال، ويعد آمنا بالنسبة لمعظم الأشخاص، ولكنهم يتحدثون عن خطورة الآثار الجانبية، وتشمل آلاما في العضلات ومشاكل في الكبد، والضباب العقلي واحتمالية الإصابة بداء السكري.
وقال دونالد هينسرود، أستاذ مساعد في التغذية والطب الوقائي في كلية مايو كلينك للطب، “لا يريد أي شخص البدء في تناول الدواء”، مضيفا “نحن جميعا نكبر في العمر، وعادة ترتفع أمور مع السن: الكوليسترول والوزن وضغط الدم. وفي وقت ما، يتعين علينا مواجهة هذا الأمر”.
ويعد الكوليسترول مادة شمعية، مشابهة للدهون توجد في الدم، وينتجها الكبد ومن الطعام الذي نتناوله. وهناك نوعان من الكوليسترول: البروتين الدهني منخفض الكثافة، وهو النوع السيئ، والبروتين الدهني مرتفع الكثافة، وهو النوع الجيد. كما أن الدهون الثلاثية تعد نوعا آخر من الدهون، يساهم في تراكم الكوليسترول.
الخبراء يحثون المستهلكين على تجنب الدهون المشبعة، خاصة الموجودة في اللحوم الدهنية والمصنعة والزبد والزيوت الاستوائية
ولا يعد الكوليسترول سيئا بطبعه، حيث إن الجسم يستخدمه لصنع الخلايا والفيتامينات وهرمونات معينة، ولكن الكثير من البروتين الدهني منخفض الكثافة يمكن أن يتراكم داخل الشرايين، مما يزيد من خطورة حدوث أمراض القلب والسكتة الدماغية. في حين أن ارتفاع مستوى البروتين الدهني مرتفع الكثافة يساعد في حماية القلب من خلال حمل البعض من البروتين الدهني منخفض الكثافة بعيدا عن الشرايين وإعادته إلى الكبد، حيث يتكسر ويتم التخلص عنه.
وبالنسبة للذين يرفضون الأدوية، يقول الخبراء إن أفضل وسيلة للسيطرة على الكوليسترول هي النظام الغذائي المنضبط والعادات الصحية مثل ممارسة التمارين الرياضية بانتظام والحصول على قسط كاف من النوم. ولكن هناك تحذيرا واحدا: التأكد من استشارة الطبيب قبل الإقلاع عن الدواء. كما أن الطبيب يمكن أيضا أن يطلب إجراء اختبارات دم من حين إلى آخر لمراقبة مستوى الكوليسترول.
وقال ديفيد كاتز، الرئيس السابق للكلية الأميركية لطب نمط الحياة والمدير المؤسس لمركز البحث الوقائي في جامعة ييل “عندما يكون الأشخاص على استعداد للالتزام بنظام غذائي مثالي، سيكون ذلك بلا شك أفضل من أي دواء توصلنا إليه”.
وأوضح هينسرود أنه توجد منافع صحية أخرى، مثل خسارة الوزن وخفض “ضغط الدم وجلوكوز الدم، وهذا من شأنه الحد من خطورة الإصابة بأمراض القلب بصورة منفصلة عن الكوليسترول”.
ويوصي الخبراء باتباع نظام غذائي نباتي غني بالألياف القابلة للذوبان والشوفان ونخالة الشوفان والتفاح والبازلاء والحمضيات والفاكهة والجزر والشعير وبذور الكتان، بالإضافة إلى المكسرات وستيرول النبات، وهو ما يوجد في كميات صغيرة من الفاكهة والخضراوات وزيت الزيتون والمكسرات، كما يتم إضافته إلى اللبن والزبادي.
كما يحث الخبراء المستهلكين على تجنب الدهون المشبعة، خاصة الموجودة في اللحوم الدهنية والمصنعة والزبد والزيوت الاستوائية مثل النخيل وجوز الهند، واستخدام الزيوت غير المشبعة أو المشبعة المتعددة مثل الذرة والكانولا وعباد الشمس والسمسم. وقال الخبراء إن الدهون المشبعة تتسبب في رفع مستوى الكوليسترول بصورة أكبر من الكوليسترول الطبيعي الموجود في البيض والمحار.

وأشارت بعض الأبحاث بشكل مفاجئ إلى أن تناول الجبن غير المصنع بصورة معتدلة يخفض من خطورة الإصابة بأمراض القلب. وقال هينسرود “ربما يكون ذلك الاستثناء الوحيد لقاعدة خفض الدهون المشبعة، في حال عدم تناولها بإفراط”.
ويوصي الكثير من الخبراء بنظام بورتفوليو النباتي، الذي صممه ديفيد جينكيز، الأستاذ في إدارة علوم التغذية والطب في كلية تيميرتي للطب في جامعة تورونتو. ويركز هذا النظام على تناول الألياف القابلة للذوبان والستيرول، والابتعاد عن الأطعمة المصنعة. وقد خلصت دراسة أجراها جينكيز وزملاؤه سابقا إلى أنه بالمقارنة بين تأثير حمية بورتفوليو لخفض الكوليسترول والأدوية لم يتم رصد اختلافات كبيرة.
وقال جينكيز “علينا أن نركز أكثر على مساعدة الأشخاص على فهم الأنظمة الغذائية النباتية”. وأضاف “البعض لم يتناولوا حساء العدس قط، يمكن أن يكون شهيا ومغذيا ومفيدا من أجل مستويات الكوليسترول. نحن حريصون على تعليم الأشخاص كيفية تناول الطعام ضمن النظام الغذائي النباتي”.
وفي ما يتعلق بالتحول إلى نظام غذائي نباتي، يقول جينكيز “يتعين البدء في تناول أطعمة جديدة تدريجيا”، مضيفا “الفكرة هي المضي لتبني نظام غذائي نباتي ليكون أسلوب حياة”.
ويشار إلى أن بعض الأشخاص لا يمكنهم خفض مستوى البروتين الدهني منخفض الكثافة لديهم بدون أدوية بسبب حالة جينية تجعلهم عرضة لارتفاع الكوليسترول، بما في ذلك فرط كوليسترول الدم العائلي، وهو مرض وراثي يتعلق بقدرة الجسم على معالجة البروتين الدهني منخفض الكثافة، وقال جينكيز “سوف يتعين عليهم تناول دواء ستاتين دائما”، بالإضافة إلى أدوية أخرى، على الرغم من أن الذين يتبعون نظاما غذائيا وأسلوب حياة يتسم بالصرامة ربما يستفيدون من ذلك أيضا.
والكوليسترول هو مادة شمعية توجد في الدم، يحتاجها الجسم لبناء الخلايا الصحية، ولكن يمكن أن يتسبّب ارتفاعها الشديد في زيادة خطر الإصابة بالنوبة القلبية.
فبسبب الكوليستيرول المرتفع، يمكن أن تتكون ترسّبات دهنية في الأوعية الدموية الخاصة بالمريض. وفي نهاية المطاف، تنمو هذه الترسّبات وتؤدي إلى صعوبة تدفق الكمية الكافية من الدم عبر الشرايين. وأحيانا ما تنفجر تلك الترسّبات فجأة لتشكِّل جلطة تسبب النوبة القلبية أو السكتة الدماغية.
يمكن توريث ارتفاع الكوليستيرول، ولكن عادة ما تحدث هذه الحالة نتيجة لاتباع أسلوب الحياة غير الصحي، الأمر الذي يجعل هذا الارتفاع قابلا للعلاج والوقاية منه. باتباع نظام غذائي صحي وممارسة التمرينات الرياضية وتناول الأدوية في بعض الأحيان، يمكن خفض الكوليستيرول المرتفع.