كيف نعثر على الشعور الإيجابي في ظل أحداث العالم الكئيبة

التحدث عن مدى الشعور بالعجز والخوف يحد بالفعل من هذه المشاعر.
الأربعاء 2024/12/11
تفاؤل رغم المحن

يشعر الأشخاص بالإحباط عندما لا تتوافق أفكارهم وتوقعاتهم بكيفية سير العالم من حولهم، وقد يتفاقم لديهم الشعور بالعجز عند نشر وسائل التواصل الاجتماعي صور الحروب المستمرة بلا هوادة، وأعمال الإبادة الجماعية الضارية. وللخروج من هذه الوضعية ينصح الخبراء بعدم الانسحاب، والتحدث عن مدى الشعور بالعجز والخوف، وهو ما يحد بالفعل من المخاوف ويعزز المجتمع.

برلين - هناك كلمة ألمانية لوصف حالة المرء النفسية عندما يشعر بالمعاناة واليأس والعجز. والكلمة هي “فيلت شميرتس” (وتعني ألم العالم) أي الشعور بهذه المشاعر في وجه أوجه القصور الملموسة في العالم والوجود البشري. وعندما لا يسير العالم كما ينبغي، على الأقل وفقا لمثلنا وأفكارنا، فإن ذلك يصيبنا بالإحباط.

ويقول المعالج النفسي مايكل ديماركو في مجلة سيكولوجي توداي إن هذه الكلمة “فيلت شميرتس” تظهر عندما نواجه مباشرة السبب غير المعروف للشر والمعاناة، وعند الشعور بالثقل الوجودي عندما لا تتوافق أفكارنا وتوقعاتنا بكيف ينبغي أن يسير العالم مع حقيقة تجاربنا الحياتية.

ولكن مع نشر وسائل التواصل الاجتماعي صور صعود اليمين المتطرف والحروب المستمرة بلا هوادة، وأعمال الإبادة الجماعية الضارية، تظل هناك حاجة إلى الإجابة على الأسئلة المتعلقة بمعرفة سبب حدوث ذلك بصورة أو بأخرى. وماذا يمكن للمرء فعله في حال شعر بالعجز بسبب الأخبار والوضع العالمي، أو حتى شعر بالخوف؟ ولكن يريد أيضا أن يبقى مطلعا على ما يجري في العالم؟ وتقول دورثي سالشو، المدربة في الجمعية الألمانية للطب النفسي الإيجابي، إن هناك ثلاثة أمور.

أولا “وفقا لكل ما نعلمه من البحث، لا يتعين علينا الانسحاب، ولكن بدلا من ذلك التحدث عن مدى شعورنا بالعجز والخوف. فهذا الأمر يحد بالفعل من المخاوف ويعزز المجتمع، وهو ما نحتاجه بشدة عندما نشعر بهذه المشاعر.” وتضيف سالشو أن الأمر الثاني هو أن “علينا أن نطلع على الأخبار بأسلوب محدد، في وقت من اليوم نختاره، وبالتأكيد ليس طوال الوقت، وليس في الصباح. هذا سيتيح لنا أن نبقى على اطلاع على الأخبار بدون أن نضع ضغطا نفسيا كبيرا على أنفسنا."

◙ الخبراء يوصون بالاحتفاظ بمدونة لكتابة الأمور التي يشعر المرء بالامتنان تجاهها، وهي تمنح العقل مهمة البحث عما هو جيد
◙ الخبراء يوصون بالاحتفاظ بمدونة لكتابة الأمور التي يشعر المرء بالامتنان تجاهها، وهي تمنح العقل مهمة البحث عما هو جيد

وأشارت إلى أن الأمر الثالث ذو أهمية خاصة، وقالت “ما ناقشته مع صديقة في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية الأميركية. قالت إنها في ‘فقاعتها’ يمكنها أن تستخدم نقاط قوتها بصورة جيدة مثل حس الفكاهة وقدرتها على التواصل مع الآخرين، ولكنها تخشى أن يضيع كل هذا في الصورة الكاملة وأن لا يحدث فرقا.”

وأوضحت سالشو أنه مع ذلك: فإن ذلك يحدث فرقا. بالنسبة لأنفسنا والآخرين، فإنه بالفعل يحدث فرقا عندما نحاول المساعدة بطرق صغيرة أو أكبر ونركز على قوتنا البشرية. وينصح ديماركو بأنه علينا أن ننظر لهذه التجارب على أنها انتصارات صغيرة. وبوجه عام، من المفيد النظر بصورة استباقية إلى ما هو جيد في حياتنا وتقول سالشو “نحن نرى الأمور السلبية بأنفسنا، وعلينا أن نتحدث بشأنها. علينا أن نبحث بقوة عن اللحظات الإيجابية والجميلة في كل يوم."

ويوصي الكثير من الخبراء بالاحتفاظ بمدونة لكتابة الأمور التي يشعر المرء بالامتنان تجاهها. وقالت سالشو “هذه المدونة تمنح عقولنا مهمة البحث عن ما هو جيد بالفعل في حياتنا، مما يساهم في إعادة البناء المعرفي.” ولكن ما الذي يمكننا القيام به للتغلب على التوتر؟

إن الأزمات غالبا ما تزيد من الشعور بالعجز وفقدان السيطرة. ويفسر ديماركو بأن ذلك يخلف آثرا على جهازنا العصبي ويؤدي إلى ردود فعل تتسم بالتوتر: نحن نشعر بالقلق والإرهاق، لذلك يكون من الصعب الاسترخاء أو النوم، وتكون عقولنا في بحث دائم عن التهديدات. وهذا يفرض ضغطا عاطفيا ونفسيا علينا. وأوضحت سالشو أنه يمكننا البدء من هنا: “علم الأعصاب على وجه الخصوص أظهر أهمية استخدام أجسادنا أكثر بكثير مما نفعله هذه الأيام."

وأضافت “عندما نشعر بالضغط والتوتر، تبدأ هرمونات في الظهور عادة ما يتم فرزها في حالة القتال أو الفرار، مثل مواجهة حيوان بري. فنحن لم نعد نقوم بذلك، وأجسادنا ممتلئة بهرمونات التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول ولا نستطيع التخلص منها. ولكن التمارين الرياضية تساعد في ذلك."

ولكن ماذا إذا كان المرء يشعر بأنه لا يمكنه القيام بأي أمر؟ فإن هذا يعد رد فعل “الجمود” الذي يوجد أيضا بجانب وضعي القتال والفرار. في ذلك الوضع يمكن استخدام الجسد أيضا، يوصي ديماركو بمحاولة “المشي مثل رجل الفضاء” وهو الدوس البطيء والمقصود والمبالغ فيه على الأرض، أو مضغ طعام مقرمش أو علكة بقوة (كما لو كنت تحاول تفسير كيفية القيام بذلك لطفل) أي شيء يثير حواسك يمكن أن يساعد في إخراجك من حالة السبات العميق.

ويوضح ديماركو أن هناك أمرا جيدا بشأن “ألم العالم”. وقال إن “هناك تشابها مع الألم البدني؛ وعلى الرغم من كونه شعورا مزعجا، فإن عدم القدرة على الشعور أمر خطير للغاية. ألم العالم أمر مقلق، ولكن فقدان الشعور تجاهه أمر أكثر سوءا."

16