كورونا يمنع وصول المساعدات إلى فقراء غزة في رمضان

غزة - يخشى صالح جبريل الذي يعيش في قطاع غزة المحاصر أن يكون شهر رمضان هذه السنة الأقسى في حياته، إذ لن يكون بمقدوره الاستفادة من المساعدات والزكاة لإعالة أسرته الفقيرة، في ظل تدابير الإغلاق المفروضة بسبب وباء كورونا.
وقال جبريل (47 عاما) “سيكون رمضان لهذا العام الأصعب علينا. كنا ننتظره لنوفر الحد الأدنى لعله يكفينا لباقي العام، لا أعرف كيف سنتدبر أمورنا.. الوضع في البلد ميت بسبب كورونا”.
ووفقا لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، يعاني أكثر من ثلثي سكان القطاع البالغ عددهم نحو مليوني نسمة، من الفقر أو الفقر المدقع. وتبلغ نسبة البطالة فيه 43 في المئة.
وشهر رمضان هو عادة شهر المشاركة والتبرعات، وتعمل المساجد والجمعيات الخيرية خلاله على تنظيم إفطارات للفقراء والمحتاجين.
لكن هذه السنة، التجمعات محظورة في قطاع غزة في إطار إجراءات الوقاية من جائحة كورونا. وسجل قطاع غزة 17 إصابة حتى الآن بالفايروس.
ويعيش جبريل مع زوجته وأطفاله الستة في منزل صغير مكوّن من غرفتين ومطبخ صغير وحمام، في حي الزيتون الفقير في جنوب شرق مدينة غزة. ويقول “الجميع يشكو من الوضع، الأسواق والمساجد مغلقة، أهل الخير الذين يعطوننا زكاة المال والمساعدات في رمضان أوضاعهم أيضا صعبة”.
وأضافت زوجته أم محمد (45 عاما) “لا تدخل اللحوم بيتنا، لا نستطيع شراءها”.
ويباع كيلو لحم البقر في غزة بنحو 14 دولارا. وبحسب الأمم المتحدة، يعتمد حوالي 80 في المئة من سكان القطاع على المساعدات.
وأشار جبريل إلى أنه يحتاج حوالي 552 دولارا شهريا على الأقل “ليعيش وعائلته مثل البشر”.
ويتلقى الرجل الأربعيني مساعدة من وزارة الشؤون الاجتماعية كل أربعة أشهر بقيمة حوالي 500 دولار يقول إنها “لا تكفي لدفع فاتورة الكهرباء والمياه وغاز الطهي والأكل والشرب ودواء أولادي المرضى”.
ويعاني اثنان من أبنائه من مرض “التلاسيميا” الوراثي.ورغم أن عدد مصابي فايروس كورونا في القطاع مازال محدودا إلا أن الإجراءات الاحترازية مشددة، علما أن منظمات غير حكومية حذرت من خطورة انتشار الفايروس في القطاع، إن حصل، بسبب الكثافة السكانية.
ولا توجد في منزل عائلة جبريل المتهالك معقمات ولا منظفات، ووضعت قطع صغيرة من الصابون على حوض مغسلة مكسورة بجانب حمام لا باب له.
وتفضل أم محمد البقاء مع أطفالها في البيت تفاديا للإصابة بالفايروس، رغم أن جزءا من سقف غرفة نوم الأطفال سقط عليهم وهم نائمون قبل أيام. وتقول “كورونا أسوأ من الحرب، نبقى في البيت أفضل من أن نموت بسبب الوباء”.
وحذر وكيل وزارة الصحة في غزة يوسف أبوالريش من ازدياد أعداد الإصابات.
وقال “قد نصل للحظة نواجه فيها ألفي إصابة، الإمكانيات متواضعة جدا هنا، نعمل لنكون مستعدين لمواجهة هذا السيناريو الأصعب”.
وطالب الناطق باسم وزارة الصحة أشرف القدرة برفع الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ أكثر من 13 عاما. وحث العالم على توجيه “الدعم العاجل والمباشر للوزارة التي تواجه جائحة كورونا بموارد محدودة ومستنزفة خصوصا مواد الفحص المخبري وأسرة العناية المركزة وأجهزة التنفس الصناعي”.
رغم حالة القلق زين كثيرون من أهالي قطاع غزة واجهات منازلهم ومحالهم التجارية بالفوانيس الرمضانية
وتعتمد عائلة عبدالله أبوالعمرين (50 عاما) على المساعدات في قطاع غزة.
ويقول عبدالله وهو أب لسبعة أطفال وكان بائع فاكهة قبل أن يصبح عاطلا عن العمل “أخشى ألا يقدم أحد المساعدات بسبب كورونا”.
لكنه لا يريد أن يفقد الأمل، مضيفا “يجب ألا نيأس أو نشعر بالإحباط، نأمل أن تتحسن الأحوال وإن بعد حين”.
ويعتبر شهر رمضان مناسبة اجتماعية تجتمع فيها العائلات على مائدة الإفطار وفي صلاة التراويح، لكن هذا العام كل شيء تغير، ليس في غزة فحسب وإنما في جميع أنحاء العالم.
وقررت السلطات استمرار إغلاق المساجد والأسواق الشعبية والمقاهي وقاعات المناسبات وصالونات الحلاقة والبسطات، لكن عددا من المحال التجارية لا تزال مفتوحة.
ورغم حالة القلق، زيّن كثيرون من أهالي القطاع واجهات منازلهم ومحالهم التجارية بالفوانيس الرمضانية في محاولة لإضفاء شيء من أجواء البهجة.
وأقيمت كذلك أكشاك صناعة وبيع حلويات القطايف التي ترتبط تاريخيا بمائدة إفطار رمضان في غزة وعدد من الدول العربية.
ويقول معين عباس، وهو صاحب محل لبيع المثلجات، “لا مكان نذهب إليه، ولكن رغم صعوبة الوضع الاقتصادي بسبب كورونا، نزين بيوتنا بفوانيس رمضان، نريد أن يشعر أطفالنا بأجواء الشهر الكريم”.