كورونا يحوّل أساتذة مدرسة ثانوية إلى عمال بناء

الأساتذة يواصلون أشغال ترميم وتوسيع المدرسة إلى ما بعد الظهر بمساعدة أهالي القرية.
الأحد 2020/09/13
يد على السبورة والأخرى على الحائط

منح فايروس كورونا أساتذة فلسطينيين وقتا لترميم مدرستهم بأيديهم في الضفة الغربية، حيث ارتدى جميع العاملين بالقطاع التعليمي رجالا ونساء ملابس عمال البناء والنظافة عوضا عن مآزر الصف.

رام الله (فلسطين) - يقف إبراهيم البرغوثي مدير مدرسة ثانوية تقع بإحدى قرى الضفة الغربية، أمام كومة من الأخشاب ومواد البناء ويبدو منهمكا في توزيع الأدوار على الهيئة التعليمية التي تطوعت لترميم وتوسيع المدرسة مستغلة توقف الدراسة بسبب كورونا.

ويطمح البرغوثي وطاقمه إلى تشييد ثلاث غرف إضافية للصفوف بمساحة تصل إلى حوالي 280 مترا مربعا، وترميم غرف الفصول القديمة.

وقال مدير “مدرسة حسان علان” الواقعة في قرية دير أبومشعل شمال غرب مدينة رام الله، “انتهزنا فرصة تعطيل المدارس بسبب كورونا وبدأنا بترميم وبناء مدرستنا بأيدينا وبتبرعات أهالي القرية”.

وقبل شهرين، طرح البرغوثي فكرة ترميم المدرسة وتوسيعها، على أساتذة المدرسة البالغ عددهم 24 ومعظمهم ممن يسكنون في القرية بينما يأتي آخرون إليها من أماكن بعيدة.

وأضاف “وافق الجميع على التطوع والعمل بأيديهم، خاصة وأن غالبيتهم عملوا سابقا في البناء”.

وتوزعت الأدوار بين الأساتذة، فبعضهم اهتم بالبناء وصف البلاط، بينما شرع آخرون بأعمال الحفر والتنظيف أو باشروا بطلاء الفصول.

وبدت أعمال الترميم عند المدخل الرئيسي للغرف الصفية مكتملة بعد أن قام عدد من الأساتذة بوضع اللمسات الأخيرة على البلاط.

وبدأ 285 ألف طالب وطالبة في فلسطين من أصل حوالي مليون و341 ألف، بالعودة التدريجية إلى مقاعد الدراسة. وكان الطلبة الذين تقل أعمارهم عن عشر سنوات من أوائل العائدين.

الأساتذة يقدمون حصة تعليمية أو اثنتين قبل أن يبدلوا ملابسهم ويستكملوا أعمال البناء

وقالت السلطة الفلسطينية إن هذه السياسة هدفها مراقبة انتشار الفايروس في المدارس.

وأشار البرغوثي “يصل الأساتذة صباحا، منهم من يحمل ملابس أعمال البناء بيده بينما يكون آخرون قد تركوا ملابسهم في المدرسة.. يعطي هؤلاء الأساتذة حصة تعليمية أو اثنتين قبل أن يبدلوا ملابسهم ويستكملوا أعمال البناء والترميم”.

وتتسع المدرسة التي بنيت بتبرع من أحد أهالي القرية وتحمل اسمه لنحو 300 طالب وطالبة، لكن مساحتها لم تعد تستوعب هذا العدد كله.

ويعتبر موقع المدرسة في منطقة منخفضة وبعيدة عن مركز القرية، عائقا إضافيا يواجهه الأساتذة والطلبة، لاسيما وأن الطريق المؤدي إليها ترابي وغير معبد. وأوكلت لأستاذ الأحياء محمد عثمان بالإضافة إلى مشاركته في أعمال التبليط، مهمة التنسيق بين زملائه وأهالي القرية الذين يتبرعون للأساتذة بطعام الغداء.

وأفاد عثمان “كانت المدرسة بحاجة إلى ثلاث غرف إضافية، وإلى الترميم، وتقدمت إدارة المدرسة بطلبات إلى وزارة التربية والتعليم، لكن كل مرة كنا نواجه بغياب التمويل”، مضيفا “قررنا أن نساهم بأنفسنا في البناء معتمدين على دعم أهالي القرية”.

وشدد سكرتير المدرسة يوسف سلمان الذي واصل المشاركة تطوعا في أعمال الترميم والبناء على الرغم من إصابة في يده، على أن “الدعم المعنوي من أهالي القرية كان كافيا كي يتطوع الأساتذة” رغم عجز الحكومة عن دفع رواتبهم. وقال ظامر حمدان، وهو أحد المشاركين في صيانة المدرسة ويتمثل دوره في تنظيف الأروقة، “هناك الكثير من الموظفين من الممكن أن يقولوا إن كان لا يوجد راتب فلماذا نعمل؟ لكننا هنا نعمل عكس ذلك ونتطوع من أجل أهالي القرية وأبنائها من الأجيال القادمة”.

ويواصل الأساتذة أشغال البناء إلى ما بعد الظهر ويتناولون طعام الغداء الذي يقدمه متبرعون وتحضره نسوة القرية قبل أن يعودوا إلى أسرهم.

قبل الاستعداد لمهمة البناء
قبل الاستعداد لمهمة البناء

 

24