كفيف سعودي يصنع مصائد للإيقاع بالصقور

الحرفي السعودي خلف شمران يبيع في العام حوالي 600 مصيدة تساعده عائداتها على قضاء احتياجاته.
الأحد 2021/02/07
شمران يشارك الصقارين شغفهم بفضل خفة أصابعه

لم يمنع فقدان البصر حرفيا سعوديا من التخصص في صناعة مصائد للإمساك بالصقور بحرفية عالية تعتمد بالأساس على حاسة اللمس، حيث تعلم تحريك أصابعه بخفة ومهارة للفّ الأسلاك المعدنية الرقيقة وخيوط النايلون والحرير، ما أكسبه شهرة واسعة بين صيادي هذه الطيور الجارحة في منطقته وكافة دول الخليج.

طريف (السعودية) - يحقق كفيف سعودي شهرة واسعة بفضل براعته في صناعة مصائد الصقور، فالرجل رغم فقدانه لنعمة البصر، لم يستسلم أبدا لليأس ويصر دائما على النجاح ويبذل قصارى جهده حتى يصل إلى هدفه.

وبدأ الحرفي السعودي خلف شمران من محافظة طريف (شمال المملكة العربية السعودية) في سن صغيرة ممارسة هذه الصّنعة كهاو، مستفيدا من خبرات كبار السن آنذاك.

 ومع مرور الزمن، كون شمران خبرة واسعة في صناعة هذه الوسيلة التي يحتاجها الصقّارون في شبك الصقور، ما أكسبه شهرة واسعة بين الصقارين جاوزت منطقته إلى كافة دول الخليج.

ووفقا لوكالة الأنباء السعودية (واس)، قال شمران “أصنع شبكات صيد الصقور من مواد خام بسيطة، من بينها الأسلاك المعدنية الرقيقة وخيوط النايلون والحرير الرفيعة”.

وأوضح أن وزن المصيدة لا يتجاوز خمسة غرامات، يتم لفها على ظهر الحمامة أو “الجربوع” (حيوان قارض يعيش في الصحراء) بحبل متين، موصول هو الآخر بوتد في الأرض، وعندما يقترب الصقر تحرّر الحمامة لترفرف في السماء، وما إن ينقض عليها الصقر، حتى تتشابك مخالبه بشبكة الخيوط الملتفة حولها، ثم تُجرّ الحمامة من قبل الصياد بواسطة الحبل، كي لا يتمكن الصقر من الفرار ويتم الإمساك به.

ولفت إلى أن صناعة المصيدة الواحدة تستغرق منه حوالي نصف ساعة، وينتج في اليوم الواحد من خمس إلى ست مصائد.

ويزيد الطلب على مصائد شمران، لاسيما في موسم هجرة الصقور خلال فصل الخريف، في سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر، من شمال الكرة الأرضية إلى جنوبها، وتسلك هذه الطيور الجارحة في مساراتها سماء صحراء الحَمَاد بمحافظة طريف.

فيشد محترفو وهواة صيد الصقور الرحال إلى صحراء الحَمَاد، حاملين معهم المؤن التي تكفيهم طوال موسم الصيد، إضافة إلى أدوات وعدّة الصيد، وهو ما حوّل المنطقة إلى نقطة تجمّع للصقّارين، طمعا في الظّفر بهذا الطائر الجارح الذي يحتلّ مكانة كبيرة في حياة ابن البادية خاصّة وأبناء الخليج عامّة، فهو رمز للشجاعة.

شمران تمكن بفضل تغلبه على فقدان البصر من أن يكسب رزقه من عمل يده ويتغلب على الملل

وتعدّ صحراء الحَمَاد مسرحا لأندر أنواع الطيور المهاجرة، مما يلهب المنافسة بين الصيادين الباحثين عن ضربة حظ يمكن أن تغير مسار حياتهم، من خلال صيد أحد أنواع هذه الطيور النادرة.

إذ يعتبر صيد الصقور من أرقى أنواع الصيد، بسبب المكاسب المادية، واعتماده على المهارة والحس، اللذين يكتسبهما الصياد بالممارسة، كي يمتلك القدرة على تحديد خط سير الهدف. وتعد هذه الرحلة الشاقة بالنسبة لممارسيها ممتعة وشيقة.

وبفضل تغلبه على فقدان البصر وعدم استسلامه لليأس، أصبح بمقدور شمران أن يكسب رزقه من عمل يده ويتغلب على الملل، حيث أشار إلى أنه يبيع في العام حوالي 600 مصيدة، تساعده عائداتها على قضاء احتياجاته، وفي الآن نفسه تخلصه من ساعات الفراغ الثقيلة.

واختار شمران مهنة يساهم من خلالها في مساعدة الصيادين على صيد الصقر الذي يحظى بمكانة رفيعة لديهم، فهو ليس مجرد طائر يقع في شباكهم ويباع من أجل التربح، لكن هناك ضروريات يجب اتباعها خلال الإمساك به، حتى لا يصاب بأيّ أذى قد يبخس ثمنه.

وعُرف الصقر منذ حقب بعيدة بعلاقته الوطيدة بالعرب وخاصة لدى سكان الجزيرة العربية، وبرزت علاقة العرب به من خلال مهنة الصيد بالقنص التي امتهنها الآباء والأجداد كأسلوب معيشة لهم، ولتوفير القوت لتتحول مع الوقت إلى هواية ورياضة متطورة ومكلفة على نحو متزايد يعتز بممارستها محبوها، وأصبحت لها عاداتها وتقاليدها وآدابها.

ويشار إلى أنه في 2016 قامت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، بإدراج صيد الصقور ضمن قائمة التراث الثقافي العالمي غير المادي.

والصيد بالصقور عادة قديمة تعود إلى المئات من السنين في الجزيرة العربية، حيث كان نشاطا أساسيا في هذه المنطقة التي عرفت بمساحاتها الشاسعة التي يندر فيها الغذاء، على عكس أوروبا التي أصبح فيها الصيد بالصقور رياضة النبلاء بحلول عام 1600.

24