كرنفال نيس في فرنسا.. قرن ونصف من الاحتفال

الكرنفالات الشهيرة وجهة مفضلة لمن يعشق الاحتفال ويهتم بثقافات الشعوب. فالناس ينتقلون من ريو دي جانيرو البرازيلية والبندقية الإيطالية إلى نيس الفرنسية التي ينهمك سكانها في تحضير عرباتهم وتزيينها والتي سترمى عليها أطنان من قصاصات الورق الملونة.
نيس (فرنسا) - يتوقّع أن يعود زخم ما قبل الجائحة ويحضر أكثر من 200 ألف متفرج الجمعة افتتاح كرنفال نيس في جنوب فرنسا، ليستعيد هذا الحدث الذي يحتفل بعيده المئة والخمسين ويُعدّ واحداً من أكبر ثلاثة كرنفالات في العالم إلى جانب نظيريه اللذين يقامان في ريو دي جانيرو البرازيلية والبندقية الإيطالية.
ويساهم هذا الكرنفال الذي انطلق في العام 1873 واكتسب شهرة عالمية في تحريك اقتصاد منطقة كوت دازور الفرنسية، إذ تبلغ عائداته 30 مليون يورو، ويوفر 1800 وظيفة مباشرة.
ويُستهل الافتتاح بعرض للألعاب النارية أمام الآلاف من الحاضرين قعوداً على المدرجات بموجب حجز مسبق. ثم تتوالى العربات المشاركة في موكب الكرنفال، ومن بينها تلك المزينة بالزهور، وتتبعها فرق من الراقصين.
الكرنفال انطلق العام 1873 واكتسب شهرة عالمية إلى جانب كرنفال ريو دي جانيرو في البرازيل والبندقية في إيطاليا
وبعد إلغاء الكرنفال العام 2021 بسبب الجائحة، وإقامته العام الماضي بعدد محدود من المتفرجين، سيكون في وسع الجمهور هذه السنة أن يشارك فيه مجدداً بالكامل، ليشاهد مرور رؤوسه الكبيرة الشهيرة، ومركباته المزيّنة التي سيرمى عليها حوالي 20 طناً من قصاصات الورق الملونة وما يُعرف بالنبتات الخجولة أو “ميموسا”.
وقال جان بيار بوفينيا (17 عاماً) المنتمي إلى الجيل الخامس من إحدى عائلات نيس الأربع التي تمتلك “شرف وامتياز” تجهيز مركبات المهرجان “نشعر بالتوتر قليلاً لكننا لم نتأخر”.
هذا الشاب الذي يتابع دراسته في مجال الكهرباء يعمل منذ أشهر في حظيرة ضخمة في حي سان روك الشعبي بوسط المدينة على إنجاز تجهيز المركبتين الأشهر في الكرنفال، وهما عربتا الملك والملكة، وقد كثّف وتيرة عمله في الأيام القليلة الأخيرة ليمتدّ من الساعة السادسة صباحاً حتى الثامنة مساءً.
وهذه المهنة التي تتناقل أجيال مدينة نيس أسرارها ومهاراتها تعلّمها جان بيار من جده الذي يفتخر بأنه يحمل “اسمه الأول”.
ويروي الجد الذي يبلغ قريبا الثمانين أن الكرنفال الأول الذي يتذكره “هو دورة 1954 التي بدأت وسط طقس مثلج”.
ويضيف الرجل الذي شهد كيفية تطور مهنته “كل عام ننتظر بفارغ الصبر رؤية وجوه المتفرجين لمعرفة ما إذا كنا قد نجحنا”.
ومن وجوه هذا التطور أن الرؤوس الكبيرة المصنوعة من البوليسترين لم تعد في السنوات الثلاث الأخيرة تُنحت يدوياً، بل يتولى المهمة روبوت مبرمج بالكمبيوتر.
وقال فرد آخر من العائلة هو فنسان بوفينيا (21 عاماً) إن اعتماد هذه التقنية أتاح “توفير الكثير من الوقت”، إذ أن “نحت الرأس بات يستغرق ثلاثة أيام فقط، بدلاً من 15”.
أما بالنسبة إلى العربات، فإن الشخصيات العملاقة التي تحملها تُبرمج ويتمّ التحكم بها بواسطة الكمبيوتر، وكذلك العشرات من الأضواء الكاشفة المثبتة عليها.
ويشير جان مارك ماتيه (64 عاماً)، وهو رجل إطفاء متقاعد من نيس يحظى منذ 25 عاماً “بشرف قيادة عربة الملكة” إلى أن المركبات التي لا يزال معظمها يعمل بالمحركات الحرارية “تتطور هي الأخرى، إذ جُهزت اثنتان منها بمحركين كهربائيين هذا العام”.
وفيما بلغت نسبة حجوزات المقاعد على المدرجات إلى 95 في المئة قبل أسبوع من الافتتاح، تتوقع بلدية نيس أن يصل إلى 200 ألف عدد الحضور في نسخة 2023 من الكرنفال الذي يُعدّ واحداً من أكبر ثلاثة كرنفالات في العالم إلى جانب نظيريه في ريو دي جانيرو والبندقية.
وسيكون الكرنفال البرازيلي هذه السنة ضيف الشرف في استعراض نيس، إذ أن ثمة توأمة بين ريو والمدينة الفرنسية التي شهدت ولادة غاريبالدي (1807 – 1882)، بطل استقلال الشعوب وخصوصاً في البرازيل. وستتمحور مشاركة كرنفال ريو دي جانيرو على موضوع “كنوز العالم” من خلال ملك يجلس على العرش بين تاج محل (الهند) وبرج بيزا (إيطاليا) وتمثال الحرية الأميركي.
وتولى اثنان من أبناء المدينة البرازيلية هما غبريال حداد وليوناردو بارا تصميم عربة خصيصاً للمشاركة في كرنفال نيس، فيما يقام في فيلا ماسينا الواقعة عند جادة “لا برومناد ديزانغليه” الشهيرة معرض للأزياء من أهم مدارس السامبا يستمر شهراً.