كرنفال مرمريتا يعود بالمغتربين السوريين إلى حمص

يحب السوريون بمختلف دياناتهم بلادهم رغم ما شهدته من أعمال عنف جعلت البعض يغادرها مكرها، وها هم اليوم يستغلون مناسبة كرنفال مرمريتا ليعودوا إلى بلدهم، يحتفلون مع من بقي منهم في المدينة الجميلة موجّهين رسالة سلام إلى العالم.
حمص (سوريا) ـ شارك المئات من السكان والمغتربين السوريين في الدورة الخامسة والأربعين من كرنفال مرمريتا الذي انطلق في حمص الأحد.
وتقع مرمريتا في وادي النصارى وهي منطقة سورية تتكون من عِدة قُرى تقع في ريف حمص الغربي، وغالبية سكّانها من المسيحيين.
وتعتبر من المناطق السياحية الجميلة في سوريا حيث تمتاز هذه المنطقة بالطبيعة الخضراء.
ارتدى المشاركون ملابس مفعمة بالألوان وقادوا سيارات وشاحنات مزينة، وتجولوا في شوارع المدينة من ساحة البلدية مروراً بالشوارع الرئيسية تصاحبهم معزوفات وألحان منوعة وعرض لوحات فنية وحركات استعراضية عفوية احتفاء واحتفالاً بهذه المناسبة.
وانطلق الكرنفال لأول مرة قبل 45 عاما كحدث ترفيهي من أجل السكان المحليين بالمدينة، لكنه سرعان ما اكتسب شهرة واسعة.
وقال زاهر يازجي المنسق العام للكرنفال “بداية كان الهدف من الكرنفال تظاهرة احتفالية، فرح لأهالي البلدة، بعد ذلك اكتشفنا أنه يحرك العجلة الاقتصادية للمنطقة كلها، فصار يستقطب المغتربين، وصارت هناك مشاريع تقام من أجل كرنفال مرمريتا”.
وأشار إلى أن الكرنفال حصيلة تضافر جهود أهالي البلدة وأبنائها من المغتربين الذين اعتادوا المشاركة فيه في الـ14 من أغسطس منذ عام 1972 احتفالاً بعيد ارتقاء السيدة العذراء باستثناء خمس سنوات خلال الأزمة بين عامي 2011 و2015، ليعاود نشاطه من جديد عام 2016 في نشر المحبة والسلام وإبراز المعالم الفكرية والثقافية والفنية التي تمثل الطابع الحضاري المتميز لمرمريتا.
وأوضحت سالي يازجي، من المشاركات في الكرنفال، أنه يعد من السمات المميزة للبلدة ومن العناوين البارزة للفلكلور، حيث يستقطب أهالي مرمريتا من داخل سوريا وخارجها كما يؤمه الزوار من مختلف المحافظات وسط أجواء من الألفة والفرح والمحبة.

وخلال النصف الأول من شهر أغسطس، يتعاون خبراء التجميل والخياطون وأصحاب الأعمال الآخرون معا من أجل إقامة هذا الكرنفال.
وقال المتطوع جورج شوك “من أول الشهر إلى الرابع عشر منه نوقف أعمالنا وأشغالنا ونتفرغ متطوعين للكرنفال”.
وأخذت خبيرة التجميل جوانا ترسم على وجه فتاة صغيرة، وبدت في غاية السعادة بالعدد الكبير من الزبائن الذين أقبلوا عليها استعدادا للكرنفال.
وقالت “عندي أكثر من زبون أحاول أن أنتهي من تجميلهم قبل الكرنفال”.
وعبر الطبيب جورج اللاطي، وهو سوري مغترب في فرنسا، عن سعادته بالمشاركة في الحدث هذا العام قائلا “هذه هي المحبة والحياة الطبيعية التي كنا نعرفها في سوريا من قبل، الآن نرى أنها ترجع”.
ويقام الكرنفال السنوي، بمناسبة ذكرى ما يعرف في المسيحية بانتقال العذراء في 14 أغسطس.
وأكد المغترب نضال حبيب، من أبناء البلدة، حرصه على المشاركة في الكرنفال منذ انطلاقه، حيث يأتي كل عام إلى سوريا خلال فترة عيد السيدة ليعيش أجواء الفرح والبهجة التي يرسمها الحدث بشكل جميل وعفوي على وجوه أهالي المنطقة.
وتتزيّن الشوارع بالمناسبة بالألوان والزينة المعبرة، ومجسمات تعبيرية كرتونية، ويأتي الحاضرون للاحتفال، ومواكبة عدد من النشاطات الفنية والموسيقية.
وفي ختام الكرنفال تطلق الألعاب النارية، وتعقد حلقات الدبكة على إيقاع الطبل والمزمار، وتقام الحفلات الغنائية المتنوعة التي تستمر حتى مطلع الفجر.
ويساهم الكرنفال في تنشيط السياحة ليس في مرمريتا فحسب، بل في عموم أرجاء منطقة وادي النصارى، حيث أصبح يشكل مصدر رزق لأصحاب المحال التجارية والمطاعم والمقاهي التي تعول عليه كثيرا، وكان من العوامل المؤثرة على الحركة العمرانية التي شهدت نشاطاً ملحوظاً حيث ازداد الإقبال على إنشاء المباني السكنية والمحال التجارية.
وباعتباره الكرنفال الأول في سوريا فقد شجع باقي المناطق على إقامة كرنفالات مشابهة، والأهم من كل ذلك تشجيع المغتربين على القدوم إلى الوطن سنويا للمساهمة في نهضته.

