لأن الشعوب منذ الأزل لا تثق بالحكومات، فإن شعوب المستقبل التي ستدار حياتها بواسطة الذكاء الاصطناعي ستستمر على نفس عدم الثقة، وستكتشف أن الذكاء الاصطناعي الذي يسير الحكومة سيرسم قناة سرية بينه وبين صحافة الإنسان الآلي وظيفتها التخادم مع الحكومة تماما كوظيفة الصحافة اليوم!

ليس قدر الرجال أن يكونوا كسالى في منازلهم، لكنه اختيار شائع بحاجة إلى ثورة سلوكية تعيد ثقة أرباب المنازل بروح المنزل بوصفه المكان الذي “يجب أن يقبلنا عندما نذهب إليه.

الصحافة الأميركية لا تترك نسمة تمر من أمام نجوم هوليوود دون أن تجد تأويلا وتداعيات مملة لمرورها، فكيف مرت عليها عشرات الانتهاكات والفضائح الجنسية للمنتج هارفي واينستين كل تلك السنين.

لقد قامت الغالبية العظمى من وسائل الإعلام العراقية بتشويه الحقيقة ومنع اختيار المجتمع العراقي لخطابه وتنظيم نفسه في ديمقراطية جديدة من الأفكار والمعلومات، وتغيير مفاهيم السلطة، وإطلاق الإبداع الفردي، ومقاومة خنق حرية التعبير.

لا يوجد أي سبب كي نعلق صور شخصيات مهما بلغ استياؤنا منها في مكان نقضي فيه حاجتنا، ونستخدمه أكثر من مرة في اليوم.

نحن مضطرون إلى تشغيل دائم لحاسة “المؤامرة” من أجل فحص ما نقرأه يوميا، ألا توجد حقيقة في كل ما نطلع عليه ما يوصلنا في النهاية إلى أن كل شيء يمكن أن يكون كاذبا.

سيكون كاظم الساهر جائزة ترضية للعراقيين والسعوديين معا، ورسالة حضارية تكشف للعالم أن المجتمع السعودي ليس بتلك الصورة المعتمة التي يعكسها المشايخ والدعاة.

الصحافي في واقع الحال لا يحتاج إلى من يحميه، إنه اختار أن يكون مغامرا يحمي نفسه بنفسه، يحافظ على مصادره ويدرك أن تعامله مع الآخرين من أجل نشر الحقيقة بين الناس.

في حقيقة الأمر إننا بتنا لا نرى أنفسنا إلا من خلال الأجهزة الذكية، فهي لم تترك لنا مساحة للتفكير الحق، وكلما حاولنا ذلك نعود ونلجأ إليها طلبا للمساعدة!

الصحف العربية تبدو كمن يسير وهو نائم من أجل تمرير خطاب الحكومات، مع أنها تدرك وهي مستيقظة أنها ستسير نائمة في طريق الكارثة.

الاحترام سلوك مرتبط كليا في انتقاء الكلمات، أنت تظهر احترامك للآخر من خلال لغتك، بينما بات التلفزيون على الأغلب لا يقدم احترامه للمشاهدين، وشاعت لغة رثة في الخطاب برمته.

الجملة الرومانسية التي يتداولها الأميركيون والبريطانيون ويفضلون فيها دولة بلا حكومة على دولة بلا صحافة، لا معنى لها عند المواطن العربي غير الشغوف بمهمة الصحافة أصلا على مر تاريخها.

من السهولة بمكان أن يعرف الإنسان الحساس شيخوخة قلبه عندما ينهار على دمعة طفل مهجر وجائع، لكن من أين لنا أن نعرف نوعية قلب الميليشياوي أو الداعشي أو رجل الدين الطائفي الذي يذبح البشر ضاحكا منتشيا؟

المعضلة أن الصحافيين لا يمتلكون الجواب في تعريف أنفسهم ومن هم في العصر الرقمي، وما أهمية عملهم بين جيل الهواتف الذكية! ولسوء الحظ أن التاريخ نفسه عاجز عن تقديم دروسه لهم من أجل استلهامها.

مشكلة العالم اليوم تكمن في الكراهية، لأنها طريق يقود إلى القتل والانتقام وسطوة المشاعر البدائية على المجتمعات، والعالم يجتهد لتخليص العالم! من الكراهية.

الأخبار الزائفة لا تستمد حقيقة وجودها من قوتها بقدر ما نقوم به نحن المستهلكون المغفلون أو الموغلون في الخطأ، بالترويج لها من أجل رغبة أنانية ضيّقة.