كتّاب عرب في عمّان يؤكدون دور القارئ في طفرة الروايات

روائيون يؤكدون تفوق الرواية العربية في ميدان الأدب والثقافة، وخطفها الأضواء من الشعر وباقي صنوف الأدب الأخرى.
السبت 2022/09/10
الروايات طريق إلى المستقبل (لوحة للفنان علي رضا درويش)

عمّان- قبل اختتامه السبت قدم معرض عمّان الدولي للكتاب في دورته الحادية والعشرين الأخيرة العديد من الندوات الفكرية والثقافية والفنية والأدبية الهامة، وقد اهتم بشكل خاص بالرواية العربية، التي تشهد اليوم طفرة كبيرة تؤهلها لأن تكون منجزا متكاملا وديوان العرب الجديد.

وانتشار الرواية ليس فقط من ناحية التسويق وتكاثر عدد الإصدارات وهجرة الكثير من الشعراء والكتاب إليها، بل أيضا في ما خلقته من عادات قرائية ومن علاقات مختلفة مع القراء، الذين يعتبرون عنصرا أساسيا في تطور إنتاجات الروايات العربية.

وقد أبرز كتاب روائيون تفوق الرواية العربية في ميدان الأدب والثقافة، وخطفها الأضواء من الشعر وباقي صنوف الأدب الأخرى، في ندوة “الرواية وأثرها في المشهد الثقافي” التي أقيمت أخيرا في المركز العالمي للمعارض – مكة مول، ضمن فعاليات “معرض عمّان للكتاب” في دورته الـ21.

وقال الروائي هاشم غرايبة الذي أدار الندوة وشارك بها محاضرا أيضاً، إن الرواية هي ديوان العرب هذه الأيام بدلا من الشعر.

وأضاف “الرواية حاضرة في الثقافة العربية منذ القدم، لكن تغير شكلها السردي، وها هي اليوم تتصدر المشهد الثقافي بفعل رؤيتها الاستشرافية للمستقبل، وتأثيرها الكبير في الأدب”.

بدوره، أشار الروائي جلال برجس إلى أنه حينما نتحدث عن أثر الرواية في المشهد الثقافي، علينا أن ننتبه إلى جهتين هما: القارئ والكاتب.

وقال برجس “ينكبّ القراء حاليًا على متابعة الرواية بشكل أثار حفيظة النقاد، وجعلهم يتساءلون عن سر تقدم الرواية على باقي الفنون الأخرى، لكنني شخصيا تمنيت أن يقدم النقاد تفسيرًا أدبيًا لإقبال الناس على الرواية أكثر من غيرها”.

وبين برجس، أنه يلمس شخصيا زيادة واضحة في إعداد القراء بشكل مستمر، مستشهدا بوجود أكثر من 100 ناد للقراءة في الأردن.

ويجد برجس أن القرب بين القارئ والرواية حالياً، يعود إلى كونها تشمل كل أنواع الفنون الأخرى وتستوعبها، وقال “عندما يجد القارئ متكئا لرأسه في رواية ما يفضلها، فالقراءة لا تقل شيئا عن الكتابة”.

في ما أشارت الروائية سميحة خريس، إلى أنها عندما بدأت تكتب الرواية كانت ترفع شعار تغيير العالم إلى الأجمل، وكانت تضع تصورا جديداً للعالم.

وقالت “خلال فترات زمنية متعاقبة حدثت نكسات متتالية في هذا التصور، بحيث صارت هناك غيوم من الشك والخوف في نفسي”.

واستعرضت خريس سؤال الكتاب: ما أهمية ما نكتب؟ وأجابت عن السؤال قائلة “أريد أن أرى شيئا أعبر عنه وأنقله عن الآخرين، وأريد أن أصنع مؤيدين لهذا النوع من الأدب، لكننا اكتشفنا خلال هذه الرحلة، أن الرواية لا تغير كثيراً، كونها تأتي لتروي ما وقع لا لتغيير ما قد وقع”.

وقال الروائي الدكتور أيمن العتوم إنه ذهب إلى الرواية شاعراً، مشيرا إلى أن اللغة الشعرية التي يكتب بها تسيطر على لغته الروائية.

وأضاف “السردية موجودة حتى في القصيدة الشعرية، والرواية هي حديث بشكل استقر عليه الكاتب، لكن النص السردي موجود في الكتب السماوية وبعض السرديات بها شعرية واضحة، والرواية بشكلها الحالي صورة قديمة متجددة”.

ولفت العتوم النظر إلى أن الكثير من الروايات استطاعت أن تغير في المجتمعات، وأن انجذاب القراء إلى الرواية هو دافع للكتّاب كي يبدعوا أكثر، فالرواية حياة ثانية يستطيع القارئ أن يعيش بها، وهي ليست جميعها خيالية بل مزيج من الخيال الواسع والحقيقة”.

كما قدم المعرض ندوة أخرى تهتم بالكتابة الروائية بعنوان “الكتابة وتجربة الكتابة/الرواية الأخيرة أنموذجاً”، وهي ندوة واصلت الخوض في منحنيات الكتابة الذاتية ومتعرجاتها، وقد أدارتها الكاتبة شهلا العجيلي، وشارك فيها الروائية الكويتية بثينة العيسى والروائي الأردني إبراهيم نصرالله.

انتشار الرواية ليس فقط من ناحية التسويق وتكاثر عدد الإصدارات وهجرة الكثير من الشعراء والكتاب إليها، بل أيضا في ما خلقته من عادات قرائية ومن علاقات مختلفة مع القراء

وتحدثت العيسى عن رواية “السندباد الأعمى”، مشيرة إلى أنها رواية عن الحب والصداقة والخيانة، عن الالتزام السياسي والحرب، عن سقوط الشعارات وعن التناقضات في عالمِ فقد نقاءه إلى الأبد، حيثُ تنتهي تلك العناوين العريضة إلى حيوات عبثية في عاديّتها.

وقالت بثينة إنها رواية عن هؤلاء الذين ظنوا بأنهم مختلفون، ومسكونون بالالتزام والعقائدية، فإذا بحادثة واحدة تقلبُ المشهد رأسا على عقِب.

أما الروائي إبراهيم نصرالله، فتحدث عن روايته الأخيرة “طفولتي حتى الآن”، مشيرا إلى وجود تقاطعات كثيرة بين السيرة والرواية، واختلافات في هذه الرواية، سواء على مستوى الشكل الروائي، أو منطق التعامل مع الأحداث والشخصيات والتاريخ.

وقال نصرالله “معنى وجود السّارد في الرواية، واتساع مساحات حضوره وضيقها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الشخصيات الأخرى المشاركة مكرّسة لهذه القضايا التي تندرج في مجال “الكتابة وتجربة الكتابة”.

يذكر أن معرض عمّان الدولي للكتاب انطلق في فعالياته منذ الأول من سبتمبر الجاري ليختتم دورته في العاشر من نفس الشهر.

13