كامالا هاريس تضع الشرق الأوسط في قلب صراعها مع ترامب

أمن إسرائيل لا يناقش وتلويح برد سريع وقوي على إيران وحلفائها.
الأحد 2024/08/25
دعم حزبي واسع للمرشحة الديمقراطية

كامالا هاريس تستعيد معارك الديمقراطيين السابقة في العلاقة مع الشرق الأوسط من خلال مواقف فضفاضة من السلام وإيران وكذلك من الديمقراطية وممن تسميهم "الطغاة". فهل تقدر على مواجهة دونالد ترامب في منطقة حساسة بالنسبة إلى مصالح الأميركيين؟

واشنطن- أبدت كامالا هاريس خلال مؤتمر الديمقراطيين في شيكاغو موقفا حازما بشأن قضايا السياسة الخارجية وخاصة في الشرق الأوسط ضمن معادلة لا تمس بأمن إسرائيل وتتجهز للرد على إيران، وإعادة تجربة جو بايدن وباراك أوباما في الدفاع عن الديمقراطية والتصدي لـ”الطغاة”، في إستراتيجية تهدف بشكل خاص إلى هزم دونالد ترامب في السباق إلى البيت الأبيض.

وفي خطابها الخميس أمام مؤتمر الديمقراطيين تعهدت نائبة الرئيس الأميركي بأنها “لن تقيم صداقات مع الطغاة”، على عكس الملياردير والرئيس السابق الذي “يريد هو نفسه أن يكون مستبدا”، بحسب قولها. وهي بالتالي تحاول أن تبدو أكثر قوة وقدرة على الساحة الدولية من خصمها الجمهوري.

هو شكل من أشكال القطيعة مع الرئيس جو بايدن الذي خاض حملته الانتخابية عام 2020 على أساس وعد بوقف “الحروب التي لا نهاية لها”. حمل باراك أوباما أيضا رسالة تهدئة على الساحة الدولية عند وصوله إلى السلطة عام 2008 بعد نهج جورج دبليو بوش القائم على المجهود الحربي. أما الديمقراطية كامالا هاريس فقد عبرت أمام الحاضرين في شيكاغو عن دعمها الصريح للجيش، مؤكدة أنها تريد أن تظل أميركا “أقوى قوة قتالية وفتاكة في العالم”. وقالت أيضا إنها سترد على أي هجوم تشنه إيران أو حلفاؤها في الشرق الأوسط.

أليسون مكمانوس: القوة التي تظهرها هاريس في السياسة الخارجية يجب ألا تُفهم بالضرورة على أنها نهج سياسي مؤيد للحرب
أليسون مكمانوس: القوة التي تظهرها هاريس في السياسة الخارجية يجب ألا تُفهم بالضرورة على أنها نهج سياسي مؤيد للحرب

وبحضور قدامى المحاربين على مسرح المؤتمر، عبرت المدعية العامة السابقة أيضا عن دعمها لأوكرانيا في مواجهة روسيا منددة بهجمات ترامب على حلف شمال الأطلسي.

لماذا هذه الكلمات القوية الصادرة عن مرشحة ديمقراطية؟

تقول أليسون مكمانوس من مركز التقدم الأميركي، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن يميل عموما إلى اليسار، إنه “لدى العموم دائما انطباع بأن المرأة هي، في جوهرها، قائدة أضعف من الرجل”.

وتضيف هذه الخبيرة “لذلك، كامرأة، عليها أن تفعل أكثر بكثير مما يحتاجه الرجل لإظهار قوتها”.

لكن مكمانوس أكدت أن هذه القوة التي تظهرها كامالا هاريس في السياسة الخارجية يجب ألا تُفهم بالضرورة على أنها نهج سياسي مؤيد للحرب.

ولأن القضية الساخنة التي تهز الدبلوماسية الأميركية وحملة الديمقراطيين هي حرب غزة والدعم القوي الذي تقدمه إدارة بايدن لإسرائيل، رغم ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين الفلسطينيين.، تظاهر الآلاف من الأشخاص في شوارع شيكاغو هذا الأسبوع احتجاجا على المساعدة الأميركية المقدمة لإسرائيل.

وحول هذا الموضوع، وعند تطرقها إلى معاناة الفلسطينيين وعبر وعدها بالعمل حتى “يتمكنوا من الوصول إلى حقهم في الكرامة والأمن والحرية وتقرير المصير”، لاقت كامالا هاريس أكبر قدر من التصفيق.

وتقول الخبيرة أليسون مكمانوس إن استخدام المرشحة الديمقراطية عبارة “تقرير المصير” يشكل خطوة مهمة.

وأوضحت أن “قول ذلك يعني الاعتراف بأن الفلسطينيين يشكلون شعبا وأن لديهم حقوقا وأنهم يجب أن يقرروا مستقبلهم بأنفسهم”.

يأتي ذلك بعد وعدها، في ختام لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نهاية يوليو الماضي، بعدم “البقاء صامتين” أمام معاناة المدنيين، خصوصا أن مستشارها الدبلوماسي الرئيسي فيل غوردون نشر كتابا ينتقد السياسة الأميركية في الشرق الأوسط.

◄ استعمال هاريس عبارة تقرير المصير يعني اعترافا بأن الفلسطينيين يشكلون شعبا وهم أنفسهم الذين يجب أن يقرروا مستقبلهم

لكن كامالا هاريس دافعت بقوة مساء الخميس عن “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، وهي لا تؤيد تعليق المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل والتي تلاقي انتقادات شديدة.

وقالت أنيل شيلين التي استقالت في مارس من الخارجية الأميركية احتجاجا على سياسة واشنطن في قطاع غزة “لقد شعرت بخيبة أمل كبيرة لأنها لم تغتنم هذه الفرصة لتحاول على الأقل الإشارة إلى أنها قد تبتعد عن المواقف الحالية” للإدارة الأميركية. لكنها أكدت أنها لم تفقد الأمل بعد.

وذكرت أنه منذ فترة طويلة في الولايات المتحدة، كان ينظر إلى انتقاد إسرائيل على أنه حسابات سياسية خاطئة. لكنها أضافت أن هذا الأمر “بدأ يتغير” رغم أنه “قد يستغرق وقتا قبل أن تفهمه الطبقة السياسية الأميركية”.

وانطلقت هاريس وترامب الجمعة في سباق محموم مدته 10 أسابيع حتى يوم الانتخابات، مع ارتفاع شعبية المرشحة الديمقراطية بعد خطاب مؤثر قبلت فيه رسميا تمثيل حزبها.

وقبل أقل من ثلاثة أسابيع من المناظرة بين هاريس والرئيس الجمهوري السابق، وشهر واحد فقط من بدء التصويت المبكر، تظهر استطلاعات الرأي أن السباق إلى البيت الأبيض يشهد منافسة محتدمة.

وتغادر السناتورة والمدعية العامة السابقة شيكاغو وهي في وضع مريح بعد أن تجاوزت ترامب في جمع التبرعات وفي استطلاعات الرأي التي كانت تظهر تقدمه قبل انسحاب الرئيس جو بايدن من السباق الشهر الماضي.

لكن دان كانينين، مدير حملة هاريس، لفت خلال حدث نظمته وكالة بلومبيرغ على هامش مؤتمر الحزب الديمقراطي إلى أنه “لم يحدث تغيير أساسي” وأن المنافسة مازالت “متقاربة جدا”.

وقال “درجة الحماسة لدينا هائلة، أعتقد أن الزخم في صالحنا، لكننا نحتاج الآن إلى… أن نحفّز الناخبين بشكل فعال هذا الخريف”.

أنيل شيلين: شعرت بخيبة أمل لأن هاريس لم تغتنم الفرصة لتحاول الإشارة إلى أنها قد تبتعد عن المواقف الحالية للإدارة الأميركية
أنيل شيلين: شعرت بخيبة أمل لأن هاريس لم تغتنم الفرصة لتحاول الإشارة إلى أنها قد تبتعد عن المواقف الحالية للإدارة الأميركية

وقبلت هاريس ترشيح حزبها للرئاسة في الليلة الأخيرة من المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي المنعقد في شيكاغو، وسط أجواء من الحماسة العارمة وبحضور مجموعة
من النجوم.

وتقدمت هاريس التي نشأت في كاليفورنيا وتبلغ من العمر 59 عامًا بهامش ضئيل للغاية في استطلاعات الرأي، لتعكس مسار الاتجاه السابق الذي كان يرجح فوز ترامب على
بايدن.

وفي شهر واحد فقط جمعت هاريس تبرعات قياسية بقيمة نصف مليار دولار. ولكن قادة الحزب نبهوا إلى أن الحملة مازالت معرضة لهبوب رياح معاكسة. ويشمل ذلك الاحتجاجات الداخلية على السياسة الأميركية إزاء الحرب بين إسرائيل وحماس، والتحولات المحتملة في استطلاعات الرأي.

ويخطط المرشح لإعلان قراره في أريزونا، في حين يعقد ترامب أيضًا تجمعا في الولاية حيث وعد بتقديم “ضيف خاص”.

وتتباين آراء المحللين بشأن التأثير الذي قد يحدثه انسحاب كينيدي الذي حصل على نسبة متدنية من الأصوات في استطلاعات الرأي، في حين أن تبنيه لنظرية المؤامرة جعله شخصية هامشية.

ومع ذلك، في سباق متقارب للغاية، حتى بضعة آلاف من الأصوات في ولاية متأرجحة حاسمة يمكن أن تحدد من سيفوز بالبيت الأبيض.

وحذر عدد من كبار أعضاء الحزب الديمقراطي، من السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما والرئيس السابق بيل كلينتون إلى المرشح لمنصب نائب الرئيس تيم والز، من أن الحزب قد يخسر أمام مرشح الجمهوريين إذا تراخت جهوده.

وقالت ميشيل أوباما أمام مندوبي الحزب في شيكاغو “إذا رأينا استطلاعات رأي سيئة، ونتوقع أن يحصل ذلك، يتعين علينا أن نضع الهاتف جانباً وأن نتحرك لنفعل شيئا”.

وقال والز، المدرب المدرسي السابق لكرة القدم، إن الديمقراطيين “تأخروا في تسجيل هدف، لكننا في وضعية الهجوم والكرة معنا”.

7