كاليفورنيا تحول نفايات الطعام إلى سماد وطاقة

تحلل المواد العضوية يرفع منسوب غاز الميثان.
السبت 2021/12/11
جياع العالم بطونهم خاوية

في الوقت الذي يجوع فيه العالم تتكدس في الولايات المتحدة بقايا الطعام داخل الحاويات لتنتج غازات ملوثة أكثر إضرارا على المدى القصير من انبعاثات الكربون الناتجة عن الوقود الأحفوري، لذلك قررت كاليفورنيا تدوير هذه النفايات إلى سماد وطاقة مفيدة بموجب قوانين صارمة تلزم السكان بجمع نفايات الأكل في حاويات خاصة.

كاليفورنيا (الولايات المتحدة) – لن يكون لقشور الموز وعظام الدجاج وبقايا الخضروات مكان في صناديق القمامة في كاليفورنيا بموجب أكبر برنامج إلزامي لإعادة تدوير نفايات الطعام في البلاد والذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في يناير القادم.

وجاء هذا الجهد لإبقاء مدافن النفايات في الولايات الأميركية الأكثر اكتظاظا بالسكان خالية من نفايات الطعام التي تلحق الضرر بالغلاف الجوي أثناء تحللها، حيث ينبعث غاز الميثان من بقايا الطعام والمواد العضوية الأخرى عندما تتحلل، وهو من الغازات الدفيئة الأكثر قوة وإضرارا على المدى القصير من انبعاثات الكربون الناتجة عن الوقود الأحفوري.

وتخطط كاليفورنيا لتجنب هذه الانبعاثات بتحويل مخلفات الطعام إلى سماد أو طاقة، لتصبح الولاية الثانية في الولايات المتحدة التي تنتهج ذلك بعد أن أطلقت فيرمونت برنامجا مشابها العام الماضي.

الهضم اللاهوائي لنفايات الطعام عملية تنتج طاقة حيوية يمكن استخدامها مثل الغاز الطبيعي للتدفئة وتوفير الكهرباء

وسيُطلب من معظم الناس في كاليفورنيا إلقاء بقايا الطعام في صناديق النفايات الخضراء بدلا من القمامة. وستعمل البلديات بعد ذلك على تحويلها إلى سماد أو تستخدمه لإنتاج غاز حيوي، وهو مصدر طاقة مشابه للغاز الطبيعي.

وقالت راشيل واغنر، مديرة إدارة الموارد وإعادة التدوير في كاليفورنيا، “هذا هو أكبر تغيير في القمامة منذ بدء إعادة التدوير في الثمانينات. وهذا أسهل وأسرع شيء يمكن أن يفعله كل فرد لإحداثِ تغيّر في المناخ”.

وتعكس مبادرة كاليفورنيا الاعتراف المتزايد بالدور الذي تلعبه مخلفات الطعام في الإضرار بالبيئة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، حيث يُهدر ما يصل إلى 40 في المئة من الطعام، وفقا لوزارة الزراعة الأميركية.

وأقرّ عدد قليل من الدول، بما في ذلك فرنسا، قوانين تطالب متاجر البقالة وغيرها من الشركات بإعادة تدوير الطعام الزائد أو التبرع به للجمعيات الخيرية، لكن برنامج كاليفورنيا يستهدف الأسر والشركات.

وتشكل المواد العضوية مثل الطعام ونفايات الفناء نصف محتويات مقالب النفايات في كاليفورنيا وخُمس انبعاثات غاز الميثان في الولاية، وفقا لكال ريسايكال.

واعتبارا من شهر يناير القادم من المفترض أن تكون لدى جميع المدن والولايات التي تقدم خدمات القمامة برامج لإعادة تدوير الأغذية، ويجب على متاجر البقالة التبرع بالأغذية الصالحة للأكل إلى بنوك الطعام أو المنظمات المماثلة.

وقال نيد سبانج، رئيس هيئة التدريس في جمعية زائد الطعام والمخلفات في جامعة كاليفورنيا دايفيس، “لا يوجد سبب لوضع هذه المواد في مكب النفايات، لكن ذلك رخيص وسهل”.

وتعد فيرمونتهي الولاية الوحيدة الأخرى التي تحظر على السكان رمي نفايات طعامهم في سلة المهملات، فبموجب القانون الذي دخل حيز التنفيذ في يوليو 2020 يمكن للسكان تحويل النفايات في حدائقهم إلى سماد، ولمدن مثل سياتل وسان فرانسيسكو برامج مماثلة.

كما ينص قانون كاليفورنيا على أنه بحلول 2025 يجب على الولاية خفض النفايات العضوية في مدافن النفايات بنسبة 75 في المئة عن مستويات 2014، أو من حوالي 23 مليون طن إلى 5.7 مليون طن.

قمامة مفيدة
قمامة مفيدة

وستسمح معظم الحكومات المحلية للسكان بإلقاء بقايا الطعام في حاويات نفايات الفناء، مع توفير البعض من حاويات كونترتوب من أجل الاحتفاظ بالخردة لبضعة أيام قبل إخراجها. ويمكن أن تحصل بعض المناطق على إعفاءات، مثل المواقع الريفية حيث تنقب الدببة في علب القمامة.

وستذهب مخلفات الطعام إلى مرافق التحويل حيث يتم تحويلها إلى سماد أو إلى طاقة من خلال الهضم اللاهوائي، وهي عملية تنتج غازا حيويا يمكن استخدامه مثل الغاز الطبيعي للتدفئة وتوفير الكهرباء.

لكن مرافق التسميد في كاليفورنيا تواجه قرارات صارمة تقضي بوجوب الحصول على تصاريح لأخذ نفايات الطعام جنبا إلى جنب مع النفايات الخضراء التقليدية مثل أوراق الشجر، وقد لا يقبل حاليا سوى خُمس مرافق الولاية نفايات الطعام.

كما حددت الولاية هدفا لعام 2025 يتمثل في تحويل 20 في المئة من المواد الغذائية -التي كانت ستذهب إلى مقالب القمامة- إلى طعام للمحتاجين.

ويجب أن تبدأ محلات السوبر ماركت في التبرع بأطعمتها الزائدة في يناير القادم، وستشرع الفنادق والمطاعم والمستشفيات والمدارس وأماكن الفعاليات الكبيرة في التبرع عام 2024. وسيساهم جزء التبرع من قانون كاليفورنيا في تحقيق هدف فيدرالي يتمثل في التقليل من هدر الطعام إلى النصف بحلول 2030.

وتعدّ ديفيس من بين مدن كاليفورنيا التي لديها بالفعل برنامج إلزامي لإعادة تدوير الغذاء. تضع جوي كلاينبيرغ، وهي أم لثلاثة أطفال، القهوة المطحونة وقشور الفاكهة وفضلات الطهي في صندوق معدني مكتوب عليه “سماد”، وعند تحضير العشاء تفرغ الطعام الزائد من لوح التقطيع في العلبة.

وكل بضعة أيام تلقي المحتويات في سلة النفايات الخضراء الخاصة بها في الخارج والتي تُرسل إلى منشأة تابعة للمقاطعة. وقالت إن الروائح الكريهة لم تكن مشكلة، متابعة “كل ما تغيره هو المكان الذي ترمي فيه الأشياء، إنها مجرد سلة مهملات أخرى. إنه أمر سهل حقا، وستندهش من مقدار تقلص القمامة في منزلك”.

وسترتفع رسوم جمع القمامة في العديد من الأماكن.

ويمكن للحكومات تجنب العقوبات من خلال تقديم التقارير الذاتية إلى الولاية بحلول شهر مارس القادم إذا لم تكن لديها برامج جاهزة وخطط لبدئها. ويمكن في النهاية تغريم المدن التي ترفض الامتثال بما يصل إلى 10 آلاف دولار في اليوم.

وقال كين برو، نائب مدير قسم الخدمات البيئية في سان دييغو، إن المدينة خصصت ما يقرب من 9 ملايين دولار في ميزانية هذا العام لشراء المزيد من حاويات النفايات وحاويات المطبخ والشاحنات لنقل النفايات الإضافية.

ويتمنّى أن يدرك سكان سان دييغو بسرعة أهمية إعادة تدوير مخلفات الطعام بعد بدء البرنامج الصيف المقبل. وقال “نأمل أن تصبح هذه الأمور من عاداتهم”.

18