كارثة السيول في عمان أظهرت تماسكا مجتمعيا وعمقا شعبيا لسياسة الدولة

السلطان هيثم بن طارق يشرف بشكل مباشر على توجيه عمليات الإنقاذ والطوارئ إثر اجتياح السيول لمناطق واسعة في السلطنة.
الجمعة 2024/04/19
جهد فعال في الإنقاذ والبحث عن مفقودين

مسقط- خلّفت الاضطرابات الجوية الحادّة التي طالت مناطق في سلطنة عمان حالة من الحزن في صفوف العمانيين بما أحدثته من خسائر طالت الأرواح البشرية بالإضافة إلى الممتلكات والمرافق الخاصّة والعامّة، لكنّها كشفت في المقابل عن قدر عال من التماسك المجتمعي ومن العمق الشعبي لسياسة الدولة عبر مختلف مواقع المسؤولية والقرار، وصولا إلى رأس هرم السلطة سلطان البلاد طارق بن هيثم، الذي ساهم اهتمامه الشخصي بمواجهة الظرف الطارئ في الحدّ من الخسائر وتطويق التداعيات الناتجة عنه.

ومع تراجع مياه السيول الناجمة عن تهاطل كميات كبيرة من الأمطار في وقت قصير نسبيا، والوقوف على حجم الأضرار المادية والخسائر البشرية التي أحدثتها، وبدء تقييمها لمعالجة آثارها وتقديم ما يجب من دعم عاجل للمتضررين منها، عمّت موجة من التضامن والتعاطف مختلف أرجاء السلطنة بما في ذلك المناطق التي لم تطلها الاضطرابات الجوية.

◄ السلطات العمانية أظهرت قدرة على مواجهة الطوارئ ومرونة فائقة في التحرّك خلال الظرف الاستثنائي الذي شهدته السلطنة

وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي برسائل التعاطف مع المتضررين من السيول ومع العوائل التي فقدت بعض أفرادها. وتهاطلت عبر ذات المواقع إعلانات التطوع لمساعدة المتضررين بمختلف الطرق والوسائل.

كما حفلت أيضا بعبارات الدعم والثناء على القيادة السياسية بعد الكشف عن إشراف السلطان هيثم بن طارق بشكل مباشر على توجيه عمليات الإنقاذ والطوارئ إثر اجتياح السيول لمناطق واسعة في السلطنة.

وتقدمت زوجة السلطان هيثم السيدة عهد البوسعيدي بتعزية لأهالي ضحايا السيول. وأصدر مجلس الوزراء العماني من جهته بيانا تقدم فيه بخالص العزاء لأهالي ضحايا الأمطار الغزيرة والمتضررين منها.

ولم يغب المنطق الإيماني والديني المعتدل البعيد عن التشدّد عن تعاطي العمانيين مع الظرف الطارئ وتبعاته، من خلال ارتفاع الأصوات بالأدعية بالصبر والسلوان للمتضررين وفاقدي أحبتهم، سواء في المنابر الدينية أو في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة أو في مواقع التواصل الاجتماعي، جنبا إلى جنب مع الدعوات إلى النجدة والمساعدة من منطلق الأخوّة الدينية والإنسانية، وما تنص عليه الشريعة من وجوب نجدة الملهوف وإغاثة المصاب.

وأعلنت سلطنة عمان، الخميس، عن ارتفاع عدد حالات الوفاة الناتجة عن المنخفض الجوي الذي شهدته السلطنة إلى إحدى وعشرين حالة، فيما تواصل البحث عن مفقوديْن اثنين.

وانتهت الأربعاء تأثيرات غير مسبوقة للمنخفض في البلاد بعد أن بدأت الأحد، وشملت هطول أمطار غزيرة وهبوب رياح شديدة.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية العمانية بـ”العثور على مواطنة مفقودة في منطقة بولاية محوت بوسط البلاد، ومقيم من الجنسية الآسيوية بولاية صحم شمالا، وقد فارقا الحياة جرّاء الحالة الجوية”.

وسبق أن أعلنت الوكالة أن الحالة الجوية “تسببت في وفاة تسعة عشر شخصا، ولا يزال البحث جاريا عن أربعة مفقودين”.

وأوضحت آنذاك أنّ “شرطة عُمان السلطانية تعاملت خلال الأيام الثلاثة الماضية مع عدد من البلاغات أسفرت عن إنقاذ أكثر من 1630 شخصا وإجلاء أكثر من 630 آخرين”.

من جهتها أعلنت اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة في السلطنة عبر حسابها في منصة إكس والمعنون “عُمان مُستعدّة” عن “انتهاء تفعيل المركز نظرا لتلاشي تأثيرات الحالة الجوية التي بدأت الأحد”، وأشارت إلى أنّ “الجهات المعنية تستمر في استكمال مهامها لمعالجة الأضرار على الخدمات المتأثرة”.

ووفق ما ذكرته وزارة الزراعة وموارد المياه العمانية، في بيان، فإن “إجمالي كمية مياه الأمطار التي احتجزها تسعة وأربعون سدا من سدود الحماية من مخاطر الفيضانات بعدد من ولايات سلطنة عُمان، بلغ أكثر من 179 مليون متر مكعب وذلك خلال الفترة من 14 إلى 17 أبريل الجاري”.

وقال مختصون في إدارة الكوارث إنّ عُمان أظهرت امتلاكها لمقدّرات جيدة ولوسائل فعّالة في مواجهة الطوارئ، وإنّ السلطات أظهرت مرونة فائقة وسرعة كبيرة في التحرّك خلال الظرف الاستثنائي الذي شهدته السلطنة هذا الأسبوع، الأمر الذي حدّ بشكل كبير من تداعياتها وقلّل حجم الخسائر الذي كان يمكن أن يكون أكبر بفعل ما بلغه الاضطراب الجوي من شدّة وعنف.

ويفسّر حزم السلطات العمانية إزاء كارثة السيول في جانب منه باهتمام سلطان البلاد شخصيا بعمليات الحماية والإنقاذ. وقال مصدر عماني مطلع إنّ لجنة الطوارئ المكلفة من قبل السلطان نسقت عمليات إنقاذ معقدة وخطرة قامت بها وحدات الدفاع المدني والقوات الجوية في أماكن عزلتها السيول.

وتدخلت القوات الجوية العُمانية عشرات المرات منذ الأحد لإنقاذ مواطنين عالقين بسبب الفيضانات، بحسب المركز الوطني لإدارة الحالات الطارئة.

3