قيس سعيد يُحاول تحييد الإدارة من الموالين للأحزاب السياسية

تونس - تسلط الإعفاءات الأخيرة التي قامت بها الحكومة التونسية برئاسة نجلاء بودن والرئيس قيس سعيد سعيا من الأخير لتحييد الإدارات والوزارات عن الموالين للأحزاب السياسية وكذلك تحقيق تقدم في مسار مكافحة الفساد الذي يتصدر سلم أولوياته.
وأقال سعيد مساء الخميس محافظي سيدي بوزيد وقبلي قبل أن يتم إيقافهما بسبب شبهة فساد.
وفي السلك الدبلوماسي، أعفى الرئيس سعيد 17 سفيرا وقنصلا من مهامهم، حسب ما جاء في أوامر رئاسية نُشرت الأربعاء بالصحيفة الرسمية دون ذكر الأسباب التي أفضت إلى إقالتهم.

محمد ذويب: الإعفاءات تهدف إلى ضمان حياد بعض الوزارات ومقاومة الفساد
والخميس أعفى وزير الداخلية توفيق شرف الدين المقرب من الرئيس سعيد 34 قياديا أمنيا، وأطلق عملية تدقيق في مصالح ديوانه.كما قرر الرئيس سعيد حذف وزارة الشؤون المحلية التي تشرف على البلديات ضمن سياسة اللامركزية، وتقرر إلحاق مختلف مؤسساتها بوزارة الداخلية.
وقال بيان لوزارة الداخلية إن “وزير الدّاخليّة أذن أن تكون أوّل مهمّة تدقيق يمضيها منذ توليه الوزارة تتعلق بمصالح ديوانه وذلك لإضفاء المزيد من النجاعة على عمل مختلف المصالح بالدّيوان وضبط المهمّات بكلّ دقة وترشيد النفقات والمحافظة على المال العام”.
وتابع “كما أذن في ذات الإطار بإنهاء صفة مكلف بمأموريّة لعدد 34 إطارا يتمتعون بمنح وامتيازات دون مباشرة أيّ مأموريّة بالدّيوان”.
ويرى مراقبون أن لهذه التغييرات أهدافا تتعلق بتحييد الإدارة في ظل الاتهامات لحركة النهضة الإسلامية باختراقها في العشرية الأخيرة التي تلت ثورة الرابع عشر من يناير 2011 واستكمال مسار مكافحة الفساد.
وقال المحلل السياسي محمد ذويب إن “الإعفاءات الأخيرة التي أقدم عليها بعض الوزراء في حكومة بودن والرئيس سعيد تتنزل في إطارين”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “إطارا أول يتمثل في محاولة ضمان حياد بعض الوزارات خاصة منها الحساسة كوزارة الداخلية التي كانت إلى فترة قريبة مخترقة من طرف حركة النهضة إضافة إلى ما يشاع عن وجود أمن مواز صلب هذه الوزارة خاصة وأن بعض الأسماء المقالة لها علاقة بالحركة”.
الرئيس التونسي قيس سعيد يقرر حذف وزارة الشؤون المحلية التي تشرف على البلديات ضمن سياسة اللامركزية، وإلحاق مختلف مؤسساتها بوزارة الداخلية
وتابع ذويب “أما بخصوص إقالة لطفي محيسن المدير في شركة النقل فهي تتأتى في إطار مقاومة الفساد فالرجل متعلقة به تهم تتمثل في علاقة بصفقة توسيع مطار تونس قرطاج الدولي والذي قام خلاله باستبعاد كل شركات مقاولات البناء التونسية والمهندسين التونسيين وفسح المجال أمام الأجانب في خرق واضح للقانون. وفي إطار عملية مقاومة الفساد أيضا تمت إقالة كل من محافظ سيدي بوزيد ومحافظ قبلي الذي كان يعمل برتبة معتمد أول سابقا في نفس المحافظة على خلفية شبهة فساد مالي واستغلال موظف لصفته لاستغلال فائدة لا وجه لها له أول لغيره والإضرار بالإدارة”.
وتشهد تونس مرحلة استثنائية دخلتها البلاد بعد اتخاذ الرئيس سعيد جملة من القرارات الاستثنائية في الخامس والعشرين من يوليو الماضي جمد بمقتضاها عمل واختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه وأقال الحكومة السابقة برئاسة هشام المشيشي.
ويولي الرئيس سعيد أهمية قصوى لمسار مكافحة الفساد حيث وعد بما أسماه عملية تطهير البلاد من الفاسدين بعد عشرية عرفت فيها تونس إخفاقات اقتصادية واجتماعية.
ولا تبدو الإعفاءات الأخيرة بمعزل عن المسار المذكور حيث أكد الناطق باسم المحكمة الابتدائية في محافظة سيدي بوزيد جابر الغنيمي أن “النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية أذنت بالاحتفاظ (توقيف) بكل من محافظ سيدي بوزيد محمد صدقي بوعون ومحافظ قبلي منصف شلاغمية على خلفية شبهات فساد تتعلق بالاستيلاء على أموال عمومية”.
وأضاف أن “ذلك تمّ بناء على تقرير تفقد قامت به مصالح وزارة الداخلية وكذلك بناء على محضر يتعلق بتسليم شهائد كفاءة مهنية دون احترام التراتيب القانونية”.