قيس سعيد يطرح مقاربة لرفع الدعم بعيدة عن شروط صندوق النقد

المقترح الجديد للرئيس التونسي يتمثل في توظيف أداء على من ينتفع بالدعم ولا يستحق لتمويل صندوق الدعم للانتفاع بالدعم.
الخميس 2023/06/01
الرئيس الريس يرفض الحلول المستوردة لحل الأزمة

تونس – طرح الرئيس التونسي قيس سعيد خلال لقائه مجموعة من الأساتذة الجامعيين بقصر قرطاج مساء الأربعاء مقاربة جديدة تتعلق برفع الدعم بعيدة عن شروط صندوق النقد الدولي، وفق ما أكده أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا الشكندالي.

وأوضح الشكندالي في تصريح لإذاعة "شمس" المحلية أن "الرئيس سعيد قدم مقترحا يتعلق برفع الدعم واقترح توظيف أداء على من ينتفع بالدعم ولا يستحق لتمويل صندوق الدعم للانتفاع بالدعم".

واعتبر الشكنالي هذا المقترح مقاربة أخرى مختلفة عن مقاربة صندوق النقد الدولي الذي طالب برفع الدعم كشرط أساسي لتقديم تمويل قدر بنحو 1.9 مليار دولار.

وقال إن "جميع الحاضرين طلبوا من رئيس الدولة ضرورة تغيير خطابه الرسمي في ما يتعلق بالاقتصاد وأن يحيط نفسه بأهل الاختصاص والأخذ بالمقترحات والحلول التي استعرضها الأساتذة الجامعيين في الإعلام".

وأشار إلى أنه تحدث خلال تدخله عن الارتفاع الجنوني للأسعار وعلى صعوبة التزود بالمواد الاساسية وعن التضخم مقترحا في هذا السياق برنامجا عاجلا.

وتابع أنه تطرق أيضا إلى أهمية تغيير المنوال الاقتصادي من منوال إقصائي إلى منوال إدماجي"، كما تحدث عن "الإجراءات المعرقلة للتونسيين وللمستثمرين، واقترح ضرورة تغيير السياسة النقدية لما تُسببه من إرهاق للتونسيين وللدولة".

وأوضح الشكندالي أن "رئيس الجمهورية أكد دعمه للحلول غير المسقطة ورفضه للحلول المستوردة من الخارج"، وشدد على أنه "مع الحلول التونسية".

وقال إن قيس سعيد تحدث "عن الشركات الأهلية وعن الصلح الجزائي وكذلك تطرق إلى مسألة الدعم، كما طرح مسألة انتفاع العائلات المتنفذة فقط بالرخص".

وكان الرئيس التونسي قد عقد مساء الأربعاء اجتماعا بعدد من الأساتذة الجامعيين في الاقتصاد، شدد خلاله على أنّ تونس لن تقبل بأيّ إملاء من الخارج، مؤكّدا أنّ البلاد تعج بالخيرات ولا تفتقر إلى الكفاءات القادرة على إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية.

كما جدّد رفضه التفويت في المؤسسات العمومية المتعلقة بالصحة والتعليم والنقل وغيرها لأنها من حقوق الإنسان، حسب ما جاء في كلمة له في تسجيل فيديو نُشر على صفحة رئاسة الجمهورية على فيسبوك، مؤكّدا في الآن ذاته عدم وجود أي نية للتقليص في المبادرة الحرة.

وأشار في هذا السياق إلى أنّ ''أكثر ما يفنّد ادعاءات الآخرين هي الشركات الأهلية حتى يتمكن العاطلون عن العمل من خلق الثروة ويكونوا فاعلين منتجين''، رغم التعطيلات التي ما تزال تعترض هذه المبادرات.

وخلال اللقاء الذي جمعه بـ15 من أساتذة الاقتصاد في الجامعات التونسي امتد خمس ساعات للنظر في الحلول الاقتصادية والاجتماعية، أكد سعيد ضرورة أن تكون هذه الحلول ''تونسية خالصة تنبع من ارادة الشعب وتستجيب لحقه في الحياة الكريمة".

ودعا سعيّد الأساتذة الحاضرين في الاجتماع إلى التفكير في وضع آليات ومفاهيم جديدة والتخلّص من مفاهيم بالية انتهت مدة صلوحيتها.

وقال إنّ ''تونس عانت ومازالت تعاني من الاختيارات الخاطئة فضلا عن الفساد الذي مازال يعربد في العديد من المؤسسات".

وانتقد طريقة تفكير البعض في تونس وخارجها التي ''تحجب الحقائق ولا تتناول أسباب الفقر ومن بين الأمثلة عن هذا الاستلاب الفكري مفهوم الإدماج الإقتصادي..فلماذا لا يتم التفكير في الإقصاء الإقتصادي؟.

وشدّد على أنّ "الذوات البشرية ليست أرقاما في معادلات توضع في المكاتب"، معتبرا أنّ "العالم لا يجازي الصدق والاستقلال بل يجازي فقط الطاعة والخنوع والإستكانة ولن نكون من بين هؤلاء".

وتوصلت تونس المثقلة بالديون، إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي منتصف أكتوبر الفائت للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار أميركي،  لمساعدتها على تجاوز أزمة مالية خطيرة ونقص في السيولة.

لكن المحادثات وصلت إلى طريق مسدود، بسبب عدم وجود التزام واضح من تونس بإعادة هيكلة عشرات الشركات العامة المثقلة بالديون ورفع الدعم عن بعض المنتجات الأساسية.

وتواجه تونس ضغوطا للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج القرض مقابل حزمة إصلاحات جوهرية للاقتصاد. ولكن الخلاف يحوم حول مراجعة نظام الدعم بالحد منه أو إلغائه، وهو ما رفضه الرئيس سعيد صراحة، محذرا من ضرب السلم الأهلية في تونس.

وإلى جانب الضغوط المتعلقة بمطالب صندوق النقد، لا تنفك قوى غربية بينها دول أوروبية والولايات المتحدة، على إبداء قلقها حيال الوضع السياسي والحقوقي في البلاد، لاسيما بعد حملة الايقافات التي طالت شخصيات سياسية بارزة.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان، إثر لقاء جمع بين وزير الخارجية التونسي نبيل عمّار ونظيرته الفرنسية كاترين كولونا الثلاثاء في باريس، إن "الاجتماع فرصة للتذكير بتعلّق فرنسا بالحقوق والحريات العامة في جميع أنحاء العالم".

وردت وزارة الخارجية التونسية بسرعة الأربعاء وقالت إن الاجتماع بين وزير الخارجية التونسي ونظيرته الفرنسية "لم يتناول" مسألة "الحقوق والحريات"، نافية محتوى البيان الفرنسي.

ونقلت الخارجية التونسية في بيان عن نبيل عمّار قوله "يظلّ التحدّي الرئيسي الذي تواجهه تونس هو النهوض بالاقتصاد"، و"من شأن الرسائل والمواقف السلبية زيادة تعقيد الظروف الاجتماعية والاقتصادية في البلاد".

وسبق وأن انتقد وزير الخارجية التونسي تعامل الشركاء الغربيين، قائلا في تصريحات له خلال الشهر الماضي إن شركاء تونس يجب عليهم الإصغاء جيدا لمعرفة حقيقة الوضع في البلاد.

وأضاف عمار أن "الوضع الحالي ما هوّ إلا انعكاس مباشر وغير مباشر للحوكمة السيئة للبلاد، على امتداد عشر سنوات، من خلال دعم العديد من الأطراف للحكومات المتعاقبة منذ 2011، وهم بالتالي يتحملون جانبا من المسؤولية وإن لم يقرّوا بذلك، وهو ما عمدت إلى تذكيرهم به مرارا، في كل مناسبة".

ووافق البنك الدولي على إقامة شراكة جديدة مع الحكومة التونسية، في ظل تنامي المخاوف بشأن الأوضاع المالية للبلاد.

ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن تصريحات البنك الدولي عبر البريد الإلكتروني القول إنه سيتم إحالة القرار بشأن إطار الشراكة -الذي يحدد "الاتجاهات الاستراتيجية للالتزامات التشغيلية" من 2023 إلى -2027 مجلس إدارة البنك لإقراره في غضون أسابيع.

وكان البنك الدولي علق في مارس الماضي بعض المناقشات مع تونس بعد اندلاع أعمال عنف ضد المهاجرين من أصحاب البشرة السمراء، والتي أُلقي اللوم فيها جزئياً على التعليقات التي أدلى بها الرئيس قيس سعيد. وسبق للحكومة التونسية أن نفت الاتهامات الموجهة إليها بالعنصرية.

ويبلغ حجم الاقتصاد التونسي 50 مليار دولار، في حين تواجه البلاد نقصاً جديداً وشديداً في الخبز والوقود. كما انخفضت بالفعل مستويات المعيشة لمعظم سكان تونس البالغ عددهم 12 مليوناً منذ 2011.

وقال نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مقابلة الشهر الماضي إن البنك يدرس برامج تبلغ قيمتها نحو 500 مليون دولار لدعم تونس في العام المالي الذي ينتهي في 30 يونيو الماضي.