قيس سعيد يراهن على الفوسفات بديلا لقرض صندوق النقد

تونس – لايزال الرئيس التونسي قيس سعيد يراهن على بدائل في الداخل تغنيه عن الاقتراض من صندوق النقد الدولي، ليفتح هذه المرة ملف الفوسفات الذي وصفه بـ"التبر"، في الوقت الذي تحدثت فيه تقارير إيطالية عن قرار للاتحاد الأوروبي بوقف المساعدات لتونس حتى يقبل رئيسها باتفاق مع الصندوق.
وقال الرئيس سعيد، خلال اجتماع مجلس الأمن القومي الأربعاء خُصّص للنظر في ملف إنتاج الفوسفات ومسألة نقله عبر السكك الحديدية وإلى الفساد الذي عرفته صفقة شراء العربات التي قيل بعد أن تم اقتناؤها أنها لا يُمكن استغلالها على السكة الحديدية الموجودة، "تبر في التراب في حين أن الدولة تشكو وضعا ماليا صعبا".
وأضاف "الوضع الذي آل إليه هذا القطاع غير مقبول على أي مقياس من المقاييس خاصة وأن نوعية الفوسفات في تونس من أفضل ما هو موجود في العالم، ولا بدّ من إيجاد حل سريع لهذه المسألة" وفق ما ورد في مقطع فيديو نشرته رئاسة الجمهورية عبر صفحتها على فيسبوك.
وأكد قيس سعيّد أن الوضع لا يمكن أن يتواصل على ما هو عليه، شأنه شأن عديد القطاعات الأخرى، مضيفا "مصاريف إضافية وعبء، في حين أنه يمكن أن يمثل جزء كبيرا لميزانية الدولة حتى لا نقترض من الخارج وتتعافى الدولة ويتعافى الاقتصاد التونسي".
ولفت إلى أن "هناك جملة من العقبات ورثناها للأسف ولكن يجب وضع حد لهذا الإرث وهذه الوضعية التي لا يمكن أمن تتواصل".
وشدد على أن "المتابعة مستمرة لمسألة استخراج الفوسفات ونقله وغسيل الفوسفات، وهذه امكانيات ضخمة وهبنا إياها الله، ويمكن أن تمثل لميزانية الدولة الكثير فلماذا نترك هذا التبر في مهبّ الرياح؟"، وأكد أن الوضع الحالي مؤقت نسبيا ولا بدّ من مواجهة هذه الأوضاع بحلول جذرية.
وأشار إلى أنه بالإمكان استخراج حوالي 10 ملايين طن من الفوسفات في العام الواحد، خاصة مع وجود عديد المناجم التي يمكن استغلالها.
وأكد "يجب أن نضع حدا لتلك الحلول التي لم تؤدي إلا إلى مزيد تفاقم الأوضاع ويجب أن يتحمل كل طرف مسؤوليته كاملة"، وذكّر باحتجاجات نادت بعودة انتاج الفوسفات عام 2019".
وتأمل تونس أن تستعيد مكانتها كأبرز المصدرين مستفيدة من ارتفاع كبير في أسعار الأسمدة بسبب الحرب في أوكرانيا خاصة في ظل المنافسة القوية مع المغرب.
وتأتي دعوة بعد تعثر دام لأكثر من عشر سنوات تسبب في خسارة البلاد لمليارات من الدولارات نتيجة توقف الإنتاج وما رافقه من احتجاجات وسوء إدارة الحكومات المتعاقبة لهذا القطاع.
ويفترض أن تعزز زيادة الإنتاج من إيرادات البلاد التي تمر بأسوأ أزمة مالية على الإطلاق، لكن لا يمكن الرهان عليه في ظل تعقيدات كبيرة تعترض طريق هذا المسار.
فالاستثمار في نقل الفوسفات من قبل الشركة التونسية لسكك الحديد يتطلب إمكانات كبيرة، في وقت تعاني فيه شركات النقل من الإفلاس، كما أن المشكلة تتعلق أساسا باللوجستيات أكثر من الإنتاج، إذ يمكن أن يوفر الفوسفات عائدات تتراوح بين 1.5 وملياري دولار سنويا، وهي نفس قيمة القرض الذي تنوي تونس الحصول عليه من صندوق النقد.
وكان من المفترض أن يجري حسم الاتفاق خلال اجتماع المجلس التنفيذي لصندوق النقد في ديسمبر الماضي، لكن الاجتماع أرجئ إلى أجل غير مسمى على خلفية رفض الاتحاد العام التونسي للشغل الاتفاق، فضلا عن تحفظات لدى السلطة السياسية في ما يخص شرط رفع الدعم الحكومي، والذي عبر عنه بشكل واضح الرئيس قيس سعيد الشهر الجاري، معتبرا أن هذه الخطوة تشكل تهديدا للسلم الاجتماعي.
وأعلن صندوق النقد الدولي مؤخرا أنه لم يغلق الباب أمام المفاوضات مع تونس، مشيرا إلى أن الحكومة التونسية لم تقدم له أي طلب حيال رغبتها في مراجعة الاتفاق المبدئي.
ويقول المراقبون إن ليس من الواضح بعد ما إذا كانت الحكومة التونسية ومن خلفها الرئيس سعيد حريصين بالفعل على المضي قدما في التوصل إلى اتفاق مع المؤسسة المالية الدولية، وفي الآن ذاته فإن البلاد لا تملك عمليا ترف الخيار في غياب وجود بدائل حقيقية.
وقالت صحيفة "لاربيبليكا" الإيطالية مساء الأربعاء إن الاتحاد الأوروبي قرر وقف المساعدات المالية حتى يحصل صندوق النقد على ضمانات من تونس بشأن الإصلاحات لمنح قرضها.
وتوقعت الصحيفة أن يظل ممثلو إيطاليا وفرنسا وألمانيا اليوم الخميس مع المفوض الأوروبي يوهانسون في منازلهم.
وقالت إن "الاتحاد الأوروبي ليس على استعداد مطلًقا لفتح حافظة النقود لمساعدة الدولة المنهارة . لا يوجد تمويل أوروبي لتونس ولا تحالف من الدول على استعداد لتوقع الدعم الاقتصادي على الأقل حتى يقبل الرئيس سعيد".
من جهتها قالت صحيفة "بيزنس" الايطالية "لا توجد التزامات محددة في هذا الوقت لوقف الأزمة التونسية وتجنب تدفق المهاجرين الجماعي نحو السواحل الإيطالية، هناك حاجة إلى أموال لا يريد أحد إنفاقها".
وذكرت الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي يريد إجبار الرئيس التونسي، على قبول المعايير الصارمة إلى حد ما لإلغاء القرض البالغ حوالي 2 مليار دولار.
وأضافت "الفرضية غير مجدية في الوقت الحالي وبالتالي، فإن وزراء داخلية فرنسا وألمانيا وإيطاليا لن يذهبوا إلى تونس، حيث يتوقع فقط زيارة مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية إيلفا جوهانسون".
وأكدت الصحفية أن جوهانسون ستقتصر خلال زيارتها على الالتزامات الشفوية العامة بشأن إدارة المهاجرين والمسائل الأمنية.
وأعلنت القمة الأوروبية قبل شهر عن حالة طارئة للمهاجرين من تونس، وقام وزراء الداخلية الثلاثة لدول ايطاليا وألمانيا وفرنسا، الذين لم يكن لديهم أي شيء ملموس للمناقشة في تونس، بتأجيل المهمة.
وأشارت الصحيفة الإيطالية إلى أن أول من انسحب الوزير الألماني، تماشيا مع مواقف بروكسل بأن لا ضمانات يقبلها صندوق النقد ولا أموال. كما فضل وزير الداخلية الفرنسي جيرارد دارمانين التأجيل، فيما ظل وزير الداخلية الإيطالي ينتظر سماع أسباب إيطاليا من ذلك الجزء من أوروبا حيث لم تقدم روما أي تنازلات له، على عكس ما حدث مع بودابست.
أما صحيفة "المانيفستو" الايطالية فقد أكدت بدورها وعبر عنوان رئيسي "تونس على شفا الهاوية والاتحاد الأوروبي يعيق التمويل".
وقالت وكالة نوفا الايطالية أن المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا جوهانسون، ستصل الخميس، في زيارة رسمية إلى تونس، حسب مصادر في الاتحاد الأوروبي
من جهتها قالت وكالة أنسا الايطالية في تقرير لها مساء الأربعاء إن المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية في طريقها إلى تونس.