قيس سعيد يبشّر التونسيين بالبدء في بناء جمهورية جديدة

الرئيس التونسي يؤكد خلال اجتماعه بممثلي اتحادي الشغل والأعراف وعميد المحاميين على ضرورة اعتماد الاستشارة الإلكترونية في الحوار الوطني.
السبت 2022/04/02
قيس سعيد: فجر جديد سيشرق على تونس

تونس - أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد، مساء الجمعة، البدء في بناء "جمهورية جديدة"، وفق مخرجات الاستشارة الإلكترونية حول مسائل سياسية واجتماعية، على غرار نظام الحكم، وغيرها، وذلك في إشارة عن قرب انطلاق الحوار الوطني والخروج من الأزمة الاقتصادية والسياسية.

ومنتصف يناير الماضي، أطلق الرئيس سعيد، استشارة إلكترونية بهدف تعزيز مشاركة المواطنين في عملية التحول الديمقراطي واستمرت حتى 20 مارس الماضي.

وأظهرت نتائج الاستشارة التي أعلنتها الحكومة التونسية، الجمعة، مشاركة قرابة نصف مليون شخص فيها، ورغبة 86.4 في المئة من المشاركين بالتحول إلى نظام رئاسي في البلاد، بعد أن ثبت عقم النظام الحالي الذي أفرز نوعا من المحاصصة الحزبية، انتهت بالبلاد في أكثر من مناسبة إلى حالة من الشلل السياسي.

وقال سعيد في كلمة متلفزة بمناسبة حلول شهر رمضان "بدأنا اليوم في ما عزمنا على القيام به ولن يثنينا عن عزمنا في تطهير البلاد والمضي قدما، في بناء جمهورية جديدة وفق مخرجات الاستشارة الإلكترونية شيء".

وأضاف "سنبني تونس جديدة مع الصادقين المخلصين، وسيهل على الشعب التونسي هلال جديد وسيشرق فجر جديد على تونس".

واعتمدت تونس بعد نقاشات دامت ثلاث سنوات نظاما برلمانيا معدلا أو شبه برلماني عام 2014، ومنح هذا الشكل من النظام السياسي مجلس نواب الشعب صلاحيات التشريع ومنح الثقة للحكومة وسحبها منها والرقابة على عملها، وأعطى رئاسة الحكومة جل الصلاحيات التنفيذية، فيما حصر اختصاص رئيس الجمهورية في ثلاثة مجالات هي الدفاع والأمن القومي والعلاقات الخارجية، على الرغم من أنه منتخب من الشعب بصفة مباشرة.

وأحدث نظام الحكم البرلماني المعدل الذي تبنته تونس في دستور 2014، شتاتا برلمانيا عمّق أزمة البلاد أكثر، ولهذا ومنذ إقراره، أثيرت ردود فعل كثيرة حوله وتتالت الدعوات إلى تعديله وتغييره، للتصدي للأزمات التي تعيشها البلاد، خاصة مع تشظي الحياة السياسية وغياب الانسجام والحسم في السياسات العمومية.

ودعت قوى معارضة -على رأسها حركة النهضة الإسلامية- لمقاطعة الاستشارة، وقالت إن الرئيس "يمهد بها لإجراء تعديلات لاسيما على الدستور لتعزيز عملية جمع كل السلطات بيده"، فيما يقول الرئيس سعيد إنها "تهدف لجمع آراء المواطنين حول مواضيع سياسية واجتماعية واقتصادية".

وتأتي تصريحات الرئيس التونسي عقب اجتماعه بممثلي اتحادي الشغل والأعراف، أكبر منظمتين بالبلاد، وعميد المحاميين التونسيين، وهو ما يمثّل مؤشرا واضحا على أن رئيس الجمهورية ليس معزولا ولا متفردا بالرأي.

وقال سعيد إن اجتماعه بممثلي المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل دليل على أن الحلول لن تنفرد بها جهة واحدة بل ستقوم على الحوار.

ولقيت قرارات سعيد بإعلان التدابير الاستثنائية وتجميد البرلمان ومن ثم حلّه في قرار اتخذه الأربعاء، تأييدا من اتحاد الشغل ذي النفوذ التقليدي في تونس.

وقال الرئيس سعيد إن الحوار "سيكون بناء على مخرجات الاستشارة الوطنية"، مضيفا أنه "لن يكون مع من أرادوا الانقلاب على الدولة وتفجيرها من الداخل".

من جانبه، قال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي "التشاركية ستكون سيدة الموقف لرسم آفاق ومستقبل تونس في المرحلة القادمة مع القوى المدنية والسياسية التي تتقاطع في الأفكار لبناء تونس الغد".

ويرى مراقبون أن الأحزاب السياسية التي عقدت الأربعاء جلسة افتراضية وصوّتت خلالها على إلغاء التدابير الاستثنائية التي أعلنها الرئيس سعيد منذ 25 يوليو الماضي بما في ذلك تجميد البرلمان، من المنتظر ألاّ تشارك في الحوار الوطني المرتقب بعد اتهامها بالتآمر على أمن الدولة.

وبدوره، قال سمير ماجول رئيس اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية عقب لقائه الرئيس سعيد مع باقي أعضاء المكتب التنفيذي للمنظمة "كنا دائما مع قرارات 25 يوليو.. اليوم يجب تغيير المناخ الاجتماعي والاقتصادي حتى نعيد الأمل للشعب التونسي والمؤسسات".

من جانبه، أكد عميد الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بودربالة، أنّ "المسار الذي تنتهجه تونس اليوم هو مسار تاريخي، من شأنها أن ينقذ البلاد ويخرجها من عنق الزجاجة وأن يمكّن من تحقيق كلّ الآمال التي نطمح إليها".

وأوضح بودربالة أنّه أكّد للرئيس سعيد أنّ انفتاحه للحوار مع المنظمات الوطنية التي لها رصيد وطني ومع الشخصيات الوطنية المستقلة التي عرفت بنظافة اليد من شأنه أن يبعث الطمأنينة في نفس كلّ المواطنين بخصوص المسعى الذي ارتآه والذي رسمه لنفسه".

كما أكّد له أنّ "مهنة المحاماة دائما تقوم بدورها في الدفاع عن مصلحة الوطن وهي مستعدة بكلّ أفرادها للمشاركة في تحقيق الفلاح للوطن".

وأشار إلى أنّ "رئيس الدولة عبّر له عن تقديره لمهنة المحاماة وللرسالة التي تقوم بها في صلب المؤسسة القضائية وفي المجتمع خلافا للدور الذي عبرت عنه مهنة المحاماة من خلال مواقفها الوطنية الداعمة لكلّ الخيارات التي تضع مصلحة الوطن فوق كلّ اعتبار".

وتأتي هذه التطورات، بعد أن بدأت السلطات الأمنية منذ الخميس في استدعاء النواب ومن بينهم رئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي للتحقيق الأمني.

وأفادت إذاعة موزاييك المحلية مساء الجمعة أن النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بتونس أذنت لأعوان الوحدة الوطنية الأولى للبحث في جرائم الإرهاب والجرائم الماسة بسلامة التراب الوطني بإحالة الغنوشي ونواب آخرين، على أنظارها "بحالة تقديم" الثلاثاء القادم.