قيس سعيد وأنطونيو غوتيريش يفتتحان ملتقى الحوار السياسي الليبي بتونس

تونس – افتتح الرئيس التونسي قيس سعيد، صباح الاثنين، ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي تسيره الأمم المتحدة بقيادة الممثلة الخاصة للأمين العام في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز، والذي تنعقد أشغاله لمدة يومين في تونس.
وقال الرئيس التونسي إن "الحل (في ليبيا) لا يمكن أن يخرج من البنادق أو أزيز الرصاص (..) الحل أن يستعيد الشعب الليبي سيادته الكاملة على كل ذرة من ترابه الوطني"، مضيفا أن "الليبيين قادرين على تجاوز كل الصعوبات وتخطي كل العراقيل".
واقترح سعيد على الفرقاء الليبيين المشاركين في ترتيب الفترة الانتقالية بعدم الترشح إلى عضوية المؤسسات الدائمة.
وعزا الرئيس التونسي، وهو أستاذ قانون دستوري متقاعد، في كلمة له، هذا المقترح إلى أن المنع القانوني للمشاركين في إدارة المرحلة الانتقالية سيسمح بتفادي توترات لاحقة يطول أمدها في مؤسسات الحكم الدائمة.
ووصف سعيد في كلمة له الحوار بـ"اللحظة التاريخية"، مشددا على الحل الليبي-الليبي لإنهاء الأزمة وعلى الدعم التونسي غير المشروط.
ودعا الرئيس التونسي المشاركين في المؤتمر إلى "وضع إجراءات واضحة ومواعيد محددة" للتوصل إلى حل سياسي شامل.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كلمة مصورة في افتتاح الملتقى "إن اجتماع اليوم هو لقاء لمواصلة صياغة حقبة جديدة يقودها السلام والاستقرار في ليبيا والفرصة متاحة لإنهاء نزاع مأساوي في البلاد".
وثمن غوتيريش توقيع الأطراف الليبية على اتفاق وقف إطلاق النار في جنيف الشهر الماضي واعتبره خطوة أساسية إلى الأمام، مضيفا أن مسؤولية هؤلاء هي صياغة مستقبل ليبيا بكل شجاعة مع المحافظة على التزامهم بهذا الاتفاق لاستعادة سيادة ليبيا والمؤسسات الشرعية والديمقراطية.
وأشار إلى أن حل الفرقاء الليبيين خلافاتهم هو اختبار لعزيمتهم مشددا على تواصل التزام المنظمة والمجتمع الدولي بمساعدتهم في ذلك ما دام الجميع يحترم التقيد الكامل والتام بقرار حظر السلاح المفروض من مجلس الأمن الدولي مضيفا أن مستقبل ليبيا وجميع أفراد شعبها يجب أن يكونوا أكبر من أي خلافات حزبية أو فردية خاتما بالقول "مستقبل ليبيا بين يديكم الآن".
وانطلقت في تونس، الاثنين، جولة مفاوضات مباشرة بين أطراف النزاع في ليبيا، وسط تطلعات بطي صفحة النزاعات الداخلية المؤلمة، وإرساء حل جذري للأزمة.
وكانت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة البعثة الأممية للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز قالت إن المجتمع الدولي بات على "مشارف ليبيا جديدة".
وقالت وليامز في افتتاح ملتقى الحوار في العاصمة تونس، "نحن على مشارف ليبيا الجديدة بعد سنوات من الشد والجذب والحروب والأزمات".
وأوضحت "نحن نخطو إلى الأمام بخطوات واثقة في مسارات متعددة، تسير بعضها الأمم المتحدة، مستندين إلى إرادة الشعب الليبي".
ولفتت إلى أن الطريق لن يكون مفروشا بالورود ولكن اتفاق وقف إطلاق النار في أرجاء ليبيا ساهم في تهيئة الأجواء قبل الحوار.
وتحوم شكوك كثيرة حول نجاح اجتماعات منتدى الحوار السياسي المباشر بين الفرقاء الليبيين الذي تحتضنه تونس، الاثنين، في ظل رفض الميليشيات المسلحة التخلي عن السلاح وتهديدها بنسف جهود السلام إذا ما هدّدت نفوذها ومصالحها.
ويأتي الحوار في وقت كثفت الميليشيات المسلّحة التابعة لحكومة الوفاق من خطاباتها التصعيدية في مسعى لمحاولة قلب موازين القوى في اجتماعات تونس، وهو ما يزيد من حالة عدم اليقين المحيطة بمصير نتائجه.
ويتجلى ذلك في رفض "قوة حماية طرابلس"، وهو ائتلاف مسلح يضم ميليشيات النواصي ومكتب الأمن العام أبوسليم وثوار طرابلس وباب تاجوراء والتي تتبع وزارة الدفاع بحكومة الوفاق، قائمة المشاركين في الحوار الليبي بتونس، متهمة البعثة الأممية بأنها تحولت من وسيط، إلى حاكم في ليبيا.
ودعت "قوة حماية طرابلس" في بيانها، "كافة القادة الأمنيين والعسكريين، بالإضافة إلى جميع النخب وعمداء البلديات والوطنيين من شعبنا الأبي إلى عقد اجتماعات طارئة والتظاهر للوقوف ضد كل هذه الترهات التي يقوم بها ثلة ممن تورطوا في سفك دماء الليبيين ونهب ثرواتهم.. حيث أن بلادنا لن تنجو بمرحلة انتقالية جديدة يضعها مجموعة من مندوبي (عملاء) الدول أصحاب المصالح في بلادنا، ولن نستطيع الوصول بها إلى برّ الأمان إلا من خلال حوار (ليبي – ليبي) يشترك فيه كل أفراد الشعب دون انتقاء أو محاباة أو استثناء".
وهدد صلاح بادي زعيم ميليشيا "لواء الصمود"، الأحد، بنسف أي اتفاق ينبثق عن الحوار كما انتقد أعضاء ملتقى الحوار السياسي الذين تمت دعوتهم من قبل البعثة للمشاركة في الاجتماعات، ووصفهم بـ"عبيد الكراسي"، مشيرا إلى أن "الثوّار الذين كانوا يختبئون وراءهم هم من ضحوا بأنفسهم".
ويشار إلى أن صلاح بادي مدرج على قائمة عقوبات مجلس الأمن الدولي منذ نوفمبر 2018 بتهمة زعزعة الأمن في ليبيا، وهو أحد مؤسسي ميليشيات "فجر ليبيا" التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، التي أحرقت مطار طرابلس الدولي عام 2014.
وفي السياق ذاته أعلن بادي رفضه الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم توقيعه بين طرفي النزاع الليبي في مدينة جنيف السويسرية قبل أسبوع، أو الاعتراف بأي مخرجات تنتج عن الحوار في تونس، وأعلن في المقابل تمسكه بالحرب وبالسلاح كخيار لحل الأزمة.
وتكثفت خلال الأيام الماضية الكثير من المؤشرات التي تؤكد حجم التحديات والعراقيل التي تعترض تنفيذ الاتفاق العسكري الذي تم توقيعه بين الطرفين والذي مهد للمفاوضات السياسية، حيث اختطفت ميليشيا "النواصي" التابعة لوزارة الداخلية بحكومة الوفاق، الجمعة، ركاب طائرة ليبيين، فور وصولها مطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس قادمة من مدينة بنغازي شرق البلاد، في حادثة تكشف استمرار تغوّل الميليشيات داخل طرابلس وسيطرتها على الأرض.
ورغم التحديات المفروضة أبدت وليامز تفاؤلها بإمكان تحقيق نتائج إيجابية في المحادثات المرتقبة بين طرفي النزاع الذي تشهده البلاد والرامية إلى التحضير لإجراء انتخابات".
وقالت وليامز إن "جدول أعمال الملتقى، الذي تستقبله تونس تحت رعاية الأمم المتحدة يتضمّن 5 محاور رئيسية".
وتتعلق محاور الملتقى بـ"وقف إطلاق النّار، وتوصيات اجتماع لجنة 5+5 بغدامس، والتّوصيات المقدمة من عمداء البلديات، ومناقشات المجتمع المدني، والمجموعات النّسوية".
والشهر الماضي وقّع طرفا النزاع في ليبيا "اتّفاقا دائما لوقف إطلاق النار" بـ"مفعول فوري"، مهّد الطريق أمام استئناف تصدير الإنتاج النفطي الليبي وشكّل تقدّما على خط إنهاء الأزمة السياسية المستمرة منذ سنوات.
وقالت وليامز للصحافيين في تونس "إنها فرصة فريدة. لقد تم إحراز تقدّم كبير".
وترمي المحادثات السياسية التي تندرج في إطار عملية متعدّدة المسارات تشمل المفاوضات العسكرية والاقتصادية، إلى توحيد البلاد تحت سلطة حكومة واحدة وتمهيد الطريق أمام إجراء انتخابات.
وتابعت وليامز أن "الانتخابات يجب أن تكون الهدف النهائي"، داعية إلى "خارطة طريق واضحة" ترمي إلى إجراء انتخابات بأسرع وقت ممكن.
وتحدثت وليامز عن "تقدّم ملموس على صعيد تدابير بناء الثقة التي رافقت الحوار العسكري"، واستئناف الرحلات الجوية الداخلية إلى جنوب البلاد وزيادة إنتاج النفط إلى نحو مليون برميل يوميا.
وسيشارك في الحوار 75 شخصا اختارتهم الأمم المتحدة لتمثيل النسيج السياسي والعسكري والاجتماعي للبلاد، بعدما تعهّدوا بعدم المشاركة في الحكومة المرتقبة التي سيقع على عاتقها التصدي لأزمة مالية حادة وجائحة كوفيد - 19 التي أوقعت أكثر من 900 قتيل وأثقلت كاهل القطاع الصحي الليبي المنهك.
وقالت وليامز إن "الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر"، حاضّة المشاركين على "الحضور بروحيّة التسوية، والاستعداد لتقديم تنازلات لمصلحة ليبيا".
وأضافت وليامز أن "ليبيا أمام فرصة كبيرة للخروج من نفق الصّراعات بالتزام المتحاورين بالمسؤولية والالتزام بما سيفرزه المؤتمر".