قيس سعيد رئيس في مهمة صعبة لإنقاذ تونس

التعويل على الذات وصفة سعيد للإفلات من شراك القروض الدولية والإملاءات الخارجية.
السبت 2024/10/05
رئيس يحتضن مواطنيه

لا يزال قيس سعيد الرئيس التونسي الحالي والمرشح الأبرز للفوز بولاية ثانية في انتخابات غد الأحد 6 أكتوبر يحظى بشعبية كبيرة لدى عدد كبير من التونسيين الذين يدعمون مواصلة مسيرته في مكافحة الفساد ومعالجة الأزمة الاقتصادية رغم بعض المآخذ على فترة ولايته الأولى.

تونس - يبدو المرشح للانتخابات الرئاسية التونسية قيس سعيّد في طريق مفتوح للفوز بولاية ثانية، لكن مهمته في إنقاذ البلاد من الأزمة الاقتصادية لن تكون سهلة بل هي من الصعوبة بمكان.

وانتخب سعيّد (66 عاما) ديمقراطيا في العام 2019 بعد أن رفع شعار “الشعب يريد”، وعبّر طيف واسع من التونسيين عن ابتهاجهم عندما اتخذ إجراءات استثنائية في 25 يوليو 2021 تم بموجبها حل البرلمان التونسي استجابة لأصوات عدد كبير من التونسيين الذين يحمّلون المجلس التشريعي والحكومات المنبثقة عنه مسؤولية استشراء الفساد في البلاد.

وبعد مرور ثلاث سنوات، تندّد منظمة العفو الدولية “بتراجع مقلق في الحقوق الأساسية في مهد الربيع العربي” و”بالانحراف”، مع تراجع على مستوى إنجازات الثورة التي أطاحت بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي في العام 2011.

ويندّد معارضون وناشطون تونسيون بحملة القضاء التونسي ضد شخصيات سياسية من الصف الأول ورجال أعمال وإعلام حاولوا تشكيل جبهة معارضة، فتمّ اعتقالهم، وبسجن نقابيين ونشطاء في منظمات المجتمع المدني وصحافيين معروفين. ولا يزال أغلب هؤلاء في السجون ويحاكمون بتهمة “التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي”، بعد أن وصفهم الرئيس “بالخونة وأعداء الوطن والإرهابيين”.

رمضان بن عمر: الرئيس سعيد لديه مهمة إلهية ثورية تتمثّل في تحقيق إرادة الشعب
رمضان بن عمر: الرئيس سعيد لديه مهمة إلهية ثورية تتمثّل في تحقيق إرادة الشعب

في المقابل يؤكد الرئيس التونسي والمرشح الرئاسي أن مناخ التعددية والديمقراطية مضمون دستوريا وقانونيا وأن القضاء مستقل. ويرى العديد من أنصار سعيّد أن الرئيس أعاد ” هيبة الدولة” ووضع حدا للإفلات من العقاب تحت عباءة العمل السياسي.

ويشيد هؤلاء بتمشي سعيّد في ما يصفونه بـ”الفساد السياسي الذي يخفي تحته الفساد المالي” وثقافة الإفلات من المحاسبة. وتوعد الرئيس التونسي في أكثر من مرّة ” الفاسدين” قائلا إنهم سيحاسبون أمام القضاء مهما كانت مناصبهم.

لم يقم سعيّد ذو القامة الطويلة النحيفة والشعر الخفيف بحملة انتخابية، ويعوّل على زيارات سابقة قام بها بصفته رئيسا إلى الأحياء أو المناطق المحرومة حيث ندّد مرارا بصوت عال يغلب عليه الغضب والتشنج بـ“المؤامرات” التي يحوكها “أعداء تونس” في الداخل والخارج.

ويصف صلاح العسالي (45 عاما)، الميكانيكي في منطقة أريانة حيث كان سعيّد يقطن، لوكالة فرانس برس، سعيّد بأنه “شخص جاد يعمل كثيرا، لكن الأيادي الخفية تعيقه باستمرار".

ويقول عماد المحيمدي (45 عاما)، وهو نادل في مقهى يتردّد إليه سعيّد منذ أكثر من عشرين عاما وحتى بعد أن أصبح رئيسا، “يواجه العديد من المشاكل والمافيا والفساد، خلال حكمه وأعاد البلاد إلى المسار الصحيح وسينطلق القطار مرة أخرى".

وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، نادرا ما عقد سعيّد مؤتمرات صحفية أو مقابلات بالرغم من أن التونسيين عرفوه من خلال مشاركاته السابقة في البرامج التلفزيونية والإذاعية طوال فترة الانتقال الديمقراطي التي مرّت بها البلاد بعد ثورة 2011.

واقتصر تواصله الإعلامي على البيانات الصحفية ومقاطع الفيديو على صفحة الرئاسة على موقع فيسبوك. أمام المسؤولين الحكوميين، يحتكر غالبا الكلام. ولا يتردّد في أخذ القرارات. في غضون ثلاث سنوات، غيّر ثلاثة رؤساء حكومات وأقال عشرات الوزراء.

ويقول الناطق الرسمي باسم منظمة “المنتدى التونسي للحقوق والحريات” رمضان بن عمر إن الرئيس “لا يؤمن بدور الوسطاء بين الشعب وبينه وهو يعتبر أن لديه مهمة إلهية ثورية” تتمثّل في “تحقيق إرادة الشعب".

وفي كل مناسبة تتاح له عند لقاء الناس في الشارع، يعد سعيّد بـ”حرب تحرير وطني وتقرير المصير” الجديد لتونس، لكن أفكاره ومشاريعه تظل غامضة وغير واضحة المعالم.

يتحدّث سعيّد “إلى الناس بلغة لا يفهمها إلا نفسه”، وفق ما يقول الكاتب يوسف الصديق، عالم الأنثروبولوجيا الذي عندما التقى به بانتظام قبل انتخابات العام 2019، أذهله بلطفه وبقدرته على الإصغاء، وهو “ما يتناقض اليوم مع الصلابة" التي يظهرها.

ويتمسّك سعيّد في خطاباته بمبدأ السيادة ولا يتردّد في انتقاد المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي الذي رفض “إملاءاته” حين طلبت تونس قرضا بقيمة ملياري دولار، أو المجتمع المدني التونسي الذي يتهمه بـ”تلقي مبالغ هائلة من الخارج". ويرى أن معالجة الأزمة الاقتصادية تمرّ ببعث “الشركات الأهلية” واستئناف نشاط إنتاج مادة الفوسفات و”التعويل على الذات".

ويشير خبراء اقتصاديون إلى علل كبيرة تعرقل الاقتصاد التونسي بتباطؤ النمو وارتفاع معدلات البطالة (16 في المئة) والديون الثقيلة (80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي). وعلى الصعيد الدولي، هو قريب من الجزائر التي تدعم تونس بالمساعدات المالية وبقروض وشحنات من الوقود بأسعار منخفضة.

وسعيّد مدافع عن القومية العربية، ويدعم القضية الفلسطينية وتطوّرت علاقات بلاده منذ وصوله إلى الحكم، مع الصين وإيران وروسيا.

وولد سعيّد في 22 فبراير 1958 بمنطقة بني خيار (وسط شرق) في عائلة من الطبقة المتوسطة ومحافظة. متزوج من القاضية إشراف شبيل وأب لبنتين وصبي. ودرّس سعيّد القانون الدستوري حتى تقاعده في العام 2018، وهو عاشق للموسيقى العربية الكلاسيكية والخط العربي، ويكتب رسائله المهمة بالحبر والقلم.

اقرأ أيضا:

7