قوانين جديدة في إسبانيا لمنع تجارة الجنس

العمل في الخفاء يزيد من أمراض الإيدز والعنف.
الأربعاء 2022/11/02
القانون يحمي من سطوة المافيات

شملت الأزمة الاقتصادية تجارة الجنس فدخلت إلى السوق عاملات جديدات أجبرتهن تكاليف العيش على ذلك، كما دفعتهن قوانين منع هذه التجارة في إسبانيا إلى الاحتجاج خوفا على مصدر رزقهن خاصة وأنهن عازمات على العمل خارج الأطر القانونية ما يساهم في انتشار مرض نقص المناعة والعنف.

مدريد - لم يكن الأمر كما تخيلت أنجيلا عندما خططت لبداية جديدة في إسبانيا، لكن العمل في الجنس أصبح شريان الحياة المالي للمهاجرة البيروفية وأقاربها في الوطن، حيث ساعدها على دفع تكاليف علاج والدها من السرطان وإرسال أخيها إلى كلية الطب.

وقالت المرأة البالغة من العمر 32 سنة والتي تشعر مثل العديد من العاملات في الجنس في إسبانيا بالغضب والقلق بشأن خطط الحزب الحاكم لقمع تجارة الجنس في مشروع قانون لمناصرة حقوق المرأة “لديك مشاريع وأفكار للحياة، لكن الحياة تفاجئك”.

وسيجعل مشروع القانون الذي صاغه الحزب الاشتراكي العمل في الجنس جريمة، ويفرض عقوبات أكثر صرامة على منظميه سعيا لإنهاء الدعارة بشكل فعال من خلال معالجة الطلب.

ويقع العمل بالجنس عبر الإنترنت، مثل مكالمات الفيديو وإنتاج الصور ومقاطع الفيديو الإباحية، ضمن نطاق التشريع المقترح، بينما يحظر قانون آخر الإعلانات عن الدعارة.

وكان من المقرر إجراء تصويت برلماني على المقترحات في وقت مبكر من الشهر الماضي، لكن بعض المشرعين وافقوا على إجراء محادثات مع العاملات بالجنس قد تؤدي إلى إجراء تعديلات.

وفي حملة الاشتراكيين الأوسع نطاقا لحقوق المرأة، يعامل مشروع القانون العاملات بالجنس كضحايا وليس كمجرمات مثلما يحدث في ظل حظر الدعارة.

وقالت المشرعة أندريا فرنانديز المؤلفة المشاركة لمشروع القانون والتي تعتقد أن جميع الأعمال الجنسية تنبع من الاستغلال الذي يجب أن يعاقب عليه القانون، إن التغييرات لن تعاقب العاملين في مجال الجنس بأي شكل من الأشكال.

سنعمل خارج القانون
سنعمل خارج القانون

وظل العمل بالجنس حتى الآن في منطقة رمادية قانونية في إسبانيا ويتم التسامح معه إلى حد كبير، على الرغم من أن الاستغلال الجنسي

 والتحكم في العاملين في هذا المجال أو أخذ جزء من أرباحهم غير  قانوني. لكن العاملين في هذا المجال يخشون أن الحملة المقترحة لن تنجح في وضع حد للدعارة ويمكن أن تزيد بدلا من ذلك من المخاطر التي يتعرض لها الأشخاص الذين يبيعون أجسادهم.

وقالت أنجيلا التي طلبت عدم الكشف عن اسمها بالكامل لحماية هويتها، بشأن المقترحات التي أثارت احتجاجات في الشوارع من قبل العاملات بالجنس “سيستمر الأمر ولكن فقط فيظروف أسوأ”.

وحمل البعض في المظاهرات الأخيرة لافتات كتب عليها “العمل في الجنس هو عمل”، بينما هددت جمعية المشتغلين بالجنس “أستراس” بتسمية السياسيين من زبائنها وفضحهم في محاولة لإسقاط القواعد الجديدة.

في إسبانيا "أستراس" تهدد بفضح أسماء السياسيين من زبائنها في محاولة لإسقاط قوانين جديدة

وقالت راكيل (41 عاما) وهي عاملة في الجنس تنتمي إلى ستوب أبوليشن، وهي مجموعة حملة لمحاربة مشروع القانون، إنه إذا تم إقراره فسوف يؤدي إلى العمل في الجنس في الخفاء، مما يزيد من مخاطر الإصابة بفايروس نقص المناعة والعنف بسبب الظروف غير الآمنة مثل العمل في الشوارع.

وقالت طالبة عدم ذكر اسمها الكامل “ستلقي الحكومة التي توافق على هذا القانون بنا في أحضان المافيا”.

وقالت على سبيل المثال، إن الشبكات الإجرامية فقط هي التي ترغب في تأجير شقق لعاملات الجنس، لأن أصحاب العقارات يخشون المقاضاة بموجب تعريف أوسع للمنظمين في مشروع القانون.

وقررت الحكومة الإسبانية ذات الأغلبية الاشتراكية المضي قدما في التشريع على الرغم من الانقسامات العميقة حول النص داخل الحزب وشريكه في الائتلاف بوديموس.

ويقول المنتقدون إن المبادرة أبوية بشكل مفرط وتحجبها الأحكام الأخلاقية حول تجارة الجنس.

كما أدى مشروع القانون إلى انقسام داخل حركة حقوق المرأة في البلاد، حيث وضع النساء في مواجهة النساء في نقاش حاد، حيث قالت النائبة اليسارية المتطرفة ماريا فيهي إنه “خرج عن السيطرة”.

وتابعت فيهي التي ترفض نهج الحكومة “إنه نقاش حول من يمكن أو لا يمكن تسميته بالنسوي تقريبا. هذا نموذج لا يؤدي إلا إلى اضطهاد النساء، ولا ينهي الدعارة أو يضع حدا للاتجار”، داعية إلى النظر في بدائل مثل عدم التجريم أو حتى الدخل الأساسي الشامل.

ثث

وتعمل أكثر من 300 ألف امرأة في الجنس في إسبانيا، وفقا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة سنة 2016 قال إن التجارة تبلغ قيمتها 3.7 مليار يورو (3.61 مليار دولار) سنويا.

وهذا من شأنه أن يجعلها واحدة من أكبر أسواق الدعارة في أوروبا، وقد استخدمها السياسيون الاشتراكيون لتقوية الحجج القائلة بأن إلغاء القيود الذي نُفّذ في منتصف التسعينات قد فشل.

وهناك دعم لخطط الحكومة بين المجموعات العاملة مع النساء المُتاجر بهن والمُرغمات على العمل في الجنس.

لكن العديد من المشتغلات في الجنس يرفضن الحجة القائلة بأن معظم النساء العاملات في الدعارة يُكرهن على هذه المهنة، قائلات إن الغالبية العظمى منهن اخترن ذلك بحرية. وقالت أنجيلا “لقد استغلوني أكثر عندما كنت أعمل نادلة”، مضيفة أنها نادرا ما سمعت عن إجبار النساء على العمل بالجنس.

ويأتي الجدل في إسبانيا في الوقت الذي يراجع فيه الاتحاد الأوروبي توجيهه لعام 2011 لمكافحة الاتجار بالبشر، الذي قد يجعل العمل في الجنس جريمة في جميع أنحاء الكتلة.

وتتخذ الدول الأوروبية حاليا مناهج مختلفة لتجارة الجنس. وتعاقب فرنسا والسويد الزبائن، بينما تواجه العاملات في الجنس في كرواتيا ورومانيا الاعتقال والمحاكمة.

ويعدّ العمل في الجنس في اليونان وهولندا قانونيا ويجب على المشتغلين فيه التقدم للحصول على ترخيص واتباع القواعد الخاصة بمكان عملهم وكيفيته.

وفي وقت سابق من هذا العام، ألغت بلجيكا تجريم العمل في الجنس من خلال قانون العمل الذي قال أنصاره إنه سيسمح للعاملين بتحديد شروطهم الخاصة ويمكن أن يقلل من الاستغلال والعنف.

وفي الوقت الحالي تركز جهود المشتغلين في الجنس الإسبان على تأمين تعديلات على قانون الاشتراكيين، بما في ذلك عكس تجريم شراء الجنس وتضييق تعريف المنظمين لتجنب أن يصبح أصحاب العقارات مسؤولين. وقالت سوزانا باستور رئيسة اتحاد أستراس “قد تعطينا التعديلات القليل من الأمل، لكنني أعتقد أنها لن تكون كثيرة”.

Thumbnail
18