قوات الدعم السريع تعلن الاستجابة لوقف إطلاق النار في رمضان

الجيش لا يبدي تحمسه ويتساءل عن آليات التنفيذ.
الأحد 2024/03/10
فرصة لوقف موجة النزوح

الاستجابة السريعة لقوات الدعم السريع لدعوة مجلس الأمن بشأن وقف المعارك في شهر رمضان مؤشر واضح على الاستعداد للحل السياسي، ما يكسبها احترام الأطراف الدولية المتدخلة في الوقت الذي يرسل فيه الجيش بإشارات متناقضة.

الخرطوم - رحبت قوات الدعم السريع السودانية السبت بالدعوة التي أطلقها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لوقف الأعمال القتالية خلال شهر رمضان، والتي ستوفر فترة راحة محتملة في الصراع المستمر منذ 11 شهرا. وتأتي الاستجابة غير المشروطة لوقف إطلاق النار من الدعم السريع دليلا على الرغبة في وقف الحرب والانخراط في آليات التفاوض للتوصل إلى تسوية على عكس موقف سلطة قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان.

وعبّرت قوات الدعم السريع في بيان لها عن أملها في أن يؤدي قرار مجلس الأمن إلى “تخفيف معاناة السودانيين من خلال إيصال المساعدات الإنسانية وتسهيل حركة المدنيين فضلا عن استغلالها في بدء مشاورات جادة نحو بدء العملية السياسية التي تفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار”. واندلعت الحرب في السودان في 15 أبريل الماضي بين الجيش وقوات الدعم السريع. وتقول الأمم المتحدة إن ما يقرب من 25 مليون شخص، أي نصف سكان السودان، يحتاجون إلى مساعدات.

ووافق مجلس الأمن الجمعة على مشروع قرار قدمته بريطانيا لوقف الأعمال القتالية في شهر رمضان بأغلبية 14 صوتا، بينما امتنعت روسيا عن التصويت. لكن آلية تنفيذ القرار لا تزال غير واضحة. وقال سفير السودان بالأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث محمد أمام المجلس الخميس الماضي إن رئيس المجلس الانتقالي في البلاد أشاد بالدعوة التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لتفعيل هدنة خلال شهر رمضان. لكنه قال إن رئيس المجلس الانتقالي يتساءل عن كيفية تنفيذها.

◙ الاستجابة السريعة لوقف إطلاق نار دليل على الرغبة في وقف الحرب والانخراط في آليات التفاوض للتوصل إلى تسوية

وأشارت قوات الدعم السريع في بيانها إلى “مع ترحيبنا بالهدنة الإنسانية المقترحة نعلن استعدادنا للحوار حول آليات مراقبة متوافق عليها لضمان تنفيذها وتحقيق الأهداف الإنسانية المطلوبة”.

ورحبت كل من السعودية والأردن السبت بقرار مجلس الأمن. جاء ذلك في بيانين لوزارتي خارجية البلدين. وعبرت وزارة الخارجية السعودية، في بيان، عن أملها التزام كافة الأطراف السودانية بقرار مجلس الأمن بما يحافظ على السودان وشعبه وعلى روحانية الشهر الفضيل. وجددت السعودية دعوتها لكافة الأطراف إلى الالتزام بمخرجات محادثات جدة الرامية إلى تحقيق مصلحة الشعب السوداني من خلال الإسراع في الاتفاق بشأن مشروع “وقف العدائيات” وحل الأزمة عبر الحوار السياسي بما يحقق الاستقرار للسودان وشعبه.

وأسفرت محادثات برعاية سعودية - أميركية، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مايو 2022، عن أول اتفاق في جدة بين الجانبين للالتزام بحماية المدنيين، وإعلان أكثر من هدنة وقعت خلالها خروقات وتبادل للاتهامات بين طرفي النزاع، ما دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات.

ودعا مجلس الأمن الدولي إلى وقف “فوري” لإطلاق النار في السودان خلال رمضان مع تدهور الأوضاع في البلاد حيث بات الملايين من الأشخاص مهددين بالمجاعة. وأيدت 14 دولة مشروع قرار اقترحته بريطانيا وامتنعت روسيا عن التصويت عليه، يدعو إلى “وقف فوري للأعمال العدائية قبل رمضان” ويطلب من “جميع أطراف النزاع البحث عن حل دائم عبر الحوار”.

كما يدعو طرفي النزاع إلى “السماح بوصول المساعدات الإنسانية في شكل كامل وسريع وآمن وبلا عوائق، بما في ذلك عبر الحدود وعبر خطوط المواجهة” ويحضهم على حماية المدنيين. والخميس، وجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال اجتماع للمجلس نداء إلى “جميع الأطراف في السودان لاحترام قيم رمضان من خلال وقف الأعمال العدائية”.

وأضاف غوتيريش “يجب أن يؤدي وقف الأعمال العدائية إلى إسكات الأسلحة بشكل دائم في كل أنحاء البلاد ورسم طريق ثابت نحو سلام دائم للشعب السوداني”، محذرا من الأزمة الإنسانية “ذات الأبعاد الهائلة” والمجاعة التي تلوح في الأفق. وإثر ذلك، أعلنت بريطانيا عن نقاشات حول مشروع قرار يتبنى هذه الدعوة. وأدى القتال منذ 15 أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الرجل الثاني السابق في السلطة العسكرية، إلى مقتل الآلاف من السودانيين ونزوح نحو ثمانية ملايين آخرين.

◙ قوات الدعم السريع تعبّر عن أملها في أن يؤدي قرار مجلس الأمن إلى تخفيف معاناة السودانيين من خلال إيصال المساعدات وتسهيل حركة المدنيين

وفي حين أيد معظم أعضاء المجلس دعوة الخميس لوقف إطلاق النار خلال رمضان، أبدى البعض من الدول تحفظا، ولاسيما الصين وروسيا. وقالت نائبة السفير الروسي آنا إيفستينييفا “قررنا السماح بتمرير هذا القرار لأنه يتعلق بحياة السودانيين”، رافضة فكرة أن المجلس يمكن أن “يفرض قواعده ومبادئه الخاصة على دول ذات سيادة”.

وتساءلت “ألا تعتقدون أن النفاق واضح للجميع؟”. مضيفة “نحن نعرف النية الحقيقية للغربيين. إن المعايير المزدوجة صارخة خصوصا عندما تتلكأ الدول نفسها في تبني وثيقة بشأن وقف لإطلاق النار في غزة حيث تحدث مذبحة حقيقية”، في إشارة منها إلى لجوء الولايات المتحدة إلى حقها في النقض (الفيتو) ثلاث مرات في هذا الاتجاه. واعتبر نائب السفير الصيني داي بينغ أن “المهمة الأكثر إلحاحا هي إنهاء القتال في أسرع وقت”، مضيفا أن “الصين تعتقد أن تصرفات المجلس يجب أن تكون داعمة للدبلوماسية وتتجنب مفاقمة التوترات”.

واعتبر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث الجمعة أنه سواء تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار أو لا، فمن الضروري تحسين إيصال المساعدات الإنسانية، مندّداً بـ”مشاكل إيصال غير عادية”. ودعا الأطراف للعودة إلى طاولة المفاوضات للبحث في هذه القضية. وأكد غريفيث أن النزاع أدى حتى الآن إلى نزوح 8.3 ملايين شخص، فر 1.7 مليون منهم إلى خارج البلاد.

ويحتاج نصف السكان البالغ عددهم 50 مليون نسمة إلى مساعدات إنسانية، و”أقل قليلا من 18 مليون شخص على طريق المجاعة”، أي “بزيادة 10 ملايين شخص مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي”، بحسب غريفيث. وشدّد على أنه بهدف منع تدهور الوضع في شكل أكبر، يجب إدخال المزيد من المواد الغذائية، وكذلك البذور لزراعتها للموسم المقبل. لكنه تدارك “ليست لدينا أموال”، مبديا أسفه لعدم الاهتمام الدولي بالأزمة في السودان. وتبلغ قيمة خطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة المخصصة للسودان عام 2024، 2.7 مليار دولار، لكنها موّلت بنسبة 4 في المئة فقط.

3