قوات الدبيبة تنسحب من معبر رأس جدير بعد خروجه عن السيطرة

طرابلس - أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها، سحب عناصرها من منفذ رأس جدير الحدودي مع تونس معلنة أنه خرج عن السيطرة، فيما هدد المجلس البلدي لمدينة زوارة بعصيان مدني شامل ردا على ما وصفته بـ"التجاوزات والاستفزازات" الصادرة من وزير الداخلية.
وقالت الوزارة في بيان نشرته عبر صفحتها على فيسبوك في ساعة مبكرة من فجر الخميس إن الوزير المكلف عماد الطرابلسي أمر بانسحاب الأعضاء العاملين بمديرية أمن المنفذ ومركز الشرطة ومصلحة الجوازات والجنسية، حفاظا على الأرواح والممتلكات".
وأوضحت الوزارة أن الطرابلسي قرر ذلك بعد قيام مجموعات مسلحة خارجة عن القانون بتحشيدات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، مما شكل تهديدًا مباشرًا على الأعضاء العاملين بالمنفذ".
وأشارت إلى أن وزير الداخلية أبلغ النائب العام ورئيس المجلس الرئاسي (محمد المنفي) ورئيس الحكومة (عبدالحميد الدبيبة) بمجريات الأحداث التي وقعت وإغلاق المنفذ لحين إشعار آخر، بالإضافة إلى نقل 3 سيارات الكشف الآلي "سكنر" باهظة الثمن، إلى داخل حدود تونس، وذلك بالتنسيق مع السلطات التونسية حفاظاً على المال العام.
وأثارت تصريحات الطرابلسي حفيظة بلدية زوارة التي هدد مجلسها فجر الخميس بالعصيان المدني الشامل، في حال لم تتدخل حكومة الوحدة الوطنية "بشكل سريع" لوضع حد لما لـ"التجاوزات والاستفزازات" في منفذ رأس جدير.
ودعا المجلس البلدي، في بيان مصور عبر صفحته على فيسبوك، المجلس الرئاسي ومجلس الوزراء ومجلس الدولة إلى "تحمل مسؤوليتهم الرسمية والأخلاقية لمنع انجرار المنطقة لنزاع مسلح"، مشيرين إلى أنهم "مستعدون لمواجهة أي طارئ".
وأهابت بلدية زوارة بحكومة طرابلس التدخل السريع "لوضع حد للتجاوزات والاستفزازات الصريحة التي تصدر من وزير الداخلية المكلف".
وتابع البيان "إذا لم تتدخل الحكومة فإننا سنضطر للجوء إلى السبل كافة المكفولة قانونا وعرفا، أولها العصيان المدني الشامل، وقطع التواصل وإيقاف العمل في جميع المؤسسات من مليتة شرقا حتى رأس جدير غربا"، مشيرًا إلى "خيارات أخرى سياسية ومدنية وأمنية".
وأوضح المجلس أن مكونات بلدية زوارة ساهمت في تهدئة الأوضاع بمنفذ رأس جدير، "لحماية سكانها من أي تعديات وتهديدات والحفاظ على الأرواح والممتلكات العامة بعد تصرفات صدرت من وزير الداخلية المكلف دون اتباع الترتيبات المعروفة".
واعتبر المجلس أن "تصرفات" وزير الداخلية المكلف "غير مدروسة واستفزازية"، وتنوي "تصفية حسابات قبلية".
وأشار البيان إلى "فض الصدام الذي كاد أن يؤدي إلى كارثة خاصة بعد إصابة عضو المجلس البلدي وأحد المواطنين بجروح خطيرة جراء إطلاق النار"، مستدركًا "بعد تحقيق التهدئة تفاجأنا بقرارات فردية بقفل المنفذ وسحب الأختام وترك سيارات الإسعاف والمواطنين عالقين في الجانب التونسي، وتبع ذلك قرار شفوي من وزير الداخلية بإغلاق مديرية الأمن ومركز الشرطة وسحب قوات الأمن بأكملها".
الثلاثاء، أغلقت السلطات معبر رأس جدير الحدودي مع ليبيا لأسباب أمنية، وفق ما نقلته إذاعة (تطاوين) الرسمية التونسية.
وأوضحت الإذاعة التي تبث من تطاوين الواقعة بالجنوب التونسي "تم غلق المعبر الحدودي من الجانب التونسي إثر تبادل لإطلاق النار بالمعبر الحدودي بالجانب الليبي، وذلك حفاظا على سلامة المواطنين القاصدين الأراضي الليبية".
ويأتي قرار إغلاق المعبر الحدودي إثر اندلاع اشتباكات عنيفة مفاجئة، مساء الاثنين، بين مسلحين من قوات الغرفة العسكرية زوارة (أمازيغ) وأخرى تابعة لوزارة الداخلية، للسيطرة على معبر رأس جدير الحدودي مع تونس.
وذكرت وسائل إعلام ليبية أن مسلحين من قوات الغرفة العسكرية زوارة اقتحموا معبر رأس جدير الحدودي مع تونس واشتبكوا مع عناصر تابعة لوزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، واستولوا على كل آليات وعتاد قوة إنفاذ القانون المكلفة من الحكومة بعد فرار أغلب عناصرها إلى المنطقة المحايدة بالحدود التونسية.
وجاءت هذه الاشتباكات، بعد يوم من قرار وزارة الداخلية بحكومة طرابلس إرسال قوات تابعة للداخلية من أجل منع تهريب الوقود عبر المعبر الحدودي والمحافظة على الأمن وتسيير حركة المسافرين بين ليبيا وتونس، وهو ما اعتبره الأمازيغ تجاوزا لهم ومحاولة لطردهم خاصة مع الحملة التي تنفذها حكومة طرابلس في مختلف مدن المنطقة الغربية ضد التهريب والأنشطة غير المشروعة. ويتركز نشاط الأمازيغ على التهريب.
ويدير المعبر من جانبه الليبي ميليشيات تابعة لمدينة زوارة التي تبعد حوالي 40 كلم على الحدود مع تونس، ترفض أي محاولة لطرد قواتها من طرف القوات الموالية لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة.
والخلافات والتنافس بين المجلس العسكري بزوارة وحكومة الدبيبة على إدارة معبر راس جدير، بدأت منذ شهر نوفمبر من العام الماضي، عقب قرار يقضي بتشكيل غرفة أمنية مشتركة برئاسة المقدم عبدالسلام سالم الزوبي تابعة لحكومة طرابلس، وتكليفها بالسيطرة على المعبر لمكافحة التهريب وضبط الأمن.
ويعدّ معبر رأس جدير الحدودي مع تونس أهمّ معبر برّي لغرب ليبيا ويربطها بتونس، لكنّه أيضا منفذ للتهريب تتنافس الميليشيات المسلّحة الليبية على السيطرة عليه.
ويرى مراقبون أن أيّ محاولة لطرد القوات الأمازيغية من معبر رأس جدير ستدفع نحو مواجهات مفتوحة قد تكون مؤشرا على العودة بالمنطقة الغربية إلى مربع العنف والفوضى، لاسيما أن هناك تحالفات متعددة ستتحرك سواء في صف الأمازيغ أو في صف الزوبي المحسوب على الدبيبة.