قمة المناخ في الإمارات في سباق بين الحقائق وحملة التضليل

ماجد السويدي: الإمارات تريد تغيير قواعد اللعبة في كوب – 28.
الخميس 2023/06/08
الإمارات تبحث عن حلول متزنة

في الوقت الذي تروج فيه الكثير من المعلومات المضللة حول مساعي الإمارات في الملف المناخي ومدى توافقها مع الدعوات الدولية للحد من الانبعاثات الكربونية، يؤكد مسؤولون إماراتيون أن بلادهم تسعى جاهدة نحو جعل قمة المناخ المقبلة كوب – 28 بداية التغيير الفعلي، لتجمع كل الأطراف وتستمع لكل الفاعلين في الملف المناخي، لكنها ستخرج بأهداف عالمية لا تعلّم الناس ما لا يفعلونه، بل تعلّمهم ما يجب فعله للحد من المخاطر المستقبلية.

برلين (أسوشيتد برس) - تعهّدت الإمارات بأن تسهم قمة المناخ كوب – 28 التي تستضيفها هذا العام في “تغيير قواعد اللعبة” في مسألة مكافحة التغير المناخي، من دون استبعاد أي تقنية أو صناعة من المفاوضات.

وقال المدير العام للقمة الإماراتي ماجد السويدي إن بلاده تريد أن تحقق قمة الأمم المتحدة للمناخ التي تستضيفها هذا العام “نتائج تغيّر قواعد اللعبة” في ما يخص الجهود الدولية الرامية إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، لكن ذلك سيتطلب النظر في صناعة الوقود الأحفوري.

وانتقد نشطاء حماية البيئة وجود جماعات الضغط المساندة للنفط والغاز في جولات المحادثات السابقة، محذرين من أن مصالحها تتعارض مع هدف خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، والتي تصدر نسبة كبيرة منها عن حرق الوقود الأحفوري. ودعا العشرات من المشرعين الأميركيين والأوروبيين الشهر الماضي إلى استبدال الرئيس المعين لقمّة المناخ كوب – 28 سلطان الجابر، بسبب علاقاته بشركة بترول أبوظبي الوطنية المملوكة للدولة.

وتزيد هذه القضية من تعقيد المفاوضات الحساسة بالفعل قبل القمة التي ستنعقد من الثلاثين من نوفمبر إلى الثاني عشر من ديسمبر في دبي. وستبرز المحادثات التي انطلقت الاثنين في مدينة بون الألمانية، ما إذا ستكون رئاسة الإمارات القادمة للندوة قادرة على التغلب على الشكوك المنتشرة بين الأحزاب وجماعات المجتمع المدني حول قدرتها على دفع ما يقرب من 200 دولة نحو اتفاق تاريخي.

تغيير قواعد اللعبة

عدم القيام بتخفيض ثلثي انبعاثات الكربون يزيد بشكل كبير من مخاطر الجفاف والفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر والكوارث طويلة الأمد

قال ماجد السويدي، الذي يلعب دورا رئيسيا في المفاوضات الدبلوماسية، “إنهم يريدون مؤتمر أطراف يحقق نتائج حقيقية وكبيرة وتغير قواعد اللعبة لأنهم يرون، مثلما نرى نحن، أننا لسنا على المسار الصحيح لتحقيق أهداف باريس”.

ووافقت الحكومات قبل ثماني سنوات ضمن هدف اتفاقية باريس على الاحتفاظ بدرجات حرارة الأرض بما يقل عن درجتين مئويتين فوق المستوى الذي كانت عليه قبل الثورة الصناعية، والسعي لتقليلها حتى إلى أكثر من ذلك (بـ1.5 درجة مئوية).

بلغ متوسط ​​درجات الحرارة العالمية بالفعل حوالي 1.2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، ويقول الخبراء لهذا إن نافذة تحقيق الهدف الأكثر طموحا تنغلق بسرعة، ولن يتحقق حتى الهدف الأقل صرامة إذا لم يمكن خفض الانبعاثات بشكل حاد قريبا.

وقال السويدي لوكالة أسوشيتد برس في مقابلة يوم الجمعة “نحتاج إلى أن يكون الجميع على الطاولة وأن يناقشوا معنا كيفية ذلك”.

وتابع “نحتاج إلى النفط والغاز، نحتاج إلى صناعة، نحتاج إلى الطيران، نحتاج إلى الشحن، نحتاج إلى كل القطاعات التي يصعب تخفيفها. نحتاج إلى كل هؤلاء بغض النظر عن هويتهم”.

وعارض السويدي فكرة أن صناعة الوقود الأحفوري ستقوض المحادثات حول الانبعاثات، كما فعلت في الماضي، عبر حملات التضليل وعدم مشاركة معرفتها بشأن تغير المناخ.

وقال “لا يبادرني أي شك في أن موقف القطاع قد تغير تماما وأنه يشارك معنا في محادثة نشطة”.

وفي رده على سؤال عما إذا كانت المحادثات قد تدرس التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري الذي اقترحته الدول الأكثر عرضة لتغير المناخ العام الماضي، قال السويدي إن الرئاسة لن تمنع مثل هذه المحادثات.

الإمارات تدرك تماما التهديد الوجودي الذي يمثله الاحتباس الحراري، بما في ذلك تأثيره على أراضيها الغنية بالشمس والمفتقرة للمياه

وقال السفير الإماراتي السابق لدى إسبانيا “نرحب بأي نوع من النقاش. لكن الأطراف هي التي ستقرر مسار تلك المناقشة وأين ستوصلنا”.

وقال السويدي في تصريحات الثلاثاء لوكالة فرانس برس “نريد مسارا تفاوضيا يأتي بالجميع إلى طاولة المفاوضات، لكننا نريد أيضا أن نرفع سقفها. فلندع كل قطاعات الاقتصاد تحضر وتقول ما هي حلولها”.

وتابع السويدي، الذي كان يتحدّث في بون في ألمانيا على هامش المؤتمر التحضيري لاجتماعات كوب – 28 المقرّرة في دبي في نوفمبر وديسمبر، “نتشاور مع قطاعات الطيران والنقل البحري وجميع القطاعات التي يصعب فيها الحد من انبعاثات الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري”.

كما اعتبر أنّ هناك حاجة إلى التحدث إلى الأطراف التي تملك “الموارد والمعرفة والقدرة التقنية والتكنولوجية التي ستساعدنا على تحقيق أهداف الانبعاثات، في موازاة تمكين النمو الاقتصادي المستدام لهذه القطاعات التي توفّر الوظائف والفرص للعديد من الناس”.

وبدلا من الدعوة إلى التخلي عن النفط والغاز بحسب ما يرغب العديد من المفاوضين، تفضّل الإمارات التحدث عن القضاء على “انبعاثات” الوقود الأحفوري، ما يمهّد الطريق لاستمرار استخدامه، في حين أن التقنيات العديدة لالتقاط الانبعاثات ما زالت في بداية تطويرها.

وأثار ذلك مخاوف من أنه قد يبحث عن ثغرات في تقنيات احتجاز الكربون غير المختبرة وما يسمى بالتعويضات (وتهدف الاثنتان إلى تقليل المستويات الحالية من ثاني أكسيد الكربون في الهواء)، والتي يقول الخبراء إنها تصرف الانتباه عن الحاجة إلى إنهاء إطلاق الغازات التي تسبب الاحتباس الحراري.

ودعا تقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في وقت سابق من هذا العام إلى خفض حوالي ثلثي انبعاثات الكربون بحلول 2035، محذرا من أن عدم القيام بذلك يزيد بشكل كبير من مخاطر الجفاف والفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر والكوارث طويلة الأمد.

وقال السويدي إن قيادة الإمارات تدرك تماما التهديد الوجودي الذي يمثله الاحتباس الحراري، بما في ذلك تأثيره على أراضيها الغنية بالشمس والمفتقرة للمياه. وأكد التزامها بالتحول من الوقود الأحفوري نحو الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية. وتابع “نريد أن نكون جزءا من هذا الاقتصاد الجديد. نحن دولة تتجه بلا توقف نحو هذا المستقبل”.

وذكر السويدي أن الاتفاق على هدف عالمي لتكثيف الطاقة المتجددة في دبي يمكن أن يبعث برسالة إيجابية لأولئك القلقين بشأن التحول المطلوب لوقف تغير المناخ. وقال “بدلا من الحديث عما نمنع الناس من فعله، فلنتحدث عن كيفية مساعدتنا لهم في تبني الحلول التي ستساعدنا في معالجة مشكلة الانبعاثات التي نعاني منها”.

وستشمل المحادثات في دبي كذلك إجراء الدول “للتقييم العالمي” الأول لجهود معالجة تغير المناخ منذ باريس 2015. وتهدف النتائج إلى توجيه جولة جديدة من الالتزامات لخفض الانبعاثات ومعالجة آثار الاحتباس الحراري.

كما تطالب الدول الفقيرة الدول الغنية بالوفاء بتعهداتها بتقديم دعم مالي كبير، وهي قضية سببت خلافات كبيرة في الاجتماعات السابقة.

وقال السويدي “نحن بحاجة إلى العالم النامي للقفز إلى هذا النظام المناخي الجديد ونحتاج إلى دعم تحوّلهم هذا. سيكون الحديث عن التمويل أساسيا في كوب – 28”.

وذكر أن هذا سيتطلب تحرّك الدول الغنية، بما في ذلك مجموعة الاقتصادات السبع الكبرى، المسؤولة تاريخيا عن جزء كبير من الانبعاثات العالمية.

وقال “لديهم التكنولوجيا. لديهم المعرفة. لديهم القدرة المالية. نريدهم أن يأخذوا هذا الدور القيادي ويظهروا لنا جديتهم في مواجهة هذا التحدي”.

الجمع بين عالمين

Thumbnail

أثار اختيار الإمارات لرئيس شركة النفط العملاقة “أدنوك” سلطان الجابر لرئاسة قمة مؤتمر الأطراف، انتقادات من نشطاء في مجال البيئة وبعض المسؤولين السياسيين.

لكن السويدي دافع عن الجابر الذي قال إنّه “عمل لمدة 20 عاما في مجال الطاقات المتجددة”، خصوصا بفضل منصبه كرئيس مؤسس لشركة “مصدر”، الشركة الإماراتية الوطنية في هذا القطاع، علما أنه كان أيضا مبعوثا للتغير المناخي.

وقال “ليس من قبيل المصادفة أن تم تعيينه رئيسا، وهذا أمر مهم للغاية. فلأول مرة هناك رئيس (للمؤتمر) هو في نفس الوقت رئيس تنفيذي عملي، يتفهّم القطاع الخاص والمجتمع المدني، وقد انخرط أيضا في قضايا التغير المناخي”.

وتابع “إنه شخص يمكنه حقا الجمع بين هذين العالمين”.

وغالبا ما تُقابل تصريحات الجابر التي تؤيد الحد من انبعاثات الوقود الأحفوري بفضل التقنيات الجديدة، بانتقادات.

كما وُضعت مسألة وقف استخدام الوقود الأحفوري، التي لم يرد ذكرها في اتفاقية باريس، على رأس الاهتمامات في مفاوضات بون. لكن المحاولة التي أيدتها أكثر من 80 دولة لإدراج هذه المسألة على جدول أعمال المناقشات، باءت بالفشل الاثنين.

وعلّق السويدي “إذا أرادت الأطراف أن تكون هذه القضية على جدول الأعمال، فسنطرحها بالطبع”.

وتابع “نريد مؤتمرا يغير قواعد اللعبة، مؤتمرا ينتقل من التغييرات التدريجية إلى التغييرات الكبيرة”.

وأكّد مجددا على محاور العمل الرئيسية وهي التخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري، ومضاعفة المساعدات للبلدان الأكثر تضررا وفقرا، وتنفيذ المقررات المرتبطة بصندوق الخسائر والأضرار المعتمد في كوب – 27، وإصلاح مسائل التمويل على صعيد عالمي.

7