قلعة نويشفانشتاين تغوص بزائريها داخل قصص الحوريات الخرافية

على الرغم من خضوع قلعة نويشفانشتاين لأعمال الترميم، إلا أن هذا القصر الأثري جنوب ألمانيا المحاكي لقصور جنيات القصص الخرافية لا يزال يستقبل عددا كبيرا من الزائرين، حيث يجد البعض منهم في مراقبة الأعمال الجارية بالمكان أمرا مثيرا للاهتمام، بالإضافة إلى أن شعبية “حجر البجع الجديد” تستقطب محبي التقاط الصور من كافة أنحاء العالم لتتحول هذه الوجهة السياحية إلى أستديو تصوير.
بافاريا (ألمانيا) - تعتبر قلعة نويشفانشتاين الرابضة بكل شموخ وعراقة على قمة تل على ارتفاع 200 إلى 300 متر فوق بلدية شونغاو عند سفح جبال الألب البافارية، من بين بنات أحلام الملك لويس الثاني، ملك بافاريا، والتي تمخضت عن قصر ساحر على طراز فن الرومانسية الجديدة، فهي عبارة عن قصر فائق الجمال يحاكي قصور القصص الخرافية للجنيات والحوريات.
ويعني اسم القصر حرفيا “حجر البجع الجديد”، سمي بذلك نسبة إلى فارس البجع، لوهينغرين، وهو من بين شخصيات الأوبرا للمؤلف الموسيقي فاغنر، ويقال عن القصر بأنه أكثر بنايات العالم التي تم تصويرها وهو أحد أشهر معالم ألمانيا. كما يعد هذا القصر الأثري، والذي يحظى بأعلى نسبة التقاط صور في ألمانيا، من الوجهات السياحية، داخليا وخارجيا، الأكثر شعبية في بافاريا.
ومع ذلك فإن السائحين ومرور الأعوام قوضوا البهاء العتيق الذي تميزت به هذه القلعة الشهيرة، فتعرضت بحكم الزمن لشروخ وتصدعات أصابت جدرانها الخارجية، وطالت أيضا بعض ديكوراتها.
وأفاد جون هانسيل، المسؤول عن إدارة القصور في بافاريا، “نحن شهود على إجراء عملية فريدة من نوعها على مدار القرن وتعتبر الأكبر والأشمل في تاريخ القلعة، فمنذ سنتين تم البدء في تنفيذ أعمال ترميم مهمة للمبنى، حيث تُعد هذه المرة هي الأولى منذ 130 عاما، التي تجرى فيها أعمال ترميم داخل القلعة، وقد شملت: 93 حجرة وأكثر من 2300 قطعة من بين لوحات وأثاث ومنسوجات ونوافذ وأبواب وحوائط. وهي من الأعمال الأكثر تعقيدا في تاريخ الإدارة والتي ستكلف إقليم بافاريا الفيدرالي حوالي 22 مليون دولار.
ويدرك الزائر عند درج الطابق الرابع رائحة الخشب النقية، أما قاعة المطربين وهي أكبر القاعات فتحفها السقالات معا هي وقاعة العرش.
وأطلق هانسيل عليها “السقالات الفاخرة” حيث تم تجميعها بشكل رأسي متزايد لتفادي إتلاف الحوائط، كما يُغطى جزء من السقالات بمادة مطبوعة وشبه شفافة تُعيد إنتاج أو نسخ اللوحات الجدارية بصورة تسمح للزائرين بمراقبة العمل الدقيق الذي يقوم به المرممون وهم يحملون الكثير من الفرش وبعض المشارط للتنميق وإعادة اللمسات للحلي التي تزين الحوائط.
ولم تؤثر أعمال الترميم على الزيارات المستمرة للقلعة الشهيرة طوال العام، ويشهد المكان دخول مجموعة جديدة كل خمس دقائق إلى القاعة، وتختلف وتتعدد آراء الزوار، فمنهم من يرى أن مراقبة الأعمال وهي جارية “مثيرة للاهتمام” ومنهم من اعترف بشعوره بالانزعاج والملل.
ويرى هانسيل في ذلك بعض المزايا من بينها تبادل الأفكار مع المرممين الذي يُكسب المرشدين السياحيين المزيد من المعرفة، والتي تعود بالنفع بدورها على زائري القلعة، ومن ناحية أخرى يمكن تعديل مسارات الجولة خلال القيام بأعمال الترميم خاصة مع غلق بعض القاعات بشكل مؤقت.
واستقبلت القلعة خلال تاريخها وحتى اليوم 60 مليون زائر، إلا أن الرطوبة التي تنتج بسبب إخراج الهواء أثناء عملية تنفسهم تضر بشكل كبير بالتصميمات التاريخية الداخلية، حيث تترسب كطبقة رطبة فوق الطلاء والأحجار مما يتسبب في تعفن وتحلل المنسوجات وتلف الجدران. لذا تضمنت أعمال الترميم الجارية نظام تهوية جديد يعمل على امتصاص الرطوبة وتوفير هواء نقي وجاف لحماية هيكل المبنى، وستصبح القلعة مجهزة بنظام أنابيب متقدم يعمل على إخراج هواء ساخن في الغرف.
وأوضح هايكو أويمي، مسؤول قسم أعمال الترميم في إدارة القصور، قائلا “سنقوم باستخدام القنوات القديمة لنقل الهواء الساخن لإنشاء نظام التهوية هذا”.
ومن المتوقع أن تمتد الأعمال الخاصة بعملية التجميل الشاملة بالغة التعقيد، حتى عام 2022، إلا أن السقالات التي تغطي البوابة الحصينة سيتم إحلالها وتفكيكها بحلول منتصف هذا العام، وحتى ذلك الحين فعلى السائحين التقاط صورهم مع هذه السقالات، فمن الجيد أن تتزين من آن لآخر تلك القلاع التي تشبه إلى حد بعيد قصص الجنيات والحوريات والتي نسجها الخيال، ليصبح ولأول مرة الواقع أجمل من الخيال في قلعة نويشفانشتاين التي صممها المهندس كريستيان يانك واستغرق بناؤها 17 سنة.
رشح القصر في يوليو 2007 ليكون من عجائب الدنيا السبع الجديدة، لكن لم يفز.