قلة النوم تزيد من خطر الإصابة بأمراض مزمنة

لندن - اكتشف باحثون أوروبيون أن احتمال إصابة الأشخاص في منتصف العمر وكبار السن بأمراض مزمنة يزداد بنسبة 20 في المئة بسبب النوم أقل من خمس ساعات في اليوم.
وتقول الدكتورة سيفيرين سابيا من كلية لندن الجامعية “حاليا في جميع البلدان المتطورة يزداد عدد المصابين بأمراض مزمنة: أكثر من نصف كبار السن يعانون من عدة أمراض مزمنة. وقد أظهرت نتائج دراستنا أن قسما من هذه الأمراض سببه عدم النوم فترة كافية في اليوم”.
وكما هو معروف، جميع الكائنات الحية المتعددة الخلايا التي لها جهاز عصبي معقد، تتناوب خلال حياتها فترات النشاط والراحة. ويحاول العلماء معرفة كيف ظهرت هذه الفترات وما دورها في حياة الإنسان وغيره من الكائنات.
ويذكر أن باحثين إسرائيليين اكتشفوا قبل ثلاث سنوات أن سبب وجود النوم، بالإضافة إلى تقوية الذاكرة وإصلاح تلف العضلات المختلفة، قد يكون مخصصا لخلايا الدماغ لتقوم بـ”أعمال صيانة” ضخمة لإصلاح الحمض النووي الخاص بها. فقد اتضح أن الضرر يتراكم بسرعة في الجينوم خلال فترة اليقظة، حيث لا يمكن إصلاحها من قبل الخلايا.
النوم دون المستوى الأمثل مرتبط بارتفاع احتمال الإصابة بأمراض القلب، والنوم الجيد يسهم في الوقاية منه
واكتشفت سابيا وفريقها العلمي، من دراسة الحالة الصحية لحوالي سبعة آلاف شخص من كبار السن أعمارهم بين 50 و70 عاما، أن الإخفاق في “عمليات الصيانة” والاضطرابات الأخرى في عملية إصلاح الجسم، المرتبطة بقلة النوم المستمرة، تزيد بشكل كبير من احتمال الإصابة بمجموعة متنوعة من الأمراض المزمنة.
واتضح للفريق العلمي أن لنظام النوم تأثيرا قويا في احتمال الإصابة بالأمراض المزمنة، حيث في المتوسط، بلغت نسبة الإصابة بمثل هذه الأمراض بين الأشخاص الذين لم يعانوا من أمراض مزمنة ولكنهم ينامون أقل من خمس ساعات في اليوم، 20 في المئة. وأن هذه النسبة ارتفعت إلى 30 أو40 في المئة بين الذين كانوا يعانون من أمراض مزمنة.
ومن المثير للاهتمام أن هذه العلاقة كانت أقل وضوحا بالنسبة إلى المشاركين الأصغر سنا في هذه الدراسة، ولم يتمكن الباحثون من تحديد السبب.
كما خلصت إحدى الدراسات إلى أن النوم دون المستوى الأمثل مرتبط بارتفاع احتمال الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، وأن النوم الجيد يسهم في الوقاية من هذه الأمراض.
وقال مؤلف الدراسة الدكتور أبوبكاري نامبيما من المعهد الوطني الفرنسي للصحة والبحوث الطبية في فرنسا “كان معدل الانتشار المنخفض للنوم الجيد متوقعا نظرا لحياتنا المزدحمة التي تمتد على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، ويجب تعليم أهمية نوعية وكمية النوم لصحة القلب في وقت مبكر من الحياة عندما يتم تأسيس السلوكيات الصحية، ويمكن أن يساعد التقليل من الضوضاء أثناء الليل والتوتر في العمل على تحسين النوم”.
سبب وجود النوم قد يكون مخصصا لخلايا الدماغ لتقوم بـ"أعمال صيانة" ضخمة لإصلاح الحمض النووي الخاص بها
وركزت الدراسات السابقة حول النوم وأمراض القلب بشكل عام على عادة نوم واحدة، مثل مدة النوم أو توقف التنفس أثناء النوم، حيث يتوقف التنفس ويبدأ أثناء النوم، بالإضافة إلى ذلك غالبا ما قيمت الدراسات السابقة النوم عند خط الأساس فقط.
واستخدمت الدراسة الحالية درجة نوم صحية تجمع بين خمس عادات نوم، وحقق الباحثون في العلاقة بين درجة النوم الأساسية، والتغيرات بمرور الوقت في درجة النوم، وأمراض القلب والأوعية الدموية الحادثة.
وتضمنت هذه الدراسة 7200 مشارك في دراسة باريس المستقبلية الثالثة، وهي جماعة قائمة على الملاحظة، وتم تجنيد الرجال والنساء الذين تتراوح أعمارهم بين 50 إلى 75 عاما وخالين من أمراض القلب والأوعية الدموية في مركز طبي وقائي بين عامي 2008 و2011، وكان متوسط العمر 59.7 سنة وكان 62 في المئة من الرجال. وخضع المشاركون لفحص جسدي واستكملوا استبيانات حول نمط الحياة والتاريخ الطبي الشخصي والعائلي والحالات الطبية.
وتم استخدام الاستبيانات لجمع معلومات عن خمس عادات للنوم في الأساس وزيارتين للمتابعة، تم إعطاء كل عامل نقطة واحدة إذا كان هو الأمثل و0 إذا لم يكن كذلك. وتم حساب درجة نوم صحي تتراوح من 0 إلى 5، مع اعتبار 0 أو 1 ضعيفا و5 يعتبر الأمثل.
وأفاد أولئك الذين حصلوا على درجة مثالية أنهم ناموا من 7 إلى 8 ساعات كل ليلة، ولم يعانوا من الأرق مطلقا أو نادرا، ولا يعانون من النعاس المفرط المتكرر أثناء النهار، ولا توقف التنفس أثناء النوم، والنمط الزمني المبكر. وقام الباحثون بفحص الإصابة بأمراض القلب التاجية والسكتة الدماغية كل عامين لما مجموعه 10 سنوات.