قطع ليجو مختلفة على رف الكتب

الأديب الفلسطيني نبيه القاسم يتتبع التحولات في الرواية والقصة القصيرة الفلسطينية في كتابه "المنحى المتغير في الرواية والقصة القصيرة الفلسطينية".
الأحد 2022/04/03
صراع المركز والهامش (لوحة: سعاد مردم بك)

اختار الكاتب الأردني جهاد الرنتيسي لروايته “بقايا رغوة” شخصيات أساسية من النساء، ومنظور الرواية تبعا لذلك نسوي لم يأت مصادفة، وإنما بناء على اختيار قصدي يستند إلى رؤية المؤلف نحو تمثيل المهمشين والوعي بمسألة المركز والهامش في الحياة الفكرية والاجتماعية والسياسية الفلسطينية والعربية، فالرواية تجريبية من روايات المهمشين، تعبّر عن جوانب دالة من صراع المركز والهامش من منظور نسوي وسياسي.

وأفادت الرواية من خبرة مؤلفها في الصحافة، وخصوصا في حقبتها النشطة في تسعينات القرن العشرين، وتبدت هذه الإفادة في تضمين الرواية مادة سردية تستند إلى مناخ الصحافة، كما تعمد الكاتب ذكر شخصيات تاريخية وحقيقية، ما أسهم في ربط الرواية بخلفياتها الواقعية والسياسية والتاريخية.

الرواية تعتمد في أغلب أجزائها على نمط سرد سينمائي ذاتي، يتخذ من الشخصية الرئيسية وأفعالها بؤرة للرؤية، ويتخذ من الفعل المضارع منهجية معادلة لعملية التصوير، ويبقى من الصعب إحصاء الشخوص والأماكن في هذه الرواية، فبعد أن تكملها تشعر بأنك جمعت قطع ليجو مختلفة الحجم واللون وعليك إعادة ترتيبها.

 

الهموم الخاصة

كتب

 يتتبع الأديب الفلسطيني نبيه القاسم التحولات في الرواية والقصة القصيرة الفلسطينية في كتاب صدر له عن مكتبة “كل شيء” بحيفا بعنوان “المنحى المتغير في الرواية والقصة القصيرة الفلسطينية”، ويتناول عددا من الروايات والقصص التي نشرت في السنوات الأخيرة واتخذت منحى متغيرا في أسلوب الكتابة.

ويعقد الكاتب مقارنة بين روايات لنبيل عمرو وعاطف أبوسيف وسحر خليفة وحنان عواد، وتناول روايات لكُتاب من الداخل الفلسطيني من بينها “لوزها المر” لهشام نفاع، و”الوقائع العجيبة لزيارة شمشوم الأولى لمنهاتن” لهشام عبده. كما يتوقف عند رواية “مي زيادة” لواسيني الأعرج.

ووضّح القاسم أن القصة الفلسطينية بدأت في السنوات الأخيرة تهتم بالسرد، وليس بالفنيات، أي أنها عادت إلى بساطتها، كما هي الحال في سرد الوقائع اليومية التي تجري في حياة الناس. مشيرا إلى أن الكُتاب الفلسطينيين في الأراضي المحتلة “لم يعودوا يركزون في كتاباتهم على قضية الاحتلال ومقاومته، وأصبحوا يهتمون بمشاغل الإنسان الفلسطيني اليومية وكيفية تأمين عيشه، بمعنى أن الهموم الخاصة أخذت تطغى على الهموم العامة”.

 

كآبة خفيفة الظل

صدرت عن منشورات المتوسط  – إيطاليا، المجموعة القصصية الأولى للقاص التونسي حسن مرزوقي، حملت عنوان “النذر وقصص أخرى”. هو كتاب لقاص يندر أن تجد حساسيته في القصة العربية، لأنه ينذر قصصه كنذر حقيقي، بأسلوب واقعي مبني على المضي بالواقع إلى الدرجة التي تجعل منه فانتازيا.

منذ البداية تريد إحدى شخصياته أن تنتحر بسم فأر مستورد من الهند، في حين أن شخصية أخرى تطرب لإيقاع الحجر، ثم يشي بنفسه في قصة أخرى، ليمعن في السرد واضعا القارئ أمام عوالم نسيج هوائها كآبة خفيفة الظل. كل شيء هنا واقعي لكنه يتجنب الواقعية في الوقت ذاته.

هل ما نقرأه هنا قصص حدثت بالفعل أم أنها مونولوجات داخلية؟ لكاتب يضع جميع شخصياته التي يخلقها على طاولة ويذبحها ببطء، ونحن إذ نقرأ، لا نعرف هل ما سال منها دم أم ماء التونيك؟ هكذا نمضي مع حسن مرزوقي في رحلة يصبح فيها الميترو كإناء غسيل تتفسخ فيه الأرواح، لكننا سنتخذ طريقا أخرى، ونسافر فوق سماء خارطة تحتفظ بها ذاكرة مشروخة.

12