قطر والصين توقعان ثاني أضخم صفقة للغاز تمتد لثلاثة عقود

بكين ستشتري بموجب الاتفاق أربعة ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا كما ستستحوذ على حصة في التوسعة الشرقية لمشروع حقل الشمال للغاز.
الثلاثاء 2023/06/20
تسابق آسيوي على الغاز القطري

الدوحة - أعلنت قطر الثلاثاء أنها وقعت اتفاقية مع مؤسسة البترول الوطنية الصينية (CNPC) لتزويدها الغاز الطبيعي المسال لمدّة 27 عامًا، في ثاني اتفاقية طويلة الأمد مع الصين في أقلّ من عام، في إشارة إلى أن القوة الآسيوية المتعطشة للطاقة تتسابق لتأمين صفقات طويلة الأجل مع أحد المصدرين الرئيسيين للغاز الطبيعي المسال في العالم.

وتشكّل الدول الآسيوية (الصين واليابان وكوريا الجنوبية في المقدمة) السوق الرئيسية للغاز القطري، الذي تهافتت عليه الدول الأوروبية بشكل متزايد منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة "قطر للطاقة" وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة سعد بن شريدة الكعبي خلال مؤتمر صحافي عُقد في الدوحة، إن بموجب الاتفاق "ستورد قطر أربعة ملايين طن سنويًا من الغاز الطبيعي من مشروع توسعة حقل الشمال الشرقي إلى الصين على مدى 27 عامًا".

وأضاف "هذه ستصبح ثاني اتفاقية بيع وشراء للغاز الطبيعي المسال إلى الصين ضمن مشروع توسعة حقل الشمال الشرقي".

وكانت قطر وقّعت في نوفمبر الماضي، مع شركة النفط الصينية العملاقة "سينوبك"، اتفاقية مماثلة لتزويدها أربعة ملايين طن سنويًا من الغاز الطبيعي لمدة 27 عامًا. واعتُبر العقد آنذاك "الأطول في تاريخ صناعة الغاز المسال".

وأعلن الكعبي الثلاثاء توقيع اتفاقية أخرى لبيع وشراء أسهم تنضم بموجبها مؤسسة البترول الوطنية الصينية "إلى عائلة الغاز الطبيعي المسال في قطر شريكا في مشروع توسعة حقل الشمال الشرقي"، أحد جزئَي أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم.

وأوضح أن بموجب هذه الاتفاقية ستحوّل قطر للطاقة إلى شركة CNPC، "حصة تبلغ 5 بالمئة من ما يعادل خط إنتاج مكافئ واحد من مشروع توسعة حقل الشمال الشرقي بسعة ثمانية ملايين طن سنوياً".

وفي أبريل، أصبحت "سينوبك" أول مجموعة آسيوية تحصل على حصة 5 بالمئة في مشروع قطر لتوسعة حقل الشمال الشرقي.

وتعمل قطر على مشروع توسيع حقل الشمال، أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم والذي يمتدّ تحت مياه الخليج حتى الأراضي الإيرانية ويضمّ حوالي 10 بالمئة من احتياطات الغاز الطبيعي المعروفة في العالم، بحسب تقديرات شركة "قطر للطاقة".

ويُتوقع أن يساعد المشروع الذي تقدّر قيمته بـ28.75 مليار دولار، قطر في زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال بأكثر من 60 بالمئة ليصل إلى 126 مليون طن بحلول العام 2027.

وخلال مراسم توقيع أُقيمت في الدوحة الثلاثاء، رحّب الكعبي بـ"العلاقات الثنائية المتميّزة بين جمهورية الصين الشعبية ودولة قطر".

والصين أكبر زبون للغاز الطبيعي المسال في قطر وأحد أكبر مستوردي موارد الطاقة في العالم.

ومن جهته، اعتبر رئيس مجلس إدارة مؤسسة البترول الوطنية الصينية داي هوليانغ إن التعاون في مشروع حقل الشمال الشرقي يمثل "تحقيق هذا الإجماع الاستراتيجي بين قادة الدولتين" و"أساسًا متينًا للتعاون في مجال الطاقة بين الجانبين في العقود الثلاثة القادمة"، وفق ما نقل عنه بيان "قطر للطاقة".

وتُعد قطر أحد المنتجين الرئيسيين للغاز الطبيعي المسال في العالم، إلى جانب الولايات المتحدة وأستراليا.

وتسعى الدولة الخليجية الثرية إلى إبرام عقود طويلة الأجل في خضم عمليات التحول إلى موارد الطاقة النظيفة، خصوصًا مع الدول الأوروبية التي امتنع معظمها عن ذلك رغم سعيها إلى إيجاد بدائل عن موارد الطاقة الروسية.

وأثناء توقيع اتفاقية مع بنغلادش لتزويدها بالغاز لمدة 15 عامًا مطلع الشهر الحالي، قال الكعبي "سنوقع صفقات أوروبية بعد الصيف".

وكان قد حذّر الكعبي،  وهو أيضا الرئيس التنفيذي لشركة "قطر إنرجي"، في مايو من أن "الآتي أعظم" بالنسبة إلى أوروبا على صعيد موارد الطاقة.

وفي نوفمبر الماضي، أعلنت قطر أولى صفقاتها الكبرى لتوريد الغاز الطبيعي المسال إلى ألمانيا، لتزوَّد بموجبها أكبر قوة اقتصادية في أوروبا، بمليونَي طن من الغاز الطبيعي المسال سنويًا على مدى 15 عامًا على الأقل، بدءًا من 2026.

وفي مايو، تراجعت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا إلى نطاق تداولها الطبيعي للمرة الأولى منذ بداية أزمة الطاقة التي أعقبت الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي.

لكنها ارتفعت بشكل حاد مرة أخرى في يونيو، مما يؤكد كيف أن السوق لا تزال على حافة الهاوية بشأن إمدادات الغاز، على الرغم من مستويات التخزين عند مستويات قياسية في ذلك الوقت من العام.

ويتم شحن الجزء الأكبر من الغاز الطبيعي المسال القطري إلى آسيا، لكن الكعبي قال إنه يأمل في أن يتم تقسيمه بشكل أكثر توازنا بين الشرق والغرب في المستقبل لمنح الدولة الخليجية أسواقا متنوعة.

وأضاف أنه سعيد بانخفاض الأسعار عن أعلى مستوياتها في عام 2021، لكنه حذر من أنها قد تعود إلى الارتفاع إذا انتعشت الاقتصادات العالمية العام المقبل وكانت هناك درجات حرارة عادية في الشتاء.

وتابع "أشك في أن الارتفاع سيكون دراماتيكيًا مثل ما حدث في أوكرانيا لأنني أعتقد أنه وضع فريد للغاية. لكنني أعتقد أننا سنشهد ارتفاعًا في الأسعار".

وعلى الرغم من أن مواقع تخزين الغاز في أوروبا ممتلئة بأكثر من 70 بالمئة، إلا أن الكعبي حذر من استمرار النقص في حالة استئناف النمو الاقتصادي.

وقال "ليس لديك الكثير من الحجم لملئه أكثر". "بمجرد عدم إعادة تخزينه في صيف واحد، يتم إصابتك بالشتاء مرتين".