"قطار الحياة" يسافر بالخدمات الصحية إلى أقاصي تونس

قطار الحياة بعربات مهيأة في شكل أقسام طبية متعددة الاختصاصات والمهام، بحسب الخطط التي عرضها مهندسون متطوعون.
الجمعة 2020/04/17
مبادرات تلقى التشجيع

تونس - على بعد كيلومترات من المدن الغربية، في القرى النائية القريبة من الحدود الجزائرية وفي الجنوب على أطراف الصحراء، ليس هناك مستشفى ولا خدمات صحية. ولكن القطار يمكن أن يكون الحل المثالي!

تحت ضغط وباء فايروس كورونا المستجد ستكون سكة الحديد الملاذ الأخير لمهندسين في تونس من أجل ربط المناطق النائية بالحد الأدنى من الخدمات الصحية بطريقة سلسة وفي زمن قياسي.

تعمل “جمعية آية الإنسانية” على تحويل حلم المستشفيات المتنقلة إلى حقيقة عبر تثبيت أقسام صحية فوق عربات القطار ليشق طريقه على مسافة مئات الكيلومترات بين الولايات (المحافظات) الداخلية الأكثر فقرا.

ومثل هذا المشروع سيعفي الآلاف من المرضى عناء التنقل إلى محافظات الساحل الأكثر ازدهارا من أجل تلقي العلاج وكسر القيود على حركة السير وحظر التجوال خلال فترات الحجر الصحي، المفروضة في أنحاء البلاد.

يقول رئيس الجمعية والمهندس المعماري حاتم بونواس، “بدأنا التفكير في كيفية تأمين الخدمات الصحية الضرورية للمواطنين في المناطق الداخلية حيثما يتواجدون، وفي ظرف كهذا حيث يواجه فيه الناس العزل الصحي بين الولايات (المحافظات)”.

ويضيف بونواس الذي يقود فريقا مكونا من سبعة مهندسين، “يجب أن نتوصل إلى حل في مناطق الشمال الغربي والجنوب في زمن قياسي. ونرى أن هذا ممكن تحقيقه وبسهولة لو فكرنا في تحويل قطار إلى مستشفى متنقل”.

والقطار الذي أطلق عليه “قطار الحياة” سيجر عربات محملة بحاويات نقل البضائع ولكن سيتم تهيئتها في شكل أقسام طبية متعددة الاختصاصات والمهام، بحسب الخطط التي عرضها مهندسون متطوعون أطلقوا على أنفسهم اسم “مهندسون متضامنون”.

ويمثل المشروع امتدادا لسلسلة من المبادرات التي أطلقها متطوعون في تونس لمساعدة الدولة في مجابهة فايروس كورونا المستجد في ظل الوضع المتردي لمراكز الصحة العمومية المتهالكة.

ومن بين تلك المبادرات إطلاق ورشات تقليدية من قبل طلاب الهندسة والعلوم لصناعة أقنعة واقية، وأجهزة تنفس اصطناعية، وخياطة كمامات في المصانع الصغيرة والسجون لسد النقص في السوق الداخلية.

مستشفيات "متنقلة"
مستشفيات "متنقلة"

وفي خطوة أولى نجح المهندسون بالفعل وبدعم من الجمعية، في إعادة تدوير حاويات مهملة على أرصفة مينائي العاصمة برادس وحلق الوادي، وإلحاقها بأغلب مستشفيات البلاد لتكون وحدات معزولة ومخصصة لإجراء اختبارات التحاليل لمن يشتبه بالتقاطهم للفايروس وعلاجهم.

كما انتهى “مهندسون متضامنون” من وضع أول مستشفى ميداني لمرضى كورونا بمساحة نحو 400 متر مربع وبكلفة تبلغ حوالي 140 ألف دولار، قادر على استيعاب أكثر من 30 مريضا، ملحقا بمستشفى سهلول بمدينة سوسة.

ويخطط المهندسون بعد موافقة السلطات، لنقل هذه التجربة إلى مدن أخرى في مدة أشغال لا تتجاوز الأسبوعين لكل وحدة صحية.

وتسير تجربة المهندسين على خطى مدينة ووهان الصينية، البؤرة الأولى لفايروس كورونا المستجد في العالم، حيث نجح المهندسون هناك في وضع مستشفى ميداني خلال أقل من أسبوعين، في تحد نال إعجاب العالم. ويتوقع أن تحُدّ هذه الخطوة من المخاوف بشأن مدى قدرة المؤسسات الصحية العمومية في تونس على الصمود أمام الوباء في حال تفشيه بسرعة أكبر وتزايد أعداد المرضى.

وفي المقابل يتوقع المهندسون أيضا أن يحدّ القطار من الفجوة بين المناطق الساحلية الجاذبة للاستثمارات والمؤسسات الصحية الكبرى في القطاعين العام والخاص، والمناطق الداخلية المتأخرة في التنمية.

وسيضم القطار مستشفى مصغرا، وغرفة عمليات، وصيدلية وقسما للاستشارات الطبية، وقاعة لإجراء التحاليل، وقسما مخصصا لتقديم المساعدات الاجتماعية للمحتاجين في القرى الفقيرة والجهات الأقل نموا.

كما يعمل المهندسون على استخدام روبوتات للحدّ من تدخل العنصر البشري في التعامل مع المرضى.

وقال بونواس، “سنستخدم طائرات الدرون لقياس درجات الحرارة لمن يشتبه بالتقاطهم الفايروس عبر الأشعة فوق الحمراء، وهذه التقنية ستسمح بتفادي التعامل المباشر مع المرضى وحماية الأطباء وعربات القطار من انتقال العدوى”.

ويضيف المهندس،”نريد أن نوفر مبدأ تكافؤ الفرص في الحياة والخدمات للتونسيين في أي منطقة من مناطق الجمهورية أيضا”.

ويفترض أن يغطي مشروع المستشفى المتنقل ثلثي المحافظات التونسية المتواجدة في مناطق غرب البلاد وجنوبها. ويقترح المهندسون أن يتجول القطار بين المحافظات على أن يمكث كل يوم في محافظة محددة لتقديم الخدمات الطبية.

ويشير بونواس إلى أن كلفة تجهيز ”قطار الحياة” لم تتحدد على وجه الدقة، إلا أنها لن تكون عالية، مضيفا “هناك دول أفريقية طلبت تطبيق الفكرة، لكن نفضل في الوقت الحالي أن تبقى مجالات ممارستها في تونس فقط”.

مشروع المستشفى المتنقل سيغطي ثلثي المحافظات التونسية المتواجدة في مناطق غرب البلاد وجنوبها.
مشروع المستشفى المتنقل سيغطي ثلثي المحافظات التونسية غرب البلاد وجنوبها

 

20