قصص سينمائية عن معنى أن تكون أسود في بريطانيا

لندن – عندما قُتل جورج فلويد في 25 مايو 2020، شعر الناشط البريطاني الشهير المناهض للعنصرية سيفاس ويليامز بأنه مضطر للتصرف.
وفي رسالة إلى ابنه زيون وعد ويليامز بالعمل على خلق عالم يمكن للسود فيه أن يكونوا قادة أوروبيين، يملكون أندية كرة قدم، ويديرون استوديوهات سينمائية و”ليسوا فقط أشخاصا ينتجون إبداعات تدرّ مليارات من الدولارات”.
وبدعم مالي من سوني بكتشرز ينشئ ويليامز الآن سلسلة فيديو “بلاك بريتيش ستوريز” (قصص البريطانيين السود) عن أشخاص يتحدثون عن معنى أن تكون أسودَ في المملكة المتحدة، بدءا من الطلاب الأفارقة وأصحاب صالونات الحلاقة، إلى المديرين التنفيذيين ورجال الأعمال.
وقال ويليامز البالغ من العمر 29 عامًا في مقابلة هاتفية من منزله بلندن بعد إصابة الناشطة ساشا جونسون بطلق ناري في جنوب العاصمة البريطانية “أريد استخدام قوة السينما في السرد، فقصصنا يكاد يرويها البيض دائمًا (…) وأنا أحرص على أن تُقدّم هذه القصص بدقة طوال العام، وليس فقط بمناسبة شهر تاريخ السود، وألّا تقتصر هذه القصص فقط عن الصراعات العرقية”.
وقالت شرطة العاصمة إن ساشا جونسون التي تبلغ من العمر 27 عاما أصيبت برصاصة على مستوى الرأس في حفلة منزلية في الساعات الأولى من صباح يوم الأحد عندما دخل أربعة رجال كانوا يرتدون ملابس داكنة المنزل من الحديقة وبدأوا في إطلاق النار.
وتعتبر جونسون التي لا زالت في حالة حرجة عضوا ناشطا في حركة “حياة السود مهمة البريطانية”. وكانت واحدة من منظمي أول مسيرة للمليون شخص في أغسطس الماضي، والتي نظمت احتجاجا ضد العنصرية الممنهجة في بريطانيا.
ويسلط شهر تاريخ السود السنوي في بريطانيا الضوء على الشخصيات التاريخية السوداء، إلا أن احتجاجات “حياة السود مهمة” في أعقاب مقتل جورج فلويد أثارت دعوات لتمثيل إعلامي أكبر وأكثر عدلاً لمجتمع السود.

ومع حدوث مظاهرات ضد وحشية الشرطة في جميع أنحاء العالم العام الماضي، تعرضت منظمات لضغوط لبذل مزيد من الجهد لمواجهة العنصرية، وقد لجأ البعض إلى ويليامز للحصول على المشورة.
وفي سنة 2018 حظي مشروع ويليامز، المهندس المعماري، للتصوير الفوتوغرافي بعنوان “56 رجلا أسود” باستقبال جيّد، وهو عبارة عن سلسلة من الصور لرجال سود يرتدون أغطية للرأس لتسليط الضوء على إنجازاتهم ومواجهة التغطية الإعلامية السلبية لجرائم السكاكين.
وقال ويليامز “بعد مقتل جورج فلويد (…) تحدث الكثير من كبار رجال الأعمال والمديرين التنفيذيين عما حدث، ودعوني إلى مجلس المدينة”، مشيرا إلى مجموعة سوبر ماركت ساينسبري وعملاق وسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك.
وأضاف بينما كان الأميركيون يحيون الذكرى السنوية الأولى لمقتل فلويد الثلاثاء “قالوا إنهم صُدموا بما سمعوه، وقد ساهمت هذه الأحداث في حثهم على التغيير”.
ويشغل الأشخاص من غير البيض أقل من 5 في المئة من مواقع السلطة في بريطانيا على الرغم من أنهم يشكلون 13 في المئة من السكان وفقا لمؤشر كولور أوف باور (لون السلطة) الذي يراقب التنوع العرقي في المؤسسات العامة والخاصة.
وعلى الرغم من الحماس الأولي للتغيير في البلديات بعد وفاة فلويد والمناقشات التي يقودها عادة أشخاص بيض، وليس منظمات السود، قال ويليامز إن زخم الإصلاح في أغلب الأحيان “يعيش ويموت في تلك الغرف”.
وصرح قائلا “كانت تلك المحادثات والقصص الصريحة من أقوى ما ظهر في العام الماضي، ولكن هذه القصص كانت موجودة فقط في اجتماعات زوم دون وجود أي مبادرات على أرض الواقع”.
وأضاف “ولم يكن بالإمكان المضي قدما نحو تشكيل التغيير”.
لذلك أنشأ ويليامز شبكة بلاك بريتش نتوورك لجمع المحترفين البريطانيين السود معًا للضغط من أجل المساواة الاقتصادية في مسعى لفضح العنصرية.
كما قرر إنتاج أفلام قصيرة “لمساعدة السود على تقدير هويتهم في المملكة المتحدة” و”مساعدة الأشخاص غير السود في الحصول على مرجع للتعرف على التجارب الحقيقية التي يمر بها السود في المملكة المتحدة”.

وحصل ويليامز على دعم من الممثل البريطاني سيمون بيغ المشهور بأدواره في فيلم “شون أوف ذا ديد” و”ستار تريك” و”مهمة مستحيلة” عام 2004.
وقال ويليامز “كان سايمون مهتمًا باستخدام ما يتمتع به كشخص أبيض لفعل شيء حيال ما يحصل بما يتجاوز الشعور بالغضب”.
وعرض بيج، الشريك المؤسس لشركة ستولن بيكتشر لإنتاج الأفلام، دعم ويليامز وجعله على اتصال بشركة سوني بكتشرز التي “خصصت بعض المال لإطلاق حلقات الفيديو الأولى” على حد قول ويليامز.
وقال ويليامز إن مقاطع الفيديو سوف يصنعها مخرج أسود مع طاقم تصوير متنوع، مضيفا أنه يريد سماع قصص من جميع مناحي الحياة البريطانية السوداء، ومشاهدة الأفلام التي تُبث على شبكات التلفزيون الكبرى ومنصات التواصل الاجتماعي.
وتابع “يكمن أحد الأهداف في ذكر قصصنا الخاصة التي تكون أكثر تمثيلاً للعالم الذي نعيش فيه” بدلاً من الحديث عن وحشية الشرطة التي كانت المحور الرئيسي للتغطية الإعلامية لاحتجاجات “حياة السود مهمة”.
وقال “كانت فرق الأخبار التي تحمل ميكروفونا أمام وجوه السود تقول ‘تعال شاركنا بصدمتك، تعال علّمنا’، الأمر الذي يصبح إشكاليًا للغاية لأنه ينتهي بالضجيج. ومرة أخرى نحن لا نتحكم في هذه الرواية”.