قصائد تتنبأ بالمستقبل وترصد انهيارات العالم

نصوص لا تتوخى الحذر في تحريك الراكد من أسئلة متسلحة بالسخرية لتروي أهوال القادم الذي نعجنه بأيدينا اليوم.
الأربعاء 2021/12/01
عين شعرية على مستقبل لا شعري (لوحة للفنان يحيى زكي محمد)

ميلانو (إيطاليا)- المجموعة الشعرية الجديدة “نهاية العالم كما نألفه” هي نصوص بدءا وختاما، كما يصرح مؤلفها الشاعر إبراهيم المصري في آخرها، كتبت “بالسخرية لمنازلة الأشباح”، ما بين أغسطس وأكتوبر 2019، كتنبيه شعري على أن ما يحدث في العالم من تحولات، في زمن الجائحة، لن تجعله كما ألفناه.

يجزم المصري في بداية كتابه الجديد هذا، أن طباع الحب ستكون أشد شراسة، ولن تختفي الحرب. فكرتان من بين خمس لدى الشاعر عن الألفية الثالثة، يراهن فيها على أن الكتابة إذا كانت مرافقة لشغف الإنسان ومحنته، فإنها أول ما يستشعر المستقبل. وبين نبرة الأمل ونشوة التفاؤل والخوف من المجهول، تخرج نصوص الكتاب كجزر من الضباب، كحالات متفردة تجمعها ظلال الحياة اللامتناهية، في عالم يكتنفه الغموض والتوجس وترقب الموت المقيم على حواف الأشياء، وقد أصبحنا جميعا موتا يمشي على البسيطة.

لا يتوارى الشاعر إبراهيم المصري وراء كلماته، بل يفكك سيرته اليومية وأسئلة الوجود المادي لأجسادنا المبرمجة، قبل أن تتحول أراوحنا إلى كائنات رقمية، وقريبا “سيكون مونتاج الذاكرة متاحا”، و”يعاد الاعتبار تكنولوجيا للولادة والموت”، ونتناول طعامنا في “كبسولات”، ويصبح للملل مختبرات، وكمبيوتر مركزي لإحصاء الفضائل، وعلى هذا النحو من كبسات زر تتحكم فينا، وفي الحياة والتاريخ والمستقبل، بروبوتات تشاركنا الحب والدموع والندم، وليمسي العالم القديم بمآلات انهياره، رفيق الشعر في النعش إلى المقبرة، كما يرى الشاعر.

نصوص المصري في هذا الكتاب، الصادر عن منشورات المتوسط بميلانو، هي تنبيه وانتباه لأحاسيس الجسد، وما يمكن اكتشافه بقوة الكلمات في دواخلنا، وأيضا ما يضيع منا، في فارق التوقيت، بين النهاية وما ألفناه. كتابة حادة وغنية بالمعارف والتفاصيل، لا تتوخى الحذر في تحريك الراكد من أسئلة الفلسفة والدين والتراث والعلم. كما أنها، وبالسخرية اللازمة، تروي أهوال القادم، الذي نعجنه بأيدينا اليوم.

12