"قسد" تتعهد بتلبية مطالب العشائر في شرق سوريا وتصحيح الأخطاء

مظلوم عبدي يقر بوجود خلل في تمثيل العشائر بالمجالس المحلية.
الجمعة 2023/09/08
لا بد من رؤية جديدة تستوعب الجميع

أقر قائد تحالف قوات سوريا الديمقراطية بوجود أخطاء ارتكبت في إدارة الوضع في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف في شرق سوريا، متعهدا بتصحيح تلك الأخطاء عبر تحسين تمثيل العشائر العربية، وإعادة هيكلة كل من المجلس المدني الذي يحكم دير الزور ومجلسها العسكري.

الحسكة (سوريا) - تعهد مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة بتلبية مطالب العشائر العربية في شرق سوريا وتصحيح “الأخطاء” التي قال إنها ارتكبت في إدارة المنطقة، في مسعى لنزع فتيل توترات أججت قتالا مميتا على مدى أيام، وأغرت بعض القوى المحلية والإقليمية للتدخل وتأجيج الوضع.

وقُتل العشرات من الأشخاص منذ انتفاضة مقاتلين من العشائر العربية على قوات سوريا الديمقراطية في دير الزور الأسبوع الماضي في أول انتفاضة من نوعها منذ طردت القوات التي يقودها الأكراد تنظيم الدولة الإسلامية من المنطقة قبل أكثر من أربع سنوات بدعم من الولايات المتحدة.

ودفعت الانتفاضة، التي ينظر إليها على نطاق واسع على أنها تعكس شكاوى العرب المتزايدة، الولايات المتحدة إلى بذل جهود من أجل وقف التصعيد في ظل احتمال أن يستفيد تنظيم الدولة الإسلامية أو الرئيس السوري بشار الأسد من أي صراع مستمر.

وقال عبدي في مقابلة مع رويترز إنه التقى بزعماء العشائر، وإنه يحترم طلبهم بالإفراج عن العشرات من المقاتلين المحليين الذين انتفضوا واعتقلوا في أثناء إخماد قوات سوريا الديمقراطية للاضطرابات.

عبدي يتعهد باستضافة اجتماع موسع مع كبار الشخصيات في العشائر العربية وممثلين آخرين من دير الزور لمعالجة الشكاوى

وأضاف في اتصال بالفيديو من شمال شرق سوريا “لدينا قرار بأنه سيتم العفو عن جميع المتورطين في هذه الحوادث في عفو عام (…) حتى الآن تم الإفراج عن نصفهم وسيتم الإفراج عن الباقين”.

وتعهد عبدي باستضافة اجتماع واسع النطاق مع كبار الشخصيات في العشائر العربية وممثلين آخرين من دير الزور لمعالجة شكاوى مستمرة منذ فترة طويلة بخصوص قضايا تمتد من التعليم والاقتصاد إلى الأمن.

واشتكى السكان العرب من الإدارة التي يقودها الأكراد، قائلين إنها تمارس التمييز ضدهم ولا تمنحهم حصتهم من الثروة النفطية في المنطقة.

وردا على سؤال عن كيفية معالجة الشكاوى، أقر عبدي بوجود “خلل” في تمثيل مختلف العشائر بالمجالس المحلية. وقال “بالتأكيد هناك ثغرات موجودة وأخطاء على الأرض”.

وقوات سوريا الديمقراطية، التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية وتضم مقاتلين عربا، شريك رئيسي في التحالف الأميركي ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وتسيطر “قسد” على ربع مساحة سوريا في منطقة بها حقول نفط وينتشر فيها نحو 900 جندي أميركي.

مكابرة قوات سوريا الديمقراطية تفتح طريقا سالكا لتركيا وإيران لاختراق العشائر العربية

وتعهد عبدي بإعادة هيكلة كل من المجلس المدني الذي يحكم المحافظة ومجلس دير الزور العسكري، وهو وحدة عربية تابعة لقوات سوريا الديمقراطية، لجعلهما “ممثلين لجميع العشائر والمكونات الموجودة في دير الزور”.

واندلع القتال بعد أن اعتقلت قوات سوريا الديمقراطية رئيس المجلس المعروف باسم أبوخولة لاتهامه بالفساد وانتهاكات أخرى. وانتفض حلفاء أبوخولة العشائريون لذلك.

ودعا التحالف الدولي إلى إنهاء العنف، قائلا إن تشتيت الانتباه عن قتال الدولة الإسلامية يفاقم خطر عودة ظهور التنظيم، وزار مسؤولون أميركيون كبار المنطقة يوم الأحد.

وقال عبدي إن قوات سوريا الديمقراطية لن تنسحب من المنطقة.

وأضاف “نحن منفتحون على جميع الانتقادات، سندرسها ونتجاوزها (…) والنتيجة ستكون عودة قوات سوريا الديمقراطية بجميع مكوناتها بشكل أقوى مما كان في السابق”.

واتهم عبدي الحكومة السورية بالضلوع في إثارة الاضطرابات، قائلا إن قواته اعتقلت مقاتلين مرتبطين بدمشق انضموا إلى المتمردين العشائريين، ولن يُطلَق سراحهم من خلال العفو العام.

الولايات المتحدة لعبت دورا محوريا في إقناع "قسد" بأهمية إعادة النظر في نهجها حيال المنطقة الشرقية

وكانت تركيا انتهزت بدورها الصراع لتدفع بالفصائل المسلحة التابعة لها للانخراط في أعمال القتال ضد ”قسد” في الشمال السوري بغاية استنزافها.

وتعتبر تركيا أن قوات سوريا الدمقراطية هي تنظيم معاد يستهدف أمنها القومي، وقد سبق أن شنت ثلاث عمليات عسكرية ضده في شمال سوريا.

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء، تأييده للعشائر العربية، وقال “إن موقف العشائر العربية في هذا المجال وطني بوصفها صاحبة تلك المناطق الأصلية وليس حزب العمال الكردستاني، أو ما يعرف بوحدات حماية الشعب الكردية”.

ويحاول أردوغان أن يستفيد من تمرد العشائر العربية لإضعاف موقف “قسد”، وليس لدعم تلك العشائر مثلما يسوق اليوم، لاسيما وأن تركيا لم تكن معنية بتلك العشائر من قبل.

ويرى مراقبون أن الولايات المتحدة لعبت دورا محوريا في إقناع “قسد” بأهمية إعادة النظر في نهجها حيال المنطقة الشرقية.

وتدرك الولايات المتحدة أن ترك الوضع الراهن سينعكس سلبا على جهودها في المنطقة، لاسيما لجهة تحجيم النفوذ الإيراني هناك، وتخشى واشنطن من أن استمرار التصدع العربي – الكردي في المنطقة قد يدفع العشائر إلى ردود فعل عكسية، وسيسهل بالتالي اختراقها من قبل تركيا أو إيران.

2