قرية عمانية طمستها الرمال فتحولت إلى معلم سياحي

عمانيون يحاولون إعادة الحياة إلى قرية المرّ إثر ظهور معالمها بعد 30 عاما.
الأحد 2021/01/10
صمود في وجه الرمال

وادي المر (سلطنة عمان) – عاد سكان وادي المر العمانية وبعض الزائرين لاكتشاف ما بقي من القرية التي كادت تختفي بالكامل بعدما طمستها الرمال ودفعت سكانها إلى مغادرتها منذ نحو 30 عاما.

وتقع القرية وفقا لما يوضحه موقع وزارة الإعلام العمانية شمال شرق مركز ولاية جعلان بني بوعلي التابعة لمحافظة جنوب الشرقية، وتبعد عن مركز الولاية مسافة 80 كيلومترا.

ولم يتبق من القرية الواقعة في قلب الصحراء سوى بعض الأسطح والجدران التي تشهد على وجود حياة سابقة في الموقع، واختفت إثر عاصفة رملية غطت كل شيء.

ويقول العماني سالم العريمي الذي يعود أصله إلى القرية إن “كل مساكن القرية تقع تحت الرمال التي دفنتها قبل 30 عاما”.

وظاهرة “زحف الرمال” لا تقتصر على سلطنة عمان، وبحسب خبراء فإنها مرتبطة بالتغييرات المناخية، ورُصدت هذه الظاهرة في مناطق عدة في العالم.

وتعتبر الظاهرة آخر مراحل التصحر الذي يهدد قرى وممتلكات صحراوية، وهي نتيجة لتدهور التربة وتفككها وتفتتها إلى حبيبات أصغر سائبة يسهل حملها بواسطة الرياح الشديدة.

وتتطلب مقاومة هذه الظاهرة التي تهدد مناطق صحراوية كثيرة حول العالم، ميزانيات كبرى واستراتيجيات تنموية بيئية ناجعة تحدّ من التصحر، كالرهان على التشجير وغراسة الأشجار والنخيل ما يمكّن من تثبيت الأرض وتماسك حبيبات الرمل.

ولم يكن بإمكان سكان القرية منذ ثلاثين سنة مواجهة هذه الظاهرة، خصوصا بسبب بعدها وعزلتها وعدم توفر شبكات إمداد بالكهرباء والماء، وهو ما اضطر السكان الذين كانوا يعتمدون على تربية الحيوانات للعيش إلى الفرار إلى قرى مجاورة.

وبحسب العريمي، يروي كبار القرية أن “الناس حاولوا حينها الهروب مع أسرهم” نحو القرى المجاورة، لكنّ “آخرين لم يتمكنوا من الهروب منها ودفنوا تحت الرمال”.

ذكريات مؤلمة

منازل دفنت مع أصحابها
منازل دفنت مع أصحابها

تقع القرية في مركز ولاية جعلان بني بوعلي بمحافظة جنوب الشرقية، وتبعد نحو 400 كيلومتر عن العاصمة مسقط. ومن الصعب الوصول إليها بسبب عدم اتصالها بشبكة الطرق الرئيسية.

ولكن ذلك لا يمنع السكان السابقين من العودة إلى قريتهم القديمة لزيارتها، بالإضافة إلى آخرين يأتون للتخييم، ومحبي رياضة المشي والتريكنغ (المشي الجبلي).

ويرى محمد الغنبوصي الذي كان يقيم في القرية أنه “بفعل عوامل التعرية، بدأت تتكشف بعض الأجزاء البسيطة من معالم القرية”.

ويتابع “ما زالت القرية تحتفظ بقوة مساكنها لأنها مبنية من الحجر، ومتمسكة بجمالها، ما جعلها أخيرا مقصدا لبعض محبي الطبيعة والتصوير”.

ويبدو مسجد القرية التي كانت تضم 30 مسكنا و150 مقيما، ظاهرا أيضا بفعل حركة الرمال.

ويقول محمد العلوي، وهو أيضا من متساكني القرية سابقا، “مع تكشف بعض معالم القرية قبل بضع سنوات، طلبت مني والدتي زيارة المكان”.

ويضيف “بالفعل أخذتها إلى هناك، والآن كلما تمكّن بها الحنين إلى القرية المهجورة نأخذها إليها كي تستذكر بيوت الأهل ومعالم القرية وتروي لنا الكثير من القصص، وكانت كثيرا ما يغلبها البكاء”.

موقع سياحي

زيارة استكشافية مثيرة
زيارة استكشافية مثيرة

جاء راشد العامري مع اثنين من أصدقائه من ولاية صور العمانية البعيدة لزيارة القرية، موضحا أن قصة القرية الغريبة وطبيعتها المحيطة تشكل عامل جذب للزوار.

ويقول ”شعرت بالدهشة من مدى قوة الطبيعة، وكيف أنها تمكنت من محو قرية تماما بطمس كل معالمها، غير أن الأمر الأكثر دهشة هو كيف أن معالم القرية التي يتم الكشف عنها تدريجيا ما زالت محتفظة بتفاصيلها القديمة كاملة”.

وتتطلّع عمان إلى إعادة استقبال السياح سريعا في منتجعاتها الجبلية والساحلية، خصوصا من الدول المجاورة الثرية، لتتجاوز المصاعب الاقتصادية الكبرى التي تواجهها مع تراجع أسعار النفط.

وتعمل سلطنة عمان في السنوات الأخيرة على تنشيط قطاع السياحة فيها، في إطار سعيها لتقليل الاعتماد على النفط وتنويع الإيرادات. وبحسب أرقام رسمية، استقبلت السلطنة ثلاثة ملايين سائح في 2019.