قرية إماراتية تحافظ على تقليد مصارعة الثيران في الخليج

الفجيرة إمارة تتوارث رياضة المصارعة من الأب إلى الابن منذ عقود.
السبت 2022/02/19
منافسات بلا جوائز

على غير عادة أهل الخليج الذين اهتموا بسباقات الخيل والإبل والقنص بالطيور الجارحة، تتميز قرية في الفجيرة بتقليد تكاد تنفرد به في دول الخليج ويتمثل في مصارعة الثيران وهي مصارعة يصرّ أهل القرية على أنها لا تشبه تلك التي نتابعها في إسبانيا.

القرية (الامارات) - بعيدا من ناطحات السحاب في دبي ومسابقات الإبل في صحرائها، يهتم أهل إمارة الفجيرة الشمالية منذ عقود بتنظيم مصارعة الثيران، التي تعد نشاطا غير معروف على نطاق واسع في دولة الإمارات.

وفي قرية “القريّة” شمال شرق الفجيرة، يرفع عيسى أكمام الكندورة التقليدية التي يرتديها، ليحرك قدرا كبيرا فيه خليط من القمح والتمر والأعشاب والسمك على النيران.

ويقول الإماراتي البالغ 34 عاما، “هذا ما يمنح الثيران القوة”، متحدثا في مزرعة عائلته حيث بدأ بمساعدة والده على تربية الثيران وتنظيم جولات المصارعة “منذ الطفولة”.

وخلافا لمصارعة الثيران المنتشرة في بلاد مثل إسبانيا والبرتغال، حيث يواجه مصارع ثيران (الماتادور) الثور، فإن الثيران في الفجيرة تتصارع في ما بينها وليست مواجهة تستمر حتى الموت.

ورغم ذلك، لا تلقى هذه الرياضة الرضا من المدافعين عن حقوق الحيوانات.

ويقوم عيسى مع ستة موظفين في المزرعة بتحضير 17 ثورا للمشاركة في المصارعة الأسبوعية في الحلبة في الهواء الطلق قرب طريق سريع، بعد صلاة الجمعة.

ويشرح “نأتي صباحا لتفقد الحيوانات (..) ونقيس حرارتها ثم نقوم بإطعامها”.

ويتم استيراد الثيران من آسيا، وخصوصاً من الهند وباكستان.

ويوضح الإماراتي والأب لستة أطفال أن “هذا تقليد متوارث من الأب إلى الابن منذ عقود” موضحا أنه يقوم بتعليم أطفاله هذا التقليد.

ويسعى عيسى وعائلته للحفاظ على هذا التقليد، ويحرصون على تكاثر الثيران عبر تزويجها مع بقرات محلية، أو حتى شراء المزيد منها بأسعار تبدأ من ألف يورو وتصل حتى 9500 يورو.

وفي منطقة قريبة من المزرعة، تتجمع شاحنات تحمل الثيران من كل أنحاء المنطقة.

والحلبة عبارة عن ساحة رملية كبيرة بين جبال صخرية ومياه خليج عمان. ويخيم الصمت فيها بينما يسمع خوار نحو خمسين ثورا منتشرة حولها وتستعد للنزال.

رياضة ممتعة بنكهة عربية
رياضة ممتعة بنكهة عربية

ويتجمع قرابة 200 متفرج في الحلبة، ويجلس الرجال حولها بينما تبقى النساء داخل السيارات في الخارج. ويجلس الأطفال على أسقف مركبات الدفع الرباعي.

وعبر المذياع، يعلن المعلق بدء المصارعة. ويتواجه ثوران، كل منهما محاط بثلاثة أو أربعة “مساعدين” جاهزين للتدخل عبر سحب الحبل الذي يُربط إما على رقبة الثور أو ساقه.

ويشرح عيسى أن “الثور الذي يفوز هو الذي يظهر الشجاعة الأكبر ولا يهرب”، موضحا أن المشاركين لا يحصلون على أيّ جوائز.

وينتقد المدير الإقليمي لمنظمة الصندوق الدولي للعناية بالحيوان محمد السيد مصارعة الثيران، ويقول “كل ثقافة تملك العديد من التقاليد السيئة، هل يجب علينا أن نواصل لأنه جزء من التقاليد؟”، مشيرا إلى أنّ قتال الحيوانات محظور بموجب القانون الإماراتي.

لكن ماجد (36 عاما) الذي جاء لمشاهدة المصارعة يشرح، أنّ مسابقات الإبل في الإمارات تحظى بشعبية، قائلا “هنا هذه هي الهواية”. ورأى أنها “تسلية من الزمن القديم وفيها خسارة وفوز”.

وتستمر المواجهة ما بين دقيقة ودقيقتين بين كل زوج من الثيران. وتستمر كل جولة من المصارعة الأسبوعية يوم الجمعة ساعة فقط.

ويشرح محمد السويدي الذي جاء لحضور المنازلة أن “هذه الرياضة تقليد قديم” يمتد من الفجيرة حتى قرب مسقط عاصمة سلطنة عمان القريبة.

واشتهرت منازلة الثيران في المناطق القريبة والبعيدة عن الفجيرة بفضل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بحسب عيسى الذي يوفر أولاد إخوته بثاً مباشراً للقتال عبر إنستغرام وتيك توك.

وحضر السائح الألماني غونتر بييليتز وزوجته إلى الحلبة لمشاهدة مصارعة الثيران.

ويقول السائح “هذا أمر غير معتاد بالنسبة إلينا. إنه مثل مصارعة الثيران في إسبانيا ولكن هنا الأمر مجرد ثور مقابل ثور آخر وليس مقابل رجل”. ويلاحظ أن “الثور لا يموت”، مضيفاً “نحن لا نحب مصارعة الثيران الإسبانية”.

وبحسب محمد السيد فإن غياب “القتال الدامي” لا يبرر هذه الممارسة. ويتابع قائلاً “حتى لو يتم أخذ الاحتياطات لمنع أيّ أذى فإن الإصابات ستحدث”.

20