قبائل التُّبُو الليبية: هوية ولغة وتقاليد وأعراف خاصة

دراسة عميقة يقدمها الباحث الليبي عبدالمنعم المحجوب عن تاريخ التبو وأصولهم وتفريعاتهم ولغاتهم وخاصياتهم وثقافتهم في كتابه "“التُّبُو: الهويَّة واللغة والتاريخ المجهول".
طرابلس- “التُّبُو” هم إحدى قبائل ليبيا القديمة، اكتنف تاريخَهم الكثير من الغموض؛ فهو تاريخ مجهول لا نعلم عنه سوى القليل؛ فسكان القبيلة أنفسهم لم يدوّنوا شيئًا عنهم، وتناثرت أخبارهم هنا وهناك؛ لذا لم يتطرق للكتابة عن أخبارهم وتتبّع أثرهم سوى الرحالة الغربيين الذين جابوا الصحراء الكبرى، فضلًا عن القليلين جدا من الرحالة العرب، واقتصرت كتاباتهم على مشاهدات بسيطة لحياة هذه القبيلة من مختلِف نواحيها، وما سمعوه من رواياتٍ شفهية لسكانها وكل ما تنوقل من أخبارهم.
ولأجل هذا عُنِي الباحث الليبي عبدالمنعم المحجوب بالبحث في المصادر التاريخية المختلفة ليُخرج بهذه الدراسة “التُّبُو: الهويَّة واللغة والتاريخ المجهول” عن تاريخ هذه القبيلة؛ باستقصاء تاريخ أفرادها المجهول وعرض بعض الأنماط الفولكلورية التي تختزل كِيانهم الاجتماعي، ويلقي الضوء على هُويتها ولغتها ومُختلِف جوانب حياتها وتقاليدها وأعرافها.
يرى المحجوب في دراسته الصادرة عن مؤسسة هنداوي إن تاريخ التُّبُو الغامض جزء من طبيعة الترحال الدائم التي كانت عليها القبائل الليبية القديمة التي حَدد الجغرافيون والمؤرخون اليونانيون مواطنها أول مرة في القرن 4 ق.م، بعد عصور اتسمت بانتشار أنماط العصر الحجري التي غلب عليها الجمع والصيد، وتميزت بغياب التدوين وعدم الاستقرار الذي لم يتحقق إلا بعد انتشار الزراعة وقدوم الكنعانيين (الفينيقيين).
واستمر تَرحالهم إلى الجنوب إلى أن توطنوا مرتفعات تِبِستي، أي إن هذه المرتفعات تكون في هذه الحالة مهدا ثانيا للتُّبُو ربما تم استيطانه مع توغل الرومان جنوبًا، وبعد أن قام سِبتِموس سِفِيروس الذي حكم الإمبراطورية الرومانية بين 193 و211 م بإخضاع القبائل الليبية لاسيما قبائل الغَرَمنت والنَّسَامون، وبعد أن نصَّب قوات مراقبة متقدمة وقلاعًا وحاميات في الدواخل بما عُرف باسم التخوم الطرابلسية.
ويشير إلى صلة ما بين التدا والغَرَمنت، وأن التدا كانوا فرعًا من الغَرَمنت اضطُر إلى مغادرة موطنه الأصلي الذي كان يقع إلى الشمال الغربي ليتوطن جنوب فزان، أي جنوب عاصمة الغَرَمنت الذين “كانوا يسيطرون على منطقة واسعة من ليبيا تمتد من الحمادة الحمراء شمالًا وجبال أَكاكوس وتَدْرارْت غربًا وجبال تِبِستي جنوبًا وجبال العوينات وواحات الكُفرة شرقًا”.
ولم تكن هذه الأقاليم نمطيةً من الناحية الإثنية، حيث “تميل البحوث الأثرية التي أجريت على بقايا القبور إلى القول بأن الغَرَمنت كانوا ينتمون إلى أربع مجموعات سلالية: اثنتان بيضاء وواحدة زنجية والرابعة مزيج من هذه السلالات.
أما المكتهفون الذين ذكر هيرودوت الذي عاش بين 484 و424 ق.م أن الغَرَمنت كانوا يطاردونهم، فإنهم يبعدون زمنيًّا عن تَرحال التدا إلى الجنوب بحوالَي 650 سنة. ونرجح أنهم كانوا أسلاف القبائل الزنجية التي تعيش قرب بحيرة تشاد (بُرنو، كانِم.. إلخ) بعد أن تم دفعهم باتجاه الجنوب لتحتل قبائل التدا مواطنهم، وبعد أن أصبح تَرحال التدا إلى الشمال حيث مواطنهم الأصلية واختراق خط الدفاعات الرومانية المسمى “خط التخوم الطرابلسية” مستحيلًا دون الدخول في حرب خاسرة مع الفرقة الإمبراطورية.
لهذه الأسباب فإن أسبقية اسم “تدا” على اسم “تِبو” لها ما يبررها من حيث إن عصورًا سبقت توطُّنَهم مرتفعات تِبِستي التي نُسب إليها اسمهم الجديد “تِبُو” دون أن يُعرَفوا قبل ذلك إلا باسمٍ أقدم هو “تدا” الذي تم اختزاله من اسمهم الأكثر قدمًا أي “تِدامنسي”، وصلة هذه القبيلة بالغَرَمنت تجعلنا بالتالي نرى في التدا خلفًا للغَرَمنت، كما تجعلنا نبحث عن لغة الغَرَمنت المفقودة في لغة التدا دون سواها.
ويوضح المحجوب أن بعض القبائل الليبية القديمة حافظت على أسمائها الأصلية محورة بهذا الشكل أو ذاك، بينما استبدلت معظم القبائل أسماءها بين زمن وآخر، ونادرة هي القبائل التي احتفظت بأسمائها الأولى كما هي، ويقول “لربما نستنتج مما مر من تحليل أن الاسم الذي ساد طوال التاريخ، أي ‘تدامنسي‘، ثم تم اختزاله إلى ‘تدا‘ قد عاش إلى ما قبل القرن السابع بقليل.”
أما مع بدء انتشار الإسلام في شمال أفريقيا، فإن كلمة “تبو” قد كانت تدل على قبائل التِّدا وغيرها من التفرعات القبلية؛ لاشتراك هذه الكلمة في اللغتين التِّدَويَّة والعربية في معانٍ دالة على أبرز سمات هذا الشعب، فهي تؤدي في اللغة العربية معنى الغزو والنهب والغُنْم. وتؤدي في لغة التِّدا معنى اللجوء إلى الجبال وتوطنها، فكانت بذلك اسم عَلَم جامعًا
نالَ قبول الأهالي والأقوام المجاورة في الوقت نفسه، وشاع استعماله ليشمل التدا الأصليين والقبائل التي نزحت لاحقًا نحو الجنوب فالتحقت ببحيرة تشاد أو سهول السافانا، وهي صالحة للتوطن والرعي، وكوّنت بذلك فرعًا مستقلًا نما وازداد تَعداده حتى أصبح أكبر بكثير من الأصل الذي تحصن بمرتفعات تبستي دون أن يتجاوز الواحات والوديان القريبة من موطنه هذا.
إن التُّبُو الجنوبيين (الدَّزا) يمثلون درجةً قريبة من الزنوج بأكثر مما يمثلها التُّبُو الشماليون (التِّدا). وتوجد صعوبة ما في تحديد كيف يجب تقدير الزَّغاوة في دارفور الشمالية، “ومع ذلك فهم قريبون جدًّا بدرجة واضحة بما يكفي ليكونوا بين الطوارق وبربر المناطق الساحلية”.
ويؤكد أن الحراك الديمغرافي الذي عرَفته قبائل التُّبُو يبدو متداخل المسارات، فإذا افترضنا قِدم التُّبُو الشماليين على التُّبُو الجنوبيين فإن ذلك يعزز فرضية صلة التدا بقبيلة التدامنسي القديمة، أي إن جبال تبستي تكون في هذه الحالة مهد التُّبُو الثاني الذي ربما استوطنته بين 193 ـ 211 م كما ذكرنا.
على أن هذه الفرضية لا تُلغي طبيعة التَّرحال الدائم التي ميزت قبائل التدا، والتي تبدو قبائل الدزا مقارنةً بها أكثر استقرارًا وتوطنًا، و”نستطيع من خلال فك نسيج الخليط الذي ذكره ناختيغال أن نعود بكل عِرق إلى موطنه الأم. إن ناختيغال يتحدث عن “التُّبُو الشماليين، والتُّبُو الجنوبيين، والطوارق، والعرب المقيمين، والعرب الرحل، والبربر الشماليين، والبربر الرحل، والأرقاء والأحرار من بُرنو والهَوسا، والزَّغاوة.”
أما الفزازنة (نسبةً إلى فزَّان) فإنهم يبدون بالنسبة إليه “غير محدَّدي الهوية ولا ينتمون إلى أيّ من هذه المجموعات،” وإذا كان من الممكن لهذه المجموعات أن تندرج بشكل ما تحت اسم “الليبيين” فلأن هذا الاسم بالغ المرونة من الناحية التاريخية، وهو قد يشمل شمال أفريقيا، كما قد يشمل القارة بأسرها ـ باستثناء مصر ـ وفقًا لزمن استخدامه، أما أثناء الحديث عن “الصحراء الليبية”، فإن الدلالة تذهب مباشرة إلى ذلك الجزء من الصحراء الكبرى الذي يقع غرب النيل ويتلاشى تدريجيا كلما اتجهنا غربًا وصولًا إلى الأطلسي.
وبعبارة أخرى تبدو الصحراء الليبية كما لو كانت اصطلاحا تاريخيا (تعبره المسارات العرقية واللُّغوية) قبل أن تكون اصطلاحا جغرافيا، أما فزَّان فإنها الصورة الجغرافية المصغرة عن الكِيان التاريخي للصحراء.
وبالعودة إلى الخليط الناختيغالي في فزان فإن المجموعات العرقية تبدو توطنت الصحراء قادمةً إليها من موطنها الأم، إذ “يمكننا الحديث عن أغادس بالنسبة إلى الطوارق، وجبال الأطلس بالنسبة إلى البربر. أما الأرقاء والأحرار الزنوج فهم قادمون من بُرنو، بينما كان الزَّغاوة وما زالوا بين دارفور وتشاد، في حين أن العرب يشكلون الجسم الديمغرافي للحوض الأفروآسيوي فيتوطنون شمال أفريقيا وينتشرون في جيوب قبلية على امتداد الصحراء. والفزازنة عرب لا يخلون من تأثيرات أفريقية. إن المجموعة الوحيدة التي يمكننا استثناؤها هنا هي التُّبُو الذين لا تشير أي من المصادر التاريخية إلى مغادرتهم الصحراء، منذ أن توطنوا مرتفعات تبستي”.
وحول التكوين الاجتماعي للتُّبُو، يقول المحجوب إن عدد التُّبُو يقدر بأكثر من 30 ألف نسمة، وهو إحصاء تقديري كان متداولا بين أبناء التُّبُو في أواخر القرن العشرين، ويصل عدد قبائلهم إلى إحدى وثلاثين قبيلة، هي: آرْنَا ـ أَدِرْگا ـ أَضُبَيَّا ـ أَمَوِيَّاهْ، ـ أَهِدَّهْ ـ بِشِرَاهْ ـ تَاوْيَاهْ ـ تِدِمِيَّا ـ تْرَامَاهْ ـ تْرِنْدِرَا ـ تَرْصِيَاهْ ـ تَزَرْيَاهْ ـ تُزُبَاهْ ـ تْشُوَدَهْ ـ تِگا ـ تُمارة ـ تُمُرْتِياهْ ـ دُرْدَكِشي ـ زُيَاهْ ـ صَرْدُگِيا ـ ضِرْسِنَا ـ غُبَدَه ـ كَاسَهْ ـ كْرَاسا، ـ كُصُضَاهْ ـ گُنَّا ـ مَاضَاهْ ـ مَاضَنَا ـ مُگُدَاهْ ـ هُرْتُنَاهْ ـ هُكْتِيَا.
وينقسم التُّبُو إلى مجموعتين تنصهر فيهما هذه القبائل، ومن السائد اجتماعيا بين قبائل هاتين المجموعتين القول بانتمائهما إلى أصل واحد، وهما “تِدا”ويبلغ عدد أفرادها حوالَي 50 ألف شخص، ويمارسون الرعي والتجارة بين قبائل ليبيا وتشاد والسودان. ولهجتها تِدَگا، أو لسان التدا، ويسمُّون أنفسهم نسبةً إلى لغتهم “تدگدا”أي الذين يتكلمون التدگا.. و”دَزا” وهي العشيرة الأكبر، إذ يبلغ عدد أفرادها حوالَي 250 ألف شخص. ويمارسون التجارة بين قبائل الصحراء، بالإضافة إلى الرعي، متنقلين وراء مواطن الكلأ والماء في جنوب الصحراء، حول سفوح تبستي وفي النيجر. ولهجتها دَزَگا، أو لسان الدزا، ويسمُّون أنفسهم نسبةً إلى لغتهم “دَزَگدا” أي الذين يتكلمون الدَّزَگا.
كما تقطن قبائل دُوْزَهْ منطقة فايا،وهم أقرب إلى التُّبُو، أو لنقل هم عِرق انتقالي يمثل حلقة وسطى بين التُّبُو والأعراق المجاورة لهم، وهم حاليا حلفاء التُّبُو وأصهارهم، بحسب التقاليد التُّبُوية التي تمنع زواج الأقارب حتى الجد
السابع. كما أنهم يتكلمون لهجة دَزَگا، بينما يتحدث بعضهم لهجة تَدَگا، وفقًا لعَلاقاته القرابية وقرب استيطانه إلى إحدى المجموعتين.
ويلفت إلى أن التُّبُو عرفوا تاريخيا بأنهم بدو رحل يمتهنون الرعي، وبالرغم من صلات المصاهرة والتحالف التي تجعل قبائل التُّبُو كتلةً عشائرية متميزة من ناحية التكوين الاجتماعي إلا أنهم ينقسمون تحت هذه المظلة الاجتماعية الكبيرة إلى عدة وَحَدات بحسب خاصتهم من المراعي وممتلكاتهم من قطعان الإبل والمواشي، من جهة، وبحسب انتماءاتهم القبلية التي تؤهلهم مسبقًا لتبوُّؤ مكانتهم ضمن الفئات الأربع التالية:
• أولا الأعيان: ويكون مصدر ثرائهم من التجارة، إلا أنهم يمثلون بشكلٍ ما أرباب عمل بقية التجار، ونادرًا ما يسافرون. – ثانيا التجار: وهم طبقة أدنى من الأعيان، إلا أنهم يمثلون قبائلهم أثناء سفرهم للتجارة ولقائهم بالقبائل المجاورة والمناطق المتاخمة.
• ثالثا الفلاحون: وهم قليلو العدد نسبة إلى التجار.
• رابعا الحدَّادون: وهم أيضًا قليلو العدد، والحدادة مهنة محتقرة لدى التُّبُو، إلا أن الحدادين مُهَابون لارتباطهم في اعتقاد التُّبُو بالسحر والقدرة على استنزال القوى فوق الطبيعية.
• وأخيرا المغنُّون: وهم الأقل عددًا بين الفئات السابقة، وغالبًا ما يكون المغنون من فئة الفلاحين.
ويرى المحجوب أن قبائل التُّبُو تعتمد في تحديد مرجعيتها الاجتماعية على تداول المشيخة (السلطنة) بين القبائل المعروفة، والشيخ أو السلطان (دَرْدَيْ) الذي يؤول إليه التحكيم يصبح مرجعًا تعود إليه جميع القبائل، وإليه تحتكم من أجل الفصل بين النزاعات والاستشارة، فهو من الناحية الواقعية أقرب إلى القاضي، إذ لا يمارس غير ما ذكرنا من سلطات، ما لم يتميز بمظهر من الهيبة (كاريزما) تؤهله لقيادة شيوخ وأعيان القبائل، وتمنحه سلطةً تُقابَل بالولاء من أبناء التُّبُو، كالسلطان شهاي مثلًا، ولا يتم استبدال السلطان إلا بعد وفاته، بينما يتوافق الجميع عادةً على تسمية خلفه في وقت مبكر، فإذا انتقلت السلطنة إلى قبيلة أخرى يصبح شيخها سلطان جميع القبائل تلقائيًّا، وهكذا.
وينحصر تداول المشيخة بين ثلاث عائلات من قبيلة تمارة، هي: لاي دُگا (أحفاد لاي) ـ أَرْدِي دُگا (أحفاد أردي) ـ أَرَمِي دُگا (أحفاد أَرَمِهْ). وتحتكم قبائل التُّبُو إلى شريعة مكتوبة تُعرف باسم كُتُبا، أو كُتُما، كما تسمَّى: تُگي، أو تُگي تِدا، ويُطلِق عليها المثقفون من أبناء التدا اسم “دستور التُّبُو”، وقد وضعها السلطان شهاي بوغر بالاستناد إلى أحكام الشريعة الإسلامية، لتنظيم معظم المعاملات الضرورية في مجتمع التُّبُو الرعوي، وخاصة ما يقتضي منها إصدار أحكام قضائية محددة، كما في حالات فض المنازعات والاقتصاص من القاتل وإلحاق العقوبات المادية بمرتكبي الجُرم. وقد كُتِبت شريعة الكُتُبا باللغة الفرنسية، وما زالت نسختها الأصلية موجودةً حتى هذا الوقت وهي في حراسة أعيان التدا.
وعن فنون التُّبُو الفلكلورية وتراثهم في الغناء والموسيقى يقول المحجوب إنها تتميز بسمات محلية تجعلها مختلفة عما عند غيرهم من قبائل الصحراء الكبرى، وإن تشابهت الأنماط العامة. ومما يُؤدى من هذه الفنون حتى اليوم: “هامي”: وهو فن شعري غنائي مادته المدح والهجاء، ترافقه إيقاعات الطبول. “شيلي”: وهو فن شعري غنائي تؤديه عجائز التُّبُو في مناسبات الزواج والختان.
أما الشعر مجردا ـ أي دون إيقاعات ورقص ـ فهو من سمات الرجولة عند التُّبُو، ويؤدَّى بنمط غنائي خفيف وتتوزع أغراضه كما في الشعر العربي بين الفخر والتباهي والترويح، ونادرًا ما يعمِد الشاعر إلى الغزل. ومن آلات الطرب عند التُّبُو: “كيدي”: طبل يُعرَف في أجزاء أخرى من الصحراء وشمال أفريقيا باسم “دَنْگا”.
وتؤدَّى على إيقاعاته أنماط من الفنون الغنائية التي يرافقها الرقص عادةً. ومن هذه الأنماط: “يوري” وهي رقصة حرب إيقاعية، و”طزَّا” وهي رقصة ترافق مواكب الأعراس، و”كيدي أدبا” وهي رقصة خاصة بالنساء والفتيات على شكل دائرة. “نقارة”: طبل أصغر من “كيدي”، وإيقاعاته أدق وأكثر رنَّةً، ويُستخدم عادةً في الإعلان عن المناسبات، أو لدعوة القبيلة للاجتماع، أو كنفير للاستعداد للحرب. “شگاني”: آلة وترية تشبه الربابة، تُصنع من جريد النخل، وقرع صحراوي مجفف أو إناء معدِني، ووترين متجاورين. “كيكي”: آلة وترية تشبه الكمان، تُصنع من الخشب، وربما أُضيفَ لها أكثر من وترين.
ويكشف أن أعراف وتقاليد الزواج عند التُّبُو لا تكاد تختلف عن غيرهم من سكان الصحراء الكبرى، ولكن تقاليدهم تمنع زواج الأقارب حتى الجد السابع، وهي تشترط اتفاق أسرتي الخطيبين وقبيلتيهما، وألا يكون بين الطرفين ما يمنع عقد الزواج، كالثأر مثلًا. وتتولى أسرة الشاب الراغب في الزواج القيامَ بكل المراسم المتوقعة، دون أن يشترط ذلك لقاء الشاب بالفتاة أو محادثتها.
إن الاتفاق على المهر هو الخطوة الأولى، ويتقاضاه والدا الخطيبة وأقاربها من الأعمام والعمات والأخوال والخالات، أما الملبوسات والحلي فيتم إرسالها على جمل في يوم يسمى “العلغة” الذي يسبق يوم الوليمة، ثم يُحجر على الفتاة وتُمنع من الخروج، في انتظار الزفة التي يكون موكبها من الجمال والمغنين وقارعي الطبول وحاملي المباخر، وبين الفينة والفينة يتوقف الموكب فتحيط نصف دائرة من النسوة بأحد الراقصين وترافقه دقات الطبول إلى أن يُتمَّ رقصته، وهكذا حتى يصل الموكب إلى البيت حيث ينتظر العريس.
ومن عادات التُّبُو أن يقوم العريس بالوقوف على عتبة البيت وجلدها بسَوط في يده اليمنى اعتقادًا منهم بأن ذلك يطرد الأرواح الشريرة، ومن عاداتهم أيضًا أن يعتكف العروسان فلا يخرجان من بيتهما طوال الأسبوع الأول.