قاعة فنون بألمانيا تقدم الحساء للفقراء بدلا من استضافة الأثرياء لشراء القطع الفنية

مشروع خيري يستضيف الجوعى في قاعات عرض للأعمال الفنية.
الاثنين 2023/04/17
ابتسامة واسعة في عالم الفن

بون (ألمانيا) - يغرف رجل ذو لحية قدرا من الحساء في فنجان، ويلتقط تفاحة ويبدأ في الخروج من المكان، وقبل أن يغادر يستدير ويقول للفنان دينيس جوزيف ميسيج “ليتك تبقى هنا إلى الأبد”، ويرد عليه ميسيج الذي يقف خلف إناء كبير من الحساء العضوي بابتسامة واسعة. ولكن ميسيج فنان النحت والأداء المسرحي لا يستطيع أن يلبي طلب الرجل، ويوضح أن السبب في ذلك أنه ضيف على قاعة عرض الأعمال الفنية هذه، وأن المشرفين على القاعة سيعودون في ما بعد إلى استضافة أنشطة أكثر ربحية في عالم الفن.

والقصة هي أنه في الوقت الحالي يقوم الفنان بتوفير الحساء العضوي مجانا يوميا، خلال الفترة من الخامسة حتى الثامنة مساء، في قاعة عرض الفنون الحديثة الكائنة في البلدة القديمة بمدينة بون بالشمال الغربي من ألمانيا، وهي منطقة تاريخية بديلة تلقى إقبالا من جانب الطلاب.

ويقول ميسيج إنه بدأ مشروعه الخيري الذي يمتد طوال شهرين في يناير الماضي، وهو الوقت الذي يكون النهار فيه قصيرا زمنيا والليالي شديدة البرودة، بينما تتلاشى ملامح احتفالات أعياد الميلاد لتصبح ذكرى بعيدة.

ويضيف أن أصحاب القاعة شعروا في البداية بشيء من الدهشة عندما أخبرهم أنه لا يعتزم عرض أي قطع نحت أو أي أعمال فنية أخرى.

وراقت الفكرة لأصحاب القاعة بعد أن شرحها ميسيج لهم، ومع ذلك ظهرت مشكلة حيث اتصل أحد الجيران الذي لم يقتنع بفكرة استضافة الجوعى بالقاعة بالمسؤولين المحليين وتقدم بشكوى ضد المشرفين عليها. غير أن كثيرين آخرين رحبوا بالمشروع، وتبرعوا بالمال أو الطعام للمحتاجين، ويلخص ميسيج وضع الاستقبال المحلي للفكرة بشكل عام بأنه إيجابي.

تتباين طبيعة وهوية الأشخاص الذين يترددون على القاعة لتناول الحساء الدافئ، فبعضهم يعاني من الإدمان، والبعض الآخر من اللاجئين الذين يتحدثون بعض المفردات الألمانية

ويوضح الفنان وجهة نظره والدافع لتنفيذ مشروعه، فيقول إنه بصفة عامة عادة ما يكون الناس الذين يترددون على قاعات عرض الأعمال الفنية من ذوي الدخول العالية، والذين يريدون دعم الفن كما يسعون للحصول على دعوات لحضور افتتاحات المعارض الفنية في أماكن راقية. ويضيف إن “هذا بالضبط هو ما أريد تغييره، أي التخلص من الأغنياء وأيضا التخلص من تناول الشمبانيا في حفلات افتتاح المعارض، وإدخال الفقراء بدلا منهم، وكذلك تناول الحساء بدلا من الشراب غالي الثمن”.

ونجح في استئجار القاعة بسعر منخفض، ويقول “إنني أنظر إلى هذا المشروع باعتباره استثمارا في مجال تدريبي الفني، حيث يتيح لي تجارب فنية ثرية مع شريحة المحتاجين، كما أنني أريد أن أرد الجميل للكون بالتبرع بهذا النذر القليل”.

وعندما كان ميسيج صغيرا خرج من بيته، وعاش على حد قوله في الشوارع لفترة طويلة، ولهذا السبب فإن المشروع يمثل أهمية شخصية للغاية بالنسبة إليه.

وتتساقط الثلوج خارج القاعة، وتقول امرأة حصلت على آنية من الحساء “إنني أخبرت كثيرين عن هذا المكان، وهم يشعرون بالحماس تجاهه”.

وفي الأيام الأولى من بداية المشروع كانت القاعة خالية نسبيا، ولكن في اليوم الخامس امتلأت عن آخرها، ويعلق ميسيج على هذا التطور بقوله “في تلك الأمسية وزعنا 20 لترا من الحساء”.

وانتهى به الحال لأن يوزع نحو 100 سلطانية من الحساء يوميا، وفقا لما ذكره الموقع الإلكتروني لمشروعه.

وتتباين طبيعة وهوية الأشخاص الذين يترددون على القاعة لتناول الحساء الدافئ، فبعضهم يعاني من الإدمان، والبعض الآخر من اللاجئين الذين يتحدثون بعض المفردات الألمانية، أو لا يفهمونها على الإطلاق، والبعض من الأشخاص بلا مأوى.

18