قاعات سينما في الخليج تتزين بزهري باربي

الفيلم يتناول استقلالية المرأة وعملها في مجالات تُعتبر حكرًا على الرجال.
الأربعاء 2023/08/23
السينما تقبل النقد

رغم أن بعض الدول في الخليج منعت عرض فيلم باربي إلا أن دولة الإمارات والسعودية والبحرين تعرضه في القاعات ويشهد إقبالا كثيفا خاصة من الشباب، رغم الانتقادات التي أتت أغلبها ممن لم يشاهدوا الفيلم.

دبي - يثير قرار بعض دول الخليج عرض فيلم “باربي” في السينما جدلا واسعا في مجتمعاتها المحافظة، بين منتقدين تحدثوا عن مساس بقيمهم الدينية والاجتماعية ومرحّبين مبتهجين وسط طفرة في اللون الزهريّ تجتاح الأزياء والأكسسوارات من وحي عالم هذه الدمى.

يُعرض الفيلم حاليًا في السعودية والإمارات والبحرين التي سبق أن منعت عرض أفلام تتخللها مشاهد تشير إلى مجتمع الميم، بينما منع الفيلم في الكويت.

في إحدى دور السينما في مرسى دبي، تلتقط نساء وفتيات ارتدين اللون الزهريّ وبعضهنّ حملن علب بوشار زهريّ اللون حلو المذاق، صورا داخل مجسّم كبير يتوسط بهو السينما للترويج للفيلم، ويشبه العلبة التي توضع فيها الدمية على رفوف المتاجر.

وكانت مجموعة شابات إماراتيّات متحمّسات للغاية لمشاهدة الفيلم. وقالت إحداهنّ وتُدعى وديمة العامري (18 عاما)، “لم نكن نتخيّل أن يُعرض مثل هذا الفيلم في دول الخليج”.

وقالت منيرة (30 عاما) التي لم تكشف عن اسم عائلتها، إن بناتها اللواتي وصفتهنّ بأنهنّ “ثلاث باربيات” وقد ارتدين فساتين زهريّة، يرغبن في مشاهدة الفيلم. لكن يبدو أنها لم تكن مدركة بأن الفيلم مخصص في الإمارات للذين تتجاوز أعمارهم الـ15 عاما فقط.

وأضافت الأمّ السعودية “إذا كان الفيلم يتضمّن مبادئ أو مفاهيم مختلفة عن تلك التي نؤمن بها، لا ينبغي عرضه في السعودية أو في دول الخليج، لكننا أتينا لنعطيه فرصة”.

في بلادها التي تشهد منذ تولي الأمير محمد بن سلمان عام 2017 ولاية العهد، انفتاحا اجتماعيا شمل إعادة فتح دور السينما بعد إغلاق استمرّ عقودا، يتمّ الترويج للفيلم بكثافة.

Thumbnail

فقد انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات بعنوان “باربي السعودية”، تُظهر توزيع أزهار على نساء ارتدين عباءات تقليدية زهريّة خلال أول عرض للفيلم في الرياض.

في دبي أيضا، انتشرت عدوى باربي في كلّ مكان، وصولا إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتحويل صور أهمّ معالم الإمارة إلى ما يشبه عالم باربي في منشورات تشاركها كثر على شبكات التواصل. كما جرى تداول فيديو مركّب يُظهر دمية عملاقة ثلاثية الأبعاد تخرج من علبتها إلى جانب برج خليفة، أطول مبنى في العالم.

وفي البلدين، طرح العديد من المطاعم أطباقا ومشروبات مستوحاة من عالم باربي. كما خصّصت بعض متاجر الألبسة والأحذية والأكسسوارات زوايا خاصة بمنتجات باربي.

لكن كل هذه الطفرة لم تمنع الانتقادات.

في دبي، قالت السعودية حنان العمودي التي لا ترغب في مشاهدة الفيلم، “نؤيّد الحريّة والانفتاح لكن بالنسبة لباربي سمعتُ أنه يهزّ الذكوريّة”، وأضافت المرأة المنقّبة “المرأة أصبحت تعتمد أكثر على نفسها، وهذا أمر لا نختلف عليه، لكن أن يصبح الرجل مثل المرأة لناحية التبرّج واللباس وأمور أخرى، فهذا أمر لا يعجبني”.

ويتناول فيلم “باربي” استقلالية المرأة وعملها في مجالات تُعتبر حكرًا على الرجال. في عالم مثاليّ تحكمه الباربيات، لا يشغل الرجال مناصب مهمّة ويبدون تابعين لنساء متمكّنات يتمتّعن بجمال نموذجي. لكن سرعان ما يروق لكين المغرم بباربي، مبدأ النظام الأبوي الذي اكتشفه في عالم البشر، ويقرّر تطبيقه في عالم الدمى، فيفشل.

رغم أن الكثير من نقّاد الفنّ والسينما أعجبهم الفيلم، إلا أن بعضهم أعربوا عن خيبة أملهم.

Thumbnail

ورأت الصحافية الكويتية شيخة البهاويد أن باربي “من أكثر الأفلام فشلا، إذا ما كان أفشلها، في طرح الفكرة النسوية”، مشيرة إلى أنه “يطرح نسوية بيضاء واستعمارية وسطحية”.

وأوضحت أن “النسوية لا تقوم أبدا على استبدال نظام أبوي بنظام أمومي، إنما أن تصل البشرية إلى نظام مبنيّ على المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص”.

في بلادها حيث مُنع عرض الفيلم بحجّة أنه “يخدش الآداب العامة”، شاهدت الصحافية الفيلم عبر مواقع إلكترونية غير مرخّصة.

وقالت البهاويد “مهما حاولت باربي أن تضع صبغة تمكين المرأة، ستبقى بحدّ ذاتها نموذجا مخالفا للفكر النسوي لأنّها صورة نمطية ولديها معايير جمال محددة، واللون الزهريّ الذي يرمز لها، يقسّم الأدوار الجندرية”.

في البحرين، اعتبر الداعية الإسلامي حسن الحسيني على حسابه على إنستغرام الذي له مليون متابع، أن الفيلم يدعو إلى “الثورة ضد فكرة الزواج والأمومة”، ويُظهر الرجال “بلا رجولة” أو “مثل الوحوش”. وانتقد مشاركة ممثلة متحوّلة جنسيا في الفيلم، داعيا المسؤولين في البحرين إلى وقف عرضه.

وقالت السعودية ريفان العامودي (18 عاما) “من الجميل أن تعمل المرأة وأن تعتمد على نفسها… لكن جسمها ليس كجسم الرجل، هي قادرة على أن تفعل كل شيء مثل الرجل، لكن بحدود”.

18