قاتل الصحافية الكويتية يخرج من سجنه "صاحب قضية"

الكويت - تحوّل إطلاق سراح الضابط الكويتي السابق خالد نقا العازمي المدان بقتل الإعلامية هداة السلطان قبل نحو 18 عاما إلى احتفالية، تحدّث خلالها نقا كصاحب “قضية”، طالبا “المغفرة” لضحيته.
وتمكّن نقا المحكوم عليه بالسجن المؤبّد من استعادة حرّيته بعفو خاص بعد دفع فدية مالية ضخمة، بلغت قيمتها 33 مليون دولار وتمّ جمعها خلال حملة تبرّعات قامت بها قبيلة العوازم التي ينتمي إليها.
وقتل نقا العازمي الذي كان يعمل ضابطا في القوات الكويتية، هداة السلطان بطلقات من مسدّس داخل سيارتها في مارس 2001. وتمّ تفسير الجريمة بأنّها ردّ على مقال كتبته الصحافية آنذاك في مجلّة “المجالس” التي كانت تترأسها، موضوعه لون من ألوان الغناء الشعبي في الكويت يعرف بـ”خماري”، وأشارت فيه بشكل عرضي إلى أنّ مؤديات الرقصات اللاتي كن يصاحبن الغناء هن من قبيلة العوازم.
وأثناء حملة جمع التبرّعات لدفع الفدية الضخمة لإنقاذ نقا من السّجن، نفى كبير القبيلة المذكورة فلاح بن جامع، أن تكون الراقصات (اللاتي تحدّثت عنهنّ السلطان في مقالها) من قبيلته قائلا “إنّهن كن يجلبن من البصرة في جنوب العراق”. وأثار ذلك التصريح حالة غضب في المحافظة العراقية التي تجمّع عدد من سكانها أمام مقرّ القنصلية الكويتية وأنزلوا العلم من فوقه. وكاد الأمر أن يتطوّر إلى أزمة دبلوماسية بين العراق والكويت، لولا احتواؤه بجهود رسمية وتقديم ابن جامع اعتذارا علنيا للعراقيين عبر مقطع فيديو.
كويتيون يعتبرون دفع الفديات تجشيعا على قتل قادة الرأي، وتكريسا لقاعدة شاذة مفادها "اقتل غدرا وادفع نقدا"
وكانت الإعلامية القتيلة من الشخصيات العامّة المعروفة بنَفسها التحرّري ودفاعها عن قضايا المرأة الكويتية ودعوتها إلى التمكين لها، فيما المجتمع الكويتي لا يزال إلى اليوم خاضعا لنظم تقليدية تصل إلى حدّ الانغلاق وتغذيها تيارات دينية وسياسية متشدّدة من بينها جماعة الإخوان المسلمين وبعض رموز السلفية.
وبدا أنّ خالد نقا وهو يغادر السجن الذي قضى فيه قرابة الـ18 سنة ما زال مؤمنا بـ”عدالة قضيته”، ملمّحا إلى أنّ الذنب يقع على ضحيته التي قال عنها “عسى الله أن يغفر لها ويرحمها”، دون أن يستغفر لنفسه على جريمة القتل التي ارتكبها واعترف بها.
وسمّى الجريمة التي قام بها “محنة من المحن”، معتبرا كثرة المساهمين في جهود إطلاق سراحه من أبناء قبيلته وسائر القبائل الكويتية دليل وفاء من الشعب “لأمّته وإسلاميته”.
ورغم نجاح حملة التبرّعات التي مكّنت نقا من جمع مبلغ الفدية الضخمة، إلّا أن العملية لم تكن موضع إجماع في الكويت، حيث انتقدها البعض من زاوية أنّ هناك فئات أخرى أولى من قاتل الصحافية بالتضامن والتكافل الاجتماعي مشيرين على سبيل المثال إلى فئة عديمي الجنسية المصطلح عليهم بـ”البدون” والذين كثيرا ما يواجهون صعوبات في حياتهم اليومية بسبب وضعهم القانوني الشاذّ، فيما اعتبرها البعض الآخر عملية تشجيع على القتل، بما في ذلك قتل الشخصيات العامّة وقادة الرأي الذين التي لا تروق أفكارهم لدوائر نافذة ماليا وسياسيا وقبليا. وعبّر أحد المنتقدين على ذلك بالقول “فدية نقا المليونية تكرّس في الكويت قاعدة، اقتل غدرا وادفع نقدا”.
ومما أذكى الانتقادات لإطلاق سراح خالد نقا، انزلاق البعض وخصوصا من أفراد قبيلته، نحو تمجيده ومحاولة تبرير الجريمة التي اقترفها وتصوير إطلاق سراحه على أنّه إنجاز كبير للقبيلة.