في عيد الأم.. أمهات لبنان ينتفضن حسرة على بلد منهار وفقدان "فلذات الأكباد"

الأمهات اللبنانيات ينددن بالطبقة السياسية الحاكمة ويحمّلنها مسؤولية تدهور أوضاع البلاد.
السبت 2021/03/20
صرخة في وجه السياسيين

بيروت - يحلّ عيد الأم هذا العام بمشاعر مختلفة تختلج قلوب الأمهات اللبنانيات، اللواتي يشعرن بالألم والحسرة على بلد منهار وفراق فلذات أكبادهن، سواء من كانوا ضحية كارثة انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس الماضي، أو من اضطروا إلى الهجرة بحثا عن حياة أفضل.

ويصادف الاحتفال بعيد الأم في العالم العربي 21 مارس من كل عام، فيما تختلف تواريخ الاحتفال به من دولة إلى أخرى طوال العام.

والسبت شاركت المئات من الأمهات اللبنانيات في مظاهرات ومسيرات شعبية رفضا لتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وحمّلن الطبقة السياسية المسؤولية عن حياة أطفالهن.

ونظمت مسيرة في طرابلس تحت شعار “أمهات فقدن الأمل.. على الوطن السلام”، تندد بالطبقة السياسية الحاكمة، وتحمّلها مسؤولية تدهور الأوضاع العامة. 

وكان الانفجار الضخم الذي هزّ مرفأ العاصمة بيروت، أسفر عن مقتل 200 شخص وإصابة 6 آلاف آخرين، وفق تقديرات رسمية.

وما بين الغصة والدموع والأمل في توصل التحقيقات إلى معرفة من تسبب في الانفجار، يحل عيد الأم والجراح لم تندمل، حتى بات العيد خاليا من مشاعر الفرح والحب لـ”ست الحبايب”.

ولم تستطع الأم يسرا نبها، والدة علي قاسم صوان، حبس دموعها وهي تحتضن صورة ابنها الراحل، قائلة “يا أمي، يا علي أنا لا أزال انتظرك في عيد الأم (..) مع رحيلك أخذت قلبي معك”.

ووجهت حديثها إلى المتسببين في انفجار المرفأ بالقول “الله ينتقم منهم ويعذبهم كما حرقوا قلبنا”. وأضافت بألم وحرقة “كيف يسمح لكم ضميركم أن تناموا في الليل وهناك شهداء استشهدوا منذ 7 أشهر ولم تتحركوا بعد”.

وتابعت “عيد الأم الذي تحتفل به دول العالم أجمع، حذف من رزنامة حياة أمهات الشهداء”. واستطردت “إن الله مع الشهداء، ومهما حاولوا التنصل من الحقيقة والتحقيقات، الله يعرف جيدا من السبب”.

غضب من السلطة
غضب من السلطة

وتطالب والدة علي بحق ابنها ممن تسببوا في الانفجار، وآخر كلماتها “كلما طالت الغيبة أفتقدك كثيرا، وإلى غاية اللحظة أنادي باسمك وصورتك بين يدي”.

أما "الحجة" بظاظا، والدة ملاك أيوب، إحدى ضحايا الانفجار، فقالت “استشهدت ابنتي وزوجها أمامنا، عندما كنا نجلس على مائدة الطعام بأحد المطاعم القريبة من المرفأ”.

وتابعت “الله لا يسامح من كان السبب، أصعب الأوقات أن تستشهد ابنتك أمامك، بلحظة تغير كل شيء، كنا في المطعم وعدنا من دونهما”.

وأردفت “كانت تنهمك بالتحضيرات قبل أسبوع من المناسبة (عيد الأم) وتجلب لي الهدايا، أما الآن فغابت الفرحة عني”.

واستكملت “بعد استشهاد ابنتي وزوجها مرضت، حتى زوجي مريض”، وخاطبت المسؤولين قائلة “الله لا يسامحكم، خسرنا بسببكم أغلى ما نملك”.

وتقول ممتازة أبومرهج، والدة قيصر فؤاد أبومرهج، إنها “والدة الشهيد”، بعدما لقي ابنها مصرعه في الانفجار، لتنهمر الدموع من عينيها وهي تنظر إلى صورته.

وخلال حديثها تذكرت كيف كان ابنها الراحل يحتفل معها بعيد الأم، ويسارع لإحضار هدية لها، بغية إدخال البهجة إلى قلبها.

وتحدثت ريتا بطيش، أم جورج معلوف، بحزن وتأثر كبيرين، قائلة “والدة حُرِمت من ابنها لا تستطيع أن تستوعب حتى اللحظة هول الكارثة”.

فيما قال الأب إلياس معلوف إن زوجته تنادي كل صباح جورج وتطلب منه العودة إلى الحياة من جديد علّه يرد الحياة إليهما.

ويبدو العيد أيضا في أوساط الأمهات اللواتي هاجر أبناؤهن مع اشتداد الأزمة الاقتصادية حزينا، لا ورود ولا حلويات، و”صاحبات العيد” حائرات تختلط داخلهن أوجاع كثيرة.

تفكر الأم رجينا قنطرة، بأولادها وأحفادها في هذه المناسبة، بعدما هاجروا إلى الخارج بحثا عن فرص جديدة ومستقبل أفضل.

وقالت قنطرة إنها حزينة في هذا العيد، لكن "لدي آمالا بأن لبنان سيكون أفضل مستقبلا”.

وتقول لينا حمدان “أولادي الخمسة خارج لبنان ولن يعودوا إليه إذا لم تتغير الأحوال”، معربة عن أمنيتها في أن “تتغير الأوضاع في لبنان ليعود أولادي من جديد إلى الوطن”.

ولبنان معروف بهجرة مواطنيه، فحسب إحصائية إدارة الإحصاء المركزي اللبنانية (رسمية) لعام 2019، يعيش بالبلد 4 ملايين مواطن، وخارجه نحو 16 مليون آخرون.

وتعيش البلاد، التي تتصارع فيها مصالح دول إقليمية وغربية، أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990، ضاعفتها تداعيات جائحة كورونا، وانفجار مرفأ بيروت الكارثي.

وجراء خلافات سياسية، يعجز لبنان عن تشكيل حكومة جديدة لتحل محل حكومة تصريف الأعمال الراهنة، برئاسة حسان دياب، التي استقالت بعد 6 أيام على انفجار المرفأ.

دعوات لرحيل الطبقة الحاكمة
دعوات لرحيل الطبقة الحاكمة